لبنان حاضر في العمل
على الارجح أنكم سمعتم اقله مرة واحدة عن "متلازمة ستوكهولم"، فهي احدى أكثر المتلازمات تأثيرًا على الثقافة الشعبية وارتبطت بأكثر من عمل فني بشكل غير مباشر، كما ان البعض يستخدمها في سياق الحديث عن الوضع اللبناني معتبراً ان شعبنا يعاني منها بفعل تعلقه بالطبقة السياسية رغم انها قضت عليه على مدى عقود.
متلازمة ستوكهولم هي استجابة نفسية يبدأ فيها الرهينة أو المخطوف أو الضحية بالتعاطف مع خاطفيه، وكذلك مع أجندتهم ومطالبهم، وقد جاء بهذا بالمصطلح الطبيب النفسي نيلس بيجروت عام ١٩٧٣ بعدما وقعت عملية سطو مسلح على بنك من قبل شخصين احتجزا ٤ رهائن في قبو المصرف لمدة ٦ أيام، وأجرت احدى الرهائن، كريستين إنمارك، مكالمة هاتفية برئيس الوزراء السويدي لتطلب منه ألا يدع الشرطة تهجم عليهم، مؤكدة أنها تشعر بالخوف من الشرطة وتود أن تهرب مع اللصين.
هذا العام، قدمت لنا منصة نتفليكس العمل الأكثر ارتباطًا بهذه الحالة النفسية وهو مسلسل Clark الذي يأخذنا في رحلة إلى تاريخها. يدور المسلسل حول واحد من أكثر المجرمين شعبية في تاريخ السويد، وهو اللص كلارك أولوفسون الذي تسبب في ظهور مصطلح "متلازمة ستوكهولم"، بعدما سحر العالم بأسلوبه ووضع الكثيرين في صفه على الرغم من تاريخه الإجرامي.
لكن هذه القصة ليست كل ما يدور حوله المسلسل، فهو يروي السيرة الذاتية لأولوفسون – الذي يجسد دوره بيل سكارسجارد – مستعينًا بكتاب السيرة الذاتية الخاص به، ويستكشف حياته بأكملها من الطفولة العنيفة في الأربعينات إلى أن تم القبض عليه في الثمانينات. وللبنان حصة في المسلسل لن نغوص في تفاصيلها في هذا المقال، لكن الأكيد ان لبنان المسلسل لا يشبه لبنان الحقيقي في الحقبة التاريخية التي تطرق اليها العمل.
المسلسل المكون من ٦ حلقات يروي قصة اللص من وجهة نظره هو، فهو "مأخوذ عن حقائق وأكاذيب كلارك أولوفسون"، أي أن المخرج جوناس أوكيرلوند يعلم بمدى إفراط المجرم في التعظيم من ذاته ولذلك أحيانًا يعرض الأحداث كما ذكرها كلارك ويعرض الحقيقة التي تختلف عنها تمامًا.
يستكشف المسلسل خلفية أولوفسون ويعرض طفولته مع والد سكير وعنيف وأدت إلى بناء أحد أعظم المجرمين في تاريخ السويد، كما يعرض المسلسل أوهام البطل المتكبر وهو ما يظهر حين يصر على وصف نفسه بأنه ساحر للنساء في حين ان جميع النساء التي في حياته عانين من تجاربهن معه، حتى أن الكاتبة سوسي كورسنر التي تتعاون معه على كتابة سيرته الذاتية تراه لحقيقته وتصفه بالاستغلالي بغض النظر عن الصورة العظيمة التي حاول أن يرسمها لنفسه أمامها.
حصل المسلسل على اشادات نقدية عدة على رتمه السريع وأسلوب المخرج الفريد من نوعه وأداء سكارسجارد الذي تمكن من لعب الشرير المتغطرس بحرفية، وهو عمل يستحق المشاهدة إذا كنتم من هواة هذا النوع من المسلسلات.