المحامي ضاهر: لا نريد أن نقفل المصارف بل أن نحافظ على تلك القادرة على المضيّ بمهمتها المصرفية
"النهار"- كلوديت سركيس
بخلاف ما يسري أن دعوى التوقف عن الدفع التي تقدّمت بها نقابة المحامين في بيروت أمام المحكمة الابتدائية في بيروت الناظرة في القضايا المصرفية بالاستناد الى القانون 2/67 الذي وُضع بعد إفلاس بنك إنترا، وأن هذه الخطوة ستؤدي الى إفلاس المصارف وتبخر أموال المودعين، فإن هذا الكلام غير صحيح، لأن هذا القانون لا ينظم الإفلاس فقط بل ينظم إعادة هيكلة المصارف في غياب القانون النظامي لهذه الهيكلة، بحسب ما ذكره رئيس لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين في بيروت المحامي كريم ضاهر لـ"النهار". وأهمية هذا القانون، في نظره، أننا في وضع تنتظر فيه المصارف استرجاع أموالها من الدولة والمصرف المركزي وثمة مسؤوليات كبيرة ترتبت وتترتب على جميع المسؤولين في السلطة السياسية والتنظيمية والناظمة المتمثلة بمصرف لبنان والمسؤولين عن المصارف، فيما الخاسر الوحيد هو المودعون لأن ودائعهم تذوب بحكم تفاوت أسعار صرف الدولار. لذا نرى ردود فعل المودعين اليوم (اقتحام مصارف) الذين استفاقوا على واقع تضخمي واقتصاد مدولر فعلياً، عدا عن فوضى احتساب سعر صرف الدولار في السوق السوداء في السوق الاستهلاكي الآخذ في التدهور والفوترة المضخمة بفعل هذا التدهور. وسيؤدي تضخّم الأسعار الى التضخم المفرط وانعدام النموّ وازدياد نسبة الصرف من العمل ونسبة الفقر التي تخطت 80 في المئة فيما المسؤولون السياسيون يتفرجون.
لجأت نقابة المحامين الى التقاضي، وفق رئيس لجنة حماية حقوق المودعين، بعد استنفاد كل الوسائل الممكنة على مدى تسعة أشهر للوصول الى حلّ توافقي من دون نتيجة، فلا مصرف لبنان اتخذ التدابير التي طلبتها نقابات المهن الحرة، ولا لجنة الرقابة على المصارف كلفت نفسها أن تجيب عن كتب لجنة الطوارئ النقابية التي نبّهنا فيها إلى مخالفات المصارف وغياب مساءلتها عن عدم القيام بواجباتها، ولا صدى لوعود رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن العمل على إصدار قانون هيكلة المصارف. ليقول: بموجب دعوى التوقف عن الدفع سيصدر أيّ قاضٍ جريء قراراً بالحجز على أموال وأملاك مديري المصارف ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة ومفوّضي المراقبة وإقالتهم من مراكزهم وتعيين مدير موقت لـ48 ساعة فحسب لحين تعيين لجنة تضم ممثلين عن المودعين في المصرف والدائنين وخبراء مصرفيين ومن شأن هذه اللجنة وقف الاستنسابية ووقف كل الدعاوى خارج لبنان وداخله التي تطالب بسحب أموال على حساب المودعين. وهو الإجراء الوحيد الذي من شأنه ذلك لأن الكابيتال كونترول يوقف الدعاوى ضد المصارف في لبنان فحسب. وسيؤدي هذا الإجراء الى إعادة هيكلة المصارف ووضعها على سكة التعافي.
ويوضح المحامي ضاهر أن هذا "الإجراء تمهيدي لهز الأمور وسير السلطات السياسية والقضائية والتنظيمية بخطة التعافي، وهدفنا كفّ يد الإدارات الحالية عن المصارف. نحن لا نريد أن نقفل المصارف بل أن نحافظ على تلك القادرة على المضيّ بمهمتها المصرفية. ومن شأن هذا الإجراء أن يحدّدها ويحدّد أيضاً تلك غير القادرة على المتابعة لمشكلة بنيوية، ومن سيحدّد ذلك هو المحكمة المصرفية الخاصة". وأشار الى أن نقابات المهن الحرة في الغالب وكل مودع أرسلوا وسيرسلون إنذارات الى كل المصارف للمطالبة بأموالهم، وإذا عجز المصرف عن إعادة أموال المودع فسنتقدم بإجراء ضده على غرار دعوى النقابة لتقدّر بعدها المحكمة المصرفية وضع المصرف إن كان يمكنه المضيّ في عمله أو عدم ذلك. فالقادر من هذه المصارف على المتابعة يترسمل وتباع أسهمه وتتغيّر إدارته. أما المصرف المتعسّر فتجري تصفيته. ولجهة الديون المترتبة عليه سنطلب من الدولة ضمان الودائع من طريق حلول عدة نعمل عليها لتقديمها في دراسة واضحة، لتأخذ الدولة على عاتقها تسديد الودائع المترتبة للمودعين من المصارف المتعسّرة"، مميزاً بين الودائع المشروعة والودائع غير المشروعة الناجمة عن تبييض أموال واتجار بالمخدّرات والأسلحة وإثراء غير مشروع وتحويل مصرفيين أموالهم الى الخارج لعلمهم أن المصرف سيفلس أو تقاضي فوائد فاحشة ترتبت بنتيجتها عمليات توزيع أرباح على حساب غيرهم. وعند تحديد المودعين من هذه الفئة يجري شطبهم وتصغير الفجوة المالية لتتمكن المصارف من التسديد في شكل أفضل. وإذا بقي رصيد مترتب لمودعين فإن الدولة تضمنه من طريق صندوق سيادي ائتماني يُغذّى من إعادة أموال جرى تحويلها الى الخارج بطرق غير مشروعة وإيرادات الـ20 في المئة من عائدات النفط المخصّصة في القانون 132 لتسديد دين الدولة.
طريق التسديد من هذا الصندوق يبدو طويل الأجل. والمهم في رأي المحامي ضاهر، أن تكون مضمونة وتؤمن الأساسيات اليومية للمواطن التي تحفظ كرامته من بطاقة صحّية وتعليم أولاده وليس المهمّ أمدها، وهدفنا ضمان هذه الأساسيات. ومن ادّخر قرشه الأبيض ليومه الأسود سيحصل عليه لاحقاً وتنمو الثقة تدريجاً بالقطاع المالي.
لا حاجة للمودع لتقديم دعوى مصرفية بوجود دعوى توقف عن الدفع لأنها تشمل جميع المودعين في المصرف المعني بهذا الإجراء القانوني. ويؤكد المحامي ضاهر أن "مبدأ خطوتنا عدم تفلت المصارف من مسؤوليتها تجاه المودعين. وهذا المبدأ يبدأ من المحاسبة لكشف المستور لأن الحجز على أموال المسؤولين في المصارف سيتم بعد رفع السرية المصرفية عن حساباتهم داخل لبنان وفي الخارج، ليبدأ التحقيق، ومن شأن ذلك إظهار الحقائق وكشف علاقة هؤلاء مع القوى النافذة وملاحقة الطرفين، معتبراً أن القانون 67/2 باب يمهّد للمساءلة وكشف المستور وإعادة الحقوق انتهاءً بإنصاف المودعين مع ضمانة الدولة.
لا يعتبر المحامي ضاهر أن التقاضي هو الوسيلة الأنجع، بل إن لجوءنا الى تقديم الدعوى كان آخر الوسائل التي استعملتها النقابة بعد فشل كل السبل التوافقية فكان خيار التقاضي الذي ولجناه من أجل أن يتحرك المسؤولون، كاشفاً عن اتفاق اتحاد نقابات المهن الحرة على خريطة طريق وتدابير تصعيدية بوجه القضاء إذا تخاذل وعمل على تمييع هذا الموضوع. وتحدث عن اتفاق بين النقابات على تقديم الدعاوى تدريجاً بحق المصارف لتشملها جميعاً وعددها 58 مصرفاً، كما أن جمعية المودعين ستتقدّم بدعاوى مماثلة إن لم تشتمل دعاوى النقابات على كل المصارف.