"الاستثمار السّجني"... أَبْعَد من ضرب العصابات التي خرجت عن "طاعة" بعض "الكبار"!... | أخبار اليوم

"الاستثمار السّجني"... أَبْعَد من ضرب العصابات التي خرجت عن "طاعة" بعض "الكبار"!...

انطون الفتى | الثلاثاء 13 سبتمبر 2022

يموت: لا يحقّ لأحد أن يحكم على سجين بما يمنعه من متابعة حياته بعد انتهاء مدّة سجنه

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

هل يكفي الحديث عن تخفيض مدّة السنة السجنيّة، أو عن تسريع المحاكمات، أو عن...، وعن...، وعن... للقول إن العمل الحثيث جارٍ لإيجاد حلول للمساجين، ولأوضاعهم "السجنيّة"؟

وماذا عن "الفرص الحقيقية"، و"المواهب الدّفينة" الموجودة داخل السّجون، والتي يُمكن الاستفادة منها كثيراً، إذا تمّ تحويل تلك السّجون الى "واحات" تضجّ بالحياة، وبالعدالة؟

 

"الكبار"

إذا أردنا التعبير عن الأمور كما هي، نقول إننا في دولة الظّلم، من أعلى الهرم، الى أسفله. وهي دولة غير جديرة، وغير مؤهَّلَة للحكم على أحد، ولا لتحقيق أي عدالة، لأن تلك الأخيرة فيها قد لا تتجاوز معاقبة بعض من فقدوا الحمايات السياسية والأمنية، أو أولئك الذين تضاربت بعض المصالح معهم، أو خرجوا عن "الطاعة"، التي سمحت لهم بأن "يؤسّسوا" العصابات، التي تموّل بعض "كبار" من تموّلهم، وأتباعهم.

 

للاقتصاد

ولكن بما أننا في دولة (ولو من حيث المبدأ)، نسأل عن الاحتمالات المُمكِنَة في هذا الإطار، من خارج بعض التقليديات؟

ففي الأساس، لا يُمكن لأحد أن يُقفل الأبواب على كل من دخل سجناً، ولا أن يحوّله الى مشروع "ميت"، لأنه "خرّيج سجون". كما لا يُمكن لأحد أن يتجاهل أن هناك مساجين في البلد، دخلوا السّجون ظلماً، أو بـ "ظهر البَيْعَة"، أو لارتكاب لا يستوجب قسوة شديدة، أو "شبه أبدية" تجاهه.

كما لا يُمكن تجاهُل حقيقة أن حلّ ملف السّجون في البلد، يتطلّب تنسيقاً كبيراً بين مجموعة من الوزارات، نظراً الى الفرص الكثيرة التي يُمكن لعدد هائل من المساجين، أن يوفّروها لمختلف القطاعات اللبنانية، وحتى للاقتصاد اللبناني نفسه.

 

من ومتى؟

فعلى سبيل المثل، "بُحّ صوت" المُنادين بضرورة تقليص حَجْم الفائض الموجود في المؤسّسات العامة، وما أكثره في القطاع العام اليوم.

كما "بُحّ صوت" المُنادين بأن العمل على تخفيض نِسَب البطالة المؤدِّيَة الى الجريمة، والسرقة... قد يساعده عمليّة "إعادة هيكلة" للمؤسّسات العامة، تُخرِج "المحشوك الحزبي" والسياسي التنفيعي منها، الذي يمتلك مصادر رزق أخرى كثيرة، (وما أكثر تلك الفئة في القطاع العام اللبناني)، وذلك بموازاة تقليص أو حتى إلغاء الكثير من الشّروط البالية، التي وُضِعَت قبل عقود لأسباب سياسية، كباب لدخول القطاع العام، والعمل فيه.

فمثل هذا النّوع من العمل الرسمي، سيوفّر آلاف فرص العمل، لكثير من "المواهب" (بالفعل لا بالقول) الموجودة داخل السّجون، عندما تخرج الى الحرية، والى تلك التي يتوجّب أن تخرج الى تلك الحرية سريعاً.

فمن يبدأ "الاستثمار" في السّجون والمساجين؟ ومتى؟ وذلك قبل فوات الأوان، و"إنتاج القنابل الموقوتة" أكثر، داخل مجتمع قادم الى مزيد من المشاكل الاجتماعية، والمعيشية، والحياتيّة؟

 

تأهيل

أشارت الاختصاصية في العمل الاجتماعي الجنائي مايا يموت الى "ضرورة التوجُّه نحو العفو العام الكامل والشامل، ولكن بشرط، وهو تأهيل المساجين قبل أن يخرجوا الى المجتمع من جديد، منعاً لأن يتسبّبوا بمشاكل".

ولفتت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "عمليات التأهيل تشمل تفعيل الأعمال الصّغيرة، داخل السّجون، لتعليم المساجين تلك (الأعمال) التي يستعين اللبنانيون بعمال أجانب للقيام بها، مثل تلك التي تتعلّق بالنجارة، والأفران، والطبخ، والدّهان... وهو ما سيمنحهم القدرة على العمل، وجني المال، وقد ينعكس إيجابياً على الاقتصاد اللبناني عموماً".

 

عمال

ودعت يموت الى "التنسيق بين عدد من الوزارات، والبلديات، لتشجيع القطاع الخاص أيضاً على أن يستعين بعمال كانوا مساجين في السابق، واستقبالهم للعمل في مطاعم مثلاً، وغيرها... خصوصاً أن إعادة تأهيل المساجين يجب أن تُستتبَع بدمجهم في المجتمع من جديد، ومن دون أي حُكم مُسبَق".

وأضافت:"في أستراليا مثلاً، توجد وزارة خاصّة للاهتمام بشؤون الأعمال الصّغيرة التي ذكرناها، والتي جعلت الاقتصاد الأسترالي ينمو، ويتقدّم. وبالتالي، كم ستكون المنافع كبيرة للبنان، من جراء الاهتمام بتلك النّقطة، وبالعمال التي يُمكن للسّجون أن تزوّد تلك الأعمال بها؟".

 

محكمة

وشدّدت يموت على "أهميّة الإسراع في ترحيل الأجانب المسجونين في لبنان الى بلادهم، إذا كانت آمنة، وبلا حروب، في ما لو رغبوا بأن لا يمضوا مدّتهم السجنيّة في لبنان، و(على أهميّة) التسريع بالمحاكمات، مع ضرورة أن تتحدّث المنظّمات والمؤسّسات الحقوقيّة الدولية، عن اللاجئين المسجونين فيه، والذين يزيدون الضّغط في السّجون اللبنانية".

وأكدت أن "تقليص السنة السّجنية هو حلّ موقَّت، لن يكون نافعاً من دون إعادة تأهيل السجناء. فضلاً عن ضرورة نشر الوعي حول أنه لا يُمكن الحكم على سجين بأنه مُرتكِب، حتى تثبت إدانته. كما أنه لا يحقّ لأحد أن يحكم على سجين بما يُقفِل الأبواب في وجهه، ويمنعه من متابعة حياته بعد انتهاء مدّة سجنه".

وختمت:"نذكّر بأن هناك محكمة في سجن رومية، كلّفت الدولة اللبنانية ما بين 4 و5 ملايين دولار تقريباً. فحبّذا لو يُزيلون الغبار عنها، ويستفيدون منها".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار