موازنة التجويع: مزيد من الرسوم وتعليق المساعدات الاجتماعية | أخبار اليوم

موازنة التجويع: مزيد من الرسوم وتعليق المساعدات الاجتماعية

| الخميس 15 سبتمبر 2022

تخلو موازنة العام 2022 من أي رؤية اقتصادية واجتماعية تستهدف إصلاح الوضع

عزة الحاج حسن - المدن
رغم تجاوز المهل الدستورية لإقرار الموازنة العامة، وتأخرها لأكثر من 9 أشهر، تأتي موازنة 2022 "شكلية" ترقيعية، لا ترقى إلى مستوى الموازنات المالية الإصلاحية، ولا تلامس من قريب أو بعيد الغايات الإصلاحية المستهدفة والمطلوبة من صندوق النقد الدولي.
فكيف بموازنة عامة أن تقوم على تعدّد أسعار صرف الدولار مقابل الليرة؟ ليس هذا وحسب، فالموازنة المرتقب بحثها اليوم في مجلس النواب تراكم الرسوم والضغوط المالية على كافة الفئات الاجتماعية، بمن فيها من فقراء ومحدودي المداخيل، من دون أن تقابل ذلك بأي تقديمات أو نفقات اجتماعية وصحية.

تعدّد أسعار الصرف
تخلو موازنة العام 2022 من أي رؤية اقتصادية واجتماعية تستهدف إصلاح الوضع المالي أو التأسيس لإصلاحه. فلا يمكن وصف المقاربة التي تم وفقها إعداد الموازنة سوى بـ"العشوائية"، خصوصاً انها تعتمد عدة أسعار صرف للدولار، في احتساب الإيرادات والنفقات والدولار الجمركي.

وما يعزّز نظرية عشوائية الموازنة، أن سعر صرف الدولار المعتمد فيها لا أساس له، وهو 20 ألف ليرة، في حين ان سعر منصة صيرفة بات 29000 ليرة، وسعر دولار السوق السوداء تجاوز 36 ألف ليرة (حتى اللحظة). فكيف يمكن للموازنة ان تحقق التزاماتها بدولار لا يحاكي الواقع.

أما الدولار الجمركي، فلم يتم حسمه نهائياً في لجنة المال والموازنة، وتُرك أمر حسمه لمجلس النواب، مع وضع عدة مقترحات تقوم على احتساب الدولار الجمركي 12 ألف ليرة و14 ألف ليرة.

شملت الموازنة تعديلاً في ضريبة الدخل لأصحاب المداخيل بالدولار، وتم احتساب الضريبة على الدخل بسعر صرف يتراوح بين 12 و14 ألف ليرة. وهذا الأمر من شأنه ترسيخ مخالفة مبدأ المساواة أمام الأعباء الضريبية.

وعلى الرغم من ربط مسألة تصحيح رواتب القطاع العام بإقرار الدولار الجمركي، غير أن موازنة العام 2022 شملت رفع الدولار الجمركي في مقابل تعليق المساعدات الاجتماعية للقطاع العام، والاستمرار باحتساب رواتبهم على سعر صرف 1500 ليرة.

وإلى جانب أسعار الصرف المعتمدة في موازنة 2022، استندت في العديد من بنودها سعر صرف منصة صيرفة المتغيّر باستمرار. ليُضاف إلى أسعار الصرف المتعدّدة والمخالفة بطبيعة الحال لمطلب صندوق النقد الدولي، المتمثل بتوحيد أسعار الصرف.

رسوم وإعفاءات إضافية
لا تقتصر الرسوم الإضافية في موازنة 2022 على رفع الدولار الجمركي، فقد شملت زيادات في مجمل الرسوم المستوفاة لصالح الخزينة العامة، بنسبة متفاوتة تتراوح بين 100 في المئة و1000 في المئة. فضاعفت رسوم وزارة العمل وإجازات العمل والرسوم القضائية بكافة اشكالها والمصادقات ورسوم السفارات والقنصليات، من دون أن تستثني منها الطلاب اللبنانيين في الخارج.

رسوم أخرى فرضتها موازنة 2022 تطال كافة الفئات الاجتماعية في البلد، تمثّلت بفرض رسم مقطوع بقيمة 3 في المئة على كافة السلع المستوردة الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة TVA، ورسم جمركي آخر بقيمة 10 في المئة، يُفرض على السلع والبضائع التي يتم استيرادها، ويصنع لها مثيل في لبنان. وهذا يعني أن الغالبية الساحقة من المستوردات الغذائية ستخضع للرسم الجمركي الجديد والرسم المقطوع.

كما تخلّلت موازنة 2022 بنوداً "مفخّخة" تستهدف إعفاء كبار التجار والمقاولين والمعتدين على الأملاك العامة من رسوم ومتوجبات. منها على سبيل المثال رفع مدد السماح بتأجير أملاك الدولة من 4 سنوات حالياً إلى 18 عاماً، بالإضافة إلى تسهيلات لإشغال الأملاك العامة البحرية.

ومن بين الإعفاءات التي شملتها موازنة 2022 إعفاء الودائع الجديدة من الضريبة على الفائدة حتى العام 2028، في مقابل زيادة نسبة الضريبة على الودائع المحتجزة في المصارف لتصبح 10 في المئة. إضافة إلى إعفاء الشركات الجديدة في مناطق تحددها الحكومة من كامل الضريبة، شرط أن تعمل في المجالين التجاري أو الصناعي وأن يزيد رأسمالها عن مليون دولار. وإلى جانب العديد من الإعفاءات، تم تعليق العديد من البنود في الموازنة الحالية، منها بند الضريبة على الثروات.

لم تتطرق موازنة 2022 إلى القضايا الإصلاحية المتمثلة بمكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية وضبط التهرب الجمركي، ولا حتى بهيكلة أو تقليص القطاع العام. كما لم تأتِ على ذكر معالجة ملفات الهدر والفساد في الصناديق الموزعة طائفياً والمجالس الرديفة لإدارات الدولة والمؤسسات غير المنتجة في البلد والبالغ تعدادها بالعشرات.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار