طبارة: طبيعة الرئيس الروسي لا تسمح له بترك ساحة المعركة وهو مكسور
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بين صُوَر، ومشاهد، ومعلومات، وبين ما يسمح الزّعيم الشيشاني رمضان قديروف لنفسه بقوله، منذ نحو أسبوع، يتأكّد حَجْم الصّعوبات الروسية في الأراضي الأوكرانية.
سقوط خوفه
فرغم احتمالات المناورة السياسية، وتوجيه الرسائل كمحاولة للحصول على أدوار أكبر، أو على مكاسب أعلى، إلا أن مُهاجمة قديروف لقيادة الجيش الروسي، بسبب الهجوم الأوكراني المُضاد الذي بدأ قبل مدّة، يُخفي ما يُخفيه من تعبير عن سقوط خوفه من القيادتَيْن السياسية والعسكرية الروسية، الذي لطالما دفعه الى تملُّق الكرملين، والعمل في أوكرانيا وغيرها، على طريقة من هو "ملكي أكثر من الملك".
فليس عادياً أن يُشير قديروف، الى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد لا يكون على علم بالحالة الحقيقية للأمور، ولا الى أنه إذا لم تحصل تغييرات في الاستراتيجيا، فإنه سيُضطّر إلى التحدُّث مع قيادة وزارة الدفاع الروسية، ومع قيادة البلاد، ليشرح لهما الوضع الحقيقي على الأرض، مع حديثه عن أن ما يحصل في أوكرانيا حالياً هو أمر مُخزٍ للروس، بكلام يُظهر الكثير من عَدَم الاحترام للجيش الروسي، وللقيادات الروسية كلّها، وتحت ستار إظهاره الحرص و"الغَيْرَة" على المصلحة الروسية.
انتقام
وكلام قديروف هذا، أتى بعد نحو أسبوع من تلميحه الى إمكانيّة التنحّي عن منصبه، وذلك بعد مدّة زمنية لا بأس بها، حاول أن يلعب خلالها دور "الغازي" و"الفاتح" للقارة الأوروبية، تحت العلم الروسي، وبموافقة روسيّة.
فهل دخلت الحرب الروسيّة على أوكرانيا، مرحلة حرِجَة جدّاً؟ وماذا عن مراحل ما بعد الانتقام الروسي من الهجوم الأوكراني المُضاد، عبر إغراق ملايين الأوكرانيين بالعتمة الشاملة، وبانقطاع المياه، والخدمات الأساسيّة، بسبب هجمات روسيّة متوحّشَة على بنى تحتيّة أوكرانية مدنية أساسية؟
انهيار
أشار سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة الى أن "كل التقارير التي تأتي من الأراضي الأوكرانية، وخصوصاً من خاركيف، وخيرسون، تتحدّث عن تراجُع روسي غير مُنظَّم، ومن دون خطّة مُحكَمَة. حتى إن هناك أدلّة تُظهر مئات السيارات على الحدود مع روسيا، تحوي الهاربين، سواء كانوا من المُقاتلين، أو من المتعاونين مع الروس، الى داخل الأراضي الروسية، وهو ما يُظهر أن الهجوم الأوكراني المُضاد ناجح حتى الساعة، كما يبدو. بالإضافة الى أن الآليات الروسية المتروكة في ساحات القتال، تؤكّد أن من تركها هو في حالة انهيار عسكري".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "هذه المستجدّات ليست بداية لانكسار الجيش الروسي، وهي لا تحسم أن أوكرانيا ستنجح بتحرير كامل أراضيها بواسطة الهجوم المُضاد، بل انها محطة من ضمن معركة. فالروس استقدموا عناصر غير مدرّبة بشكل صحيح، من مجنّدين، ومرتزقة من سوريا، وغيرهم. وعندما يُتَّكَل على عناصر من هذا النوع، يُمكن السّقوط في مثل تلك المشاكل. وحتى إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يزال يحذّر من أن الروس ينتظرون فصل الشتاء، ليشنّوا هجوماً كبيراً، ويدعو الى التحضُّر لذلك".
مكسور؟
وأكد طبارة أن "أكثر ما يُخيف في ما يحصل، هو ما يُظهره بوتين من مواقف "يا قاتل يا مقتول"، فيما بدأ اليأس الروسي يظهر أكثر من جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو (بوتين) يبدو أحياناً أقرب الى الولد الصغير، الذي يذهب ليكسر زجاجة مياه، عندما يأتي من يريد أن يسحب لعبته من يده".
وأوضح:"المثال الأوضح على ذلك، هو ما تفعله روسيا بمفاعل زابوريجيا النووي، والتهديدات الروسية المستمرّة بالسلاح النووي، من دون أي توضيح حول نوعيّة وكيفيّة استعماله. فضلاً عن الهجمات الروسيّة التدميرية والمتواصِلَة في أوكرانيا. ومن المُرجَّح أننا سنصل الى المرحلة التي سيستعمل فيها بوتين طاقته العسكرية القصوى. صحيحٌ أنه قد لا يستعمل السلاح النووي، انسجاماً مع بعض المخاوف والتوازنات التي يحتّمها ذلك، ولكن يأسه من القدرة على تحقيق نتائج سريعة من تلك الحرب، يبدو مُخيفاً".
وختم:"إذا انكسر الرئيس الروسي في أوكرانيا، فإن طبيعته لا تسمح له بترك ساحة المعركة وهو مكسور، بل انه قد يمحو ما أمكن له، وهنا الخوف الأساسي. فنحن في حرب هي أكبر من أن تكون مجرّد مواجهة إقليميّة، وسيكون لها تبعات استراتيجيّة، وانقسامات دولية، وإعادة رسم خريطة لموازين القوى الدولية. وبالتالي، لن يُترَك بوتين من دون أن يرضوه بشيء، أو أن يحفظوا له ماء الوجه، حتى لا يستعمل نوعيّة أسلحة، وحده الله يعلم قسوة مفاعيلها".