كتب عضو "الجبهة السياديّة من أجل لبنان" الدكتور شربل عازار تحت عنوان، أربعون سنة بين مشروعين:
احتفل حزب الله بذكرى مرور أربعين سنة على تأسيسه، وتبارت قياداته على مدى أسابيع في الحديث عن بطولات إلهيّة بوجه الشيطان الأصغر العدوّ الصهيوني الغاشم والشيطان الأكبر أمريكا.
نتطلّع حولنا فنرى أميركا لا تزال القوة الأعظم على وجه الكرة الأرضيّة ونرى إسرائيل تصول وتجول في معظم أرجاء الدول العربيّة وكأنّها في بيتها وهي ليست مرعوبة أبداً من إمكانيّة إزالتها من الوجود كما تُبَشّرنا تهديدات محور الممانعة، وهي تهديدات تزيد كثافتها أضعافاً وأضعاف عن الطلعات الجويّة الاسرائيليّة التي تقصف حيثما تشاء دون ان يرفّ لها جفنٌ من الردّ الصاعق الموعود في يومٍ ما.
وبالمقابل ماذا جنى لبنان والشعب اللبناني بعد مرور أربعين سنة على وجود هذه المقاومة التي لا تنفكّ إيران تُخبرنا أنّها صنيعتها وأنّها باتت تشكّل أهمّ قوة بريّة في الشرق الأوسط، وهذا الكلام يأتي في سياقه الطبيعي بعد أن تباهت الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بسيطرتها على أربع عواصم عربيّة من ضمنها بيروت وبأنها أنشأت فيها ستة جيوش رديفة لها تدافع عن مصالح إيران الخارجيّة ومن أهمّها حزب الله.
طبعاً نحن لا ننتظر المسؤولين الايرانيّين ليخبرونا بكلّ ذلك فقيادات حزب الله تقول علناً وجهارا أنّها جزء لا يتجزأ من المحور الإيراني وأنّ مأكلها ومشربها والرواتب والتدريب والسلاح والصواريخ والمسيّرات والمال هو من إيران، وبكلّ فخر يُعلن السيّد حسن نصرالله بإسم حزبه أنّ "حبيبنا وسيّدنا وقائدنا ومرشدنا وإمامنا وحسيننا هو مرشد الجمهورية الاسلامية في إيران السيّد علي الخامانئي".
المهم ماذا جنى لبنان بعد مرور اربعين سنة من تأسيس حزب الله؟
الواقع يتكلّم، فقد جنى لبنان الانهيار الشامل ولم يَعد دُرَّة الشَرقَين وقد قدّم حزب الله أفضل هديّة للأعداء وهي إلغاء دور لبنان وعلّة وجوده.
فمن يأبه لدولة كلبنان لا ماء فيها ولا كهرباء ولا جامعة ولا مدرسة ولا مستشفى ولا مصارف ولا إدارة ولا ضمانات وليس لديها علاقات لا عربيّة ولا خليجيّة ولا دوليّة...
إلغاء دور لبنان ورسالته حلم لم تحلم به إسرائيل حتى في أجمل أوهامها.
في الوقت عينه كانت الذكرى الأربعين لانتخاب الشيخ بشير الجميّل رئيسا للجمهوريّة اللبنانيّة.
٢١ يوماً قضاها منتخباً لم يدخل القصر إلّا بزيارة بروتوكوليّة للرئيس الاستثنائي الياس سركيس.
٢١ يوماً سَرَى مفعولُ السِحرِ، وكأنّ لا حرب في لبنان استمرّت سبع سنوات. وكأنّ اللبنانيّين لم يتقاتلوا يوماّ. من كان خائفاً من وصول بشير العدوّ والخصم الى الرئاسة أحسّ بالطمانينة والأمان، وأحباب وأصدقاء البشير فهموا سريعاً أنُه أصبح للجميع ولم يَعُد لهم وحدهم، والكلّ بات تحت هيبة القانون.
الدولة انتظمت، وانتظمت الدوائر في كلّ الإدارات والمحافظات وحتى في السفارات في الخارج.
انتظمت المعابر والمرافئ والمرافق والعدليّة والمؤسسات...
انتظم اللبنانيّون لأنّ رئيسهم صادق وعادل ورجل دولة ومصلحة شعبه، كلّ شعبه وليس أتباعه، فوق كل اعتبار.
هلّل العرب والخليجيّون والاوروبّيون والعالم الحرّ الذي يريد الخير لهذا الوطن.
تقاطر سفراء ووزراء الدول ليدعموا لبنان واللبنانيّين
منذ اربعين سنة انتخب البشير، وفي ٢١ يوماً، ودون الولوج الى قصر بعبدا نقل لبنان من جحيم الحرب الى العلى ونادى بلبنان الواحد لجميع بنيه سنّةً وشيعةً ودروزاً ومسيحيّين يسوسهم دولة واحدة متماسكة وجيش شرعي أوحد وقضاء فوق الشبهات.
يا للفرق بين المناسبتين.
مرور أربعين سنة على إدخال لبنان في محور الصراعات والحروب والتعاسة والإفلاس وانهيار الدولة،
وذكرى مرور اربعين سنة على قيام دولة في ٢١ يوماً فقط.
الى نوّاب الامّة،
لا تخلو المقاومة اللبنانيّة ولا يخلو لبنان السياديّ من ألف بشيرٍ وبشير.
أحسنوا الاختيار.