واقع إقتصادي مأساوي.. والإصلاحات Waiting list | أخبار اليوم

واقع إقتصادي مأساوي.. والإصلاحات Waiting list

| الإثنين 08 أغسطس 2022

 لا شك أن أزمة لبنان الإقتصادية متشعبة الأسباب، إنما العنوان العريض الذي يصلح أن يوّصفها هو سوء التخطيط وسيطرة السياسة على آلية التنفيذ وتأثيرها على أي إستحقاق إقتصادي او خطة إقتصادية، وآخر هذه الإستحقاقات الإتفاق الذي وقعّته الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان.

وبحسب الإتفاق المبدئي، تسعة إجراءات مسبقة كان من المفترض ان يبدأ العمل بها فور التوقيع، إذ يتوقّع صندوق النقد أن تطبّقها السلطات اللبنانية قبل أن يوقّع بشكل نهائي على 3 مليارات دولار. لم يصل أي إجراء من هذه الإجراءات الى خواتيمه قبل الإنتخابات النيابية، ورُحّل كل شيء الى ما بعد الإنتخابات النيابية، لتنغمس بعد الإنتخابات مختلف الأطراف بتدوير الزوايا لمكسب سياسي من هنا وموقع من هناك ومخرج يناسب مصالحها، وبقي الإتفاق مع صندوق النقد على "لائحة الإنتظار".

في ظل هذه الأزمة الإقتصادية والسياسية، وفي ظل هذا الأداء "البارد" من المعنيين، لا حلول واضحة في الأفق، وتحديداً في الشهرين المقبلين حتى إنتخاب رئيس جمهورية.

وترّجح مصادر ان تبدأ الأمور في التحسّن إذا إنتخِب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهل الدستورية، وإذا فشل إنجاز هذا الإستحقاق وحلّ الفراغ، فحالتنا ستكون مأساوية، فلن تتوافر إعتمادات في المصرف المركزي لشراء القمح والأدوية والمحروقات، هذا عوضاً عن الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، على أن تكون السوق السوداء المصدر الرئيسي للدولار.

ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل في حوار مع "نيوزفوليو" اننا "نمر في أزمة عميقة ولا يجب أن يكون الواقع السياسي عائقا، وفي رأيي كان يجب ان يبدأ العمل على تطبيق الإجراءات الأولية في اليوم الذي تلا توقيع الإتفاق مع الصندوق، علماً ان الإتفاق وقّع في 7 نيسان الماضي"، مشيراً الى أنه بعد أن إنتهت إنتخابات مجلس النواب، وكلّف الرئيس ميقاتي، أصبح التركيز على الإنتخابات الرئاسية عوضاً عن تشكيل حكومة، إذ كان يمكنهم البدء بعملية المسار الإصلاحي ويعطى في نفس الوقت حيزٌ للحديث عن الإستحقاق الرئاسي.

ويشدد غبريل على أن "أي برنامج تعافي إقتصادي يجب ان يكون عنوانه إستعادة الثقة، وثانياً يجب ان يكون مبنيا على الحفاظ على هوية لبنان الإقتصادية، اي إقتصاد حر منفتح على العالم وتحديداً على العالم العربي وثالثاً يكون عاموده الفقري القطاع الخاص والمبادرة الفردية، وهما مصدر إستقطاب الإستثمارات ويساهما في خلق فرص عمل ويكون بالتالي القطاع العام مكملا لعمل القطاع الخاص وليس عائقا او عبءا على القطاع الخاص والإقتصاد".

ويلفت غبريل الى أن "هناك مشكلة ثقة، أكان بالنسبة للمجتمع الدولي او أصدقاء لبنان او القطاع الخاص والمواطن اللبناني"، مشيراً الى انه "لا يمكن ان يتوقف كلّ شيء لنرى ماذا سيحصل في الموضوع الرئاسي، إذ أن مجلس النواب سيّد نفسه ويمكن أن يقرّ قوانين، ويمكن لحكومة تصريف الأعمال إنجاز الكثير من الأمور".

في غضون ذلك، إن توحيد سعر الصرف أحد الإجراءات المسبقة المطلوبة من ضمن الإتفاق مع صندوق النقد، وليتمكّن الإقتصاد من العمل بشكل طبيعي، يجب ان يكون هناك سعر صرف موّحد يحدّده سوق العرض والطلب في السوق، ويعتبر غبريل أن توحيد سعر الصرف موضوعا حساسا، ويجب ان يكون الإجراء الأخير، خصوصاً أنه يحتاج الى بيئة إقتصادية ملائمة، أي جو من الثقة، جو الإصلاحي وجو من النمو الإقتصادي.

ويضيف: "كذلك أعتقد أنه لا يجب ان يكون من ضمن الإجراءات المسبقة".

ومن جانب آخر، يشدد غبريل على أنه كان يجب ان تتضمّن الإجراءات المسبقة نقاطاً إضافية كمعالجة قطاع الكهرباء من خلال إنشاء هيئة ناظمة، رفع التعرفة وأيضاً معالجة فائض الوظائف الوهمية في القطاع العام والتهرب الضريبي وتفعيل الجباية، إذ إن هكذا إجراءات تعطي ثقة، خصوصاً ان الإقتصاد يحتاج الى ثقة، وكل هذه الأمور تعطي ثقة حتى نصل الى توحيد أسعار الصرف.

ويشير غبريل الى أنهم يتحدثون اليوم عن الدولار الجمركي كخطوة للاتجاه نحو سعر صرف آخر، لكنه ليس الإجراء الذي يوحّد سعر الصرف، خصوصاً أن السوق هو الذي يحدّد سعر صرف الدولار اليومي ويتدخّل مصرف لبنان للجم التقلبات الحادة، لذلك هذا موضوع من الضروري ان يحصل بتأنٍّ.

ويشار الى أنه بعد الإنتخابات النيابية إتخذت سلسلة من الإجراءات، إنما ببطء، وليس بوتيرة تحاكي عمق الأزمة الإقتصادية والحاجة الى الدفع نحو حلول جذرية. ومنذ الإنتخابات وحتى اليوم أٌقرّ مؤخراً تعديل قانون السرية المصرفية الذي يعتبر واحداً من الشروط المسبقة في الإتفاق مع الصندوق، فيما تحذّر بعض الجهات القانونية من الغاء السرية المصرفية بحجة مكافحة التهرب الضريبي لوجود القانون الرقم ٢٠١٥/٤٤، معتبرة أن إلغائها يكشف الناس بغياب معايير في جو من الفساد السائد، بالإضافة الى غياب الضمانات التشريعية لحماية الخصوصية وحقوق الدفاع.

وحول مشروع الكابيتال كونترول، يوضج غبريل أن "دولة الرئيس الياس أبو صعب شكّل لجنة من الخبراء، وتمّ درس بنود المشروع وأعطت اللجنة ملاحظاتها عليه، والتي ستحال الى لجنة المال والموازنة لتؤخذ في عين الإعتبار".

أما بالنسبة للموازنة، فهناك مؤشرات حول إمكانية عقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي قريباً، كما أنه تعقد اجتماعات مكثفة للإنتهاء من الموازنة في فترة قصيرة، على أن تقرّ في المجلس قريباً".

وفي خصوص قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، يفيد غبريل أنه "تتم كتابته حالياً، فهو قانون تقني ومعقّد ويحتاج الى وقت ولم تنته كتابة نصه بعد ليرسل الى مجلس النواب".

وفي سياق متصل، ثمة إجراءات  تتحدث عن مهل زمنية وضعتها الحكومة في خطتها للإنقاذ الإقتصادي قبل أن تصبح حكومة تصريف أعمال، ومن المفترض قبل نهاية السنة ان تكون هذه الإجراءات المسبقة طُبقّت او بدأت تطبّق.

والى أن يصعد الدخان الأبيض من المجلس النيابي ومجلس الوزراء، اللبناني رهينة الإستحقاقات دون أن يأبه أحد الى كيف سيؤمّن قوت يومه وطبابته وتعليمه وأبسط إحتياجاته وحقوقه..

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار