البلديات "نصف حكومات" وأغنى من دولة فهل من معايير جديدة لاستحقاق 2023؟! | أخبار اليوم

البلديات "نصف حكومات" وأغنى من دولة فهل من معايير جديدة لاستحقاق 2023؟!

انطون الفتى | الأربعاء 31 أغسطس 2022

مصدر: بعضها تدفع رشاوى للمراقبين الماليّين أكثر ممّا تنفقه على المهام البسيطة

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

مهمّ جدّاً أن لا تُحوَّل الانتخابات البلدية القادمة الى "حفلة زَجَل"، سياسية، وحزبية، وعائلية، تشحن الناس للاقتراع بالرّشاوى، و"التنفيعات"، تماماً كما خاضت معظم القوى السياسية الاستحقاق النيابي الأخير.

 

"نصف حكومات"

فالبلديات هي "نصف حكومات"، تقريباً. ودورها أكبر من مجرّد "جبايات" لتأمين "حراسة وكناسة"... (كما يُفتَرَض، مع أن تلك المهام ما عادت متوفّرة تماماً، في مناطق وبلدات كثيرة)، أو لتأمين موافقات لأعمال ترميم، أو بناء...، ولا لإيجاد الأُطُر الرسمية لبعض الأمور، فقط.

البلديات هي "نصف حكومات"، أي انه يتوجّب عليها أن تقوم بأعمال أكثر، وبمجهود أكبر، لا سيّما في زمن الضّيق الحالي، المرشّح لأن يزداد كثيراً في المستقبل، حتى في مرحلة ما بعد اتّباع برنامج مع "صندوق النّقد الدولي" (إذا حصل ذلك).

 

بطاقات

فبالنّظر قليلاً الى عمل البلديات في فرنسا مثلاً، أو في دول أخرى غيرها، نجد أن تلك المجالس المحليّة تساعد الناس هناك، على مواجهة المشاكل النّاجمة عن التضخّم، وعن ارتفاع أسعار المحروقات، وعن غلاء الأسعار عموماً، سواء عبر بطاقات أسبوعيّة أو شهريّة توزَّع عليهم، وتوفّر لهم 50 أو 100 يورو مثلاً، لتأمين هذه الحاجات أو تلك، أو عبر أساليب أخرى، من بينها التكفُّل بنشاطات مجانيّة للأولاد، وغيرها من الأمور... يما يوفّر الكثير من الإنفاق على الأهل والعائلات.

 

معايير

وها ان الحصار، والأزمة المالية والاقتصادية، وزمن الضّيق المُتزايِد في لبنان، يجعل من الضّروري جدّاً، إدخال تعديلات وتغييرات على معايير النّظر الى البلديات في البلد، وعلى دورها، ومهامها، خصوصاً أنها قادرة على القيام بالكثير، وهي تمتلك ما يسمح لها بذلك، على عكس ما يُشاع.

بعض البلديات اللبنانية تقوم بأدوار جيّدة، ولكنّها غير كافية، وهي قادرة على فعل المزيد. فيما بعضها الآخر لا يقوم بشيء، بحجّة أن "العَين بصيرة واليد قصيرة". ولكن تلك الذّريعة غير مقبولة، وما هي إلا حجّة لتبرير عَدَم الرّغبة بالعمل على شيء، بحسب أكثر من مصدر مُواكِب لملف البلديات في لبنان.

 

مصلحة شخصيّة

دعا مصدر خبير في شؤون البلديات الى "إدخال تعديلات قانونية كبرى على العمليّة الانتخابية المتعلّقة بالاستحقاق البلدي هذه المرّة، تسمح بتحييده عن الخلافات السياسية والحزبية، وعن الشّروط والظّروف العائلية والمناطقية، التي تتحكّم بهذا النّوع من الاستحقاقات في لبنان، بطريقة مُفرِطَة جدّاً، ومانِعَة للإنتاجيّة".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على "الحاجة الى إطار قانوني جديد، يُجبر البلديات على تطبيق القوانين بطريقة صحيحة، وعادلة، وعلى جباية المستحقّات البلدية من جميع الشركات والمؤسّسات التي تنشط ضمن نطاقها الجغرافي، وذلك مهما كثرت التدخّلات أو الضّغوط السياسية، أو الحزبية، أو العائلية، وبغضّ النّظر عن أي مصلحة شخصية".

 

أجوبة واضحة

وأكد المصدر أنه "لا يُمكن، ولا بأي معيار من المعايير، أن يُسمَح بالقول إن هذه البلدية أو تلك، "مكسورة" مثلاً، أو مُفلِسَة. فالجباية الصّحيحة للبلديات، هي تلك التي لا تنحصر فقط بالرّسوم المترتّبة على الناس. وبالتالي، أين مردود الإعلانات المنتشرة على الطُّرُق؟ وماذا عن مردود مرحلة الانتخابات النيابية مثلاً؟".

وأوضح:"مررنا بظروف مهمّة جدّاً مؤخّراً، وهي الانتخابات النيابية، التي أدخلت ملايين الدولارات الى خزائن شركات الإعلانات، والتّصوير، والتسويق... ولصالح بعض الشخصيات العامة، وتلك المناطقيّة، سواء كانوا مُنتمين الى أحزاب أو عائلات معيّنة، أو لا، وذلك مقابل ما فعلوه لصالح أولئك الذين رغبوا بتسويق أنفسهم للاستحقاق الانتخابي. فأين هي ملايين البلديات، التي انتشرت الإعلانات، وصور المرشّحين، في نطاقها الجغرافي؟ وإذا كانت إحدى البلديات تقول إنها لم تربح شيئاً خلال حقبة "النيابية"، فإنها مُلزَمَة بتقديم أجوبة واضحة عن سبب ذلك".

 

أغنى من دولة

وأشار المصدر الى أن "أكثر من 90 في المئة من الإعلانات المُنتشرة في المناطق، غير مرخّصة مع الأسف، بينما يتوجّب أن تشكّل أكبر مدخول للبلديات، يسمح لها بفعل الكثير لصالح الناس".

وأضاف:"تتغاضى نسبة كبيرة من البلديات في لبنان، عن جباية الكثير ممّا يتوجّب عليها أن تجنيه، من أصحاب المصانع، والشركات، والمؤسّسات العاملة ضمن نطاقها الجغرافي. وهذا واقع كفيل بفتح نقاشات كثيرة، وبالسؤال عن السبب، وعمّا إذا كانت بعض "التنفيعات" الشخصية أو الحزبيّة تسهّل ذلك، فيما يمكن لتلك المبالغ الضّخمة، أن تغيّر الكثير، خصوصاً إذا احتسبنا أرقامها التراكُميّة".

وختم:"بلديات لبنان أغنى من دولة. وليس مسموحاً القول إن هناك بلدية لبنانية فقيرة، أو مُفلِسَة. فبعضها تدفع رشاوى للمراقبين الماليّين، أكثر ممّا يمكنها أن تنفقه على بعض المهام البسيطة. وهذا ما يؤكّد الحاجة الى معايير جديدة للاستحقاق البلدي، والى إخراجه من ذهنيّة المنطقة، والقرية، والعائلة، والحزب، والزّعيم".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار