مدرسة "حزب الله" الاقتصادية | أخبار اليوم

مدرسة "حزب الله" الاقتصادية

| الثلاثاء 30 أغسطس 2022

ثقافة "حزب الله" المنادية بالقتل والدمار تزيد من عزلة لبنان الدولية

"النهار العربي"- د.مكرم رباح

خلال الأسبوع المنصرم تداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلاً لأحد "قادة" "حزب الله" المدعو بلال نعيم، يتكلم عن خطة تنظيمه المسلح لمعالجة الانهيار الاقتصادي الحاصل، وهو بحسب المصادر يحمل دكتوراه في "علم ما" ويخدم كمعاون رئيس المجلس التنفيذي في "الحزب"، ما يجعل منه نموذجاً لطريقة تفكير أو لربما عدمه.

فبحسب نعيم، ان واحداً من أساليب معالجة الأزمة الاقتصادية اللبنانية يكون من خلال إعلان الحرب على إسرائيل، التي لسبب ما ستسمح لـ "المقاومة" بأن تدخل فلسطين وتسطو على المصارف الإسرائيلية التي تحوي خزناتها على مليارات الدولارات، أو بالأحرى "الشيكل" الموجود لديها، وبهذا يتمكن "حزب الله" من كسر "الحصار الغربي والأميركي المفروض على لبنان" الذي أوصل البلاد إلى قعر الفقر والمجاعة.

بطبيعة الحال يلجأ نعيم إلى القرآن الكريم لتبرير طرحه الذي يجعل من السرقة عملاً مقاوماً ويستشهد بسورة الأحزاب جاعلاً من سرقة أموال اليهود (بني قريظة) عملاً مشروعاً وحلالاً وفق قوله.

"وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا".
إنها "سفسطة" ليست بجديدة، بل هي سردية روج لها "حزب الله" خلال السنة الفائتة، والتي لأسباب عديدة توهم قسم من اللبنانيين، ومنهم معارضون للسلاح غير الشرعي، بأن الحرب هي السبيل الوحيد للنجاة من السقوط الأخلاقي والاقتصادي، وبأن سيناريو شبيهاً بحرب تموز بين "حزب الله" وإسرائيل من شأنه إعادة اهتمام المجتمع الدولي والعربي بلبنان، مع توهم بضخ الأموال فيه كما حصل بعد مغامرة "حزب الله" عام 2006.

ثقافة "حزب الله" المنادية بالقتل والدمار، كذلك نبرة نعيم المعادية للسامية جزء أساسي من سردية محور الممانعة، التي تزيد من عزلة لبنان الدولية وتخرج الصراع العربي الإسرائيلي من صفته الإنسانية الراسخة على الحق والعدالة.

اللافت في تصريح بلال نعيم هو اقتناعه بأن حزبه لا يتحمل مسؤولية السقوط المدوي للدولة اللبنانية واقتصادها، بل هو ينكر أن يكون حزبه المتهم والمسؤول عن شبكة كبيرة من الأعمال غير الشرعية التي تمتد من تهريب المحروقات والطحين والدواء إلى سوريا، بالإضافة الى تصنيع مخدر "الكبتاغون" وتهريبه إلى دول الخليج العربي. ويستفيد "الحزب" من التلاعب بالسوق السوداء للدولار والعملات الأجنبية، وفي الوقت عينه يصور نفسه معادياً للمصارف، ولسياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بينما هو المستفيد الأول من "بهلوانيات" و"شعوذات" المصرف المركزي وسلامة.

حين يعلن نعيم أفكاره للسطو على المصارف الإسرائيلية، يبدو أنه تناسى تحرير فلسطين و طريق القدس، فيكفيه وعناصر "الحزب" سرقة الأموال والعودة الى لبنان من دون تحرير الأرض. الكلام هذا ليس زلة لسان، فعكس ادعاء النظام الإيراني وزعيمه رغبتهم في تحرير فلسطين، تبدو كل نشاطات محور الممانعة تصب في مصلحة "اليهود". فترسانة الحرس الثوري وتهديده بتدمير الكيان الصهيوني ببضع دقائق على ما يبدو هي فقط تمهيد ناري لعملية سطو كبرى لا غير.

المقلق في كلام "القيادي" الخطيب هو اعتقاده أن المصارف الإسرائيلية تحتوي على المال بشكل عيني، وأن رجاله من "اللصوص" قادرون على وضع يدهم على تلك الأموال ونقلها على ظهور الدواب الى لبنان، فهو لا يعي بأن المصارف الإسرائيلية على أكثر تقدير تحوي بضعة ملايين من العملة الصعبة والباقي هي عملة الشيكل الجديد، وهي عملة بطبيعة الحال لا يتداول بها صيارفة محور الممانعة، ولا يعلم أيضاً أن المصارف لم تعد تعتمد إلا على القليل من العملة الورقية في صناديق مالها الخاصة.

كلام نعيم ذكرني بنكتة الشيخ الذي كان يخطب بالناس، ويذكر بضرورة تحرير فلسطين، فما كان من أحد الحضور إلا أن سأله عن امكان سبي نساء اليهود في حال تحرير الأرض، فأجابه الشيخ بسخرية "قم بتحرير الأرض وتستطيع أن تسبيني إذا أردت".

سذاجة "حزب الله" قد تستند الى جهل أو الى سوء نية، لكن في آخر المطاف، الضرر الحاصل مدمر للبنان وشعبه، وكلام نعيم ورفاقه وقائده عن زراعة البطاطا و البقدونس وما شابه على شرفات المنازل ليس مزحة سمجة كما يعتقد البعض، وطرح نعيم السطو المسلح على المصارف ليس إلا تذكيراً للشعب اللبناني بأن المراهنة على عقلانية السلاح هي شيك بلا رصيد.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار