برّو: لا شيء ممكناً لتصحيح الانهيار المُتزايِد إلا عبر تغيير النظام السياسي
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
ها قد وصلنا الى مرحلة العَيْش في ما يُشبه بلد "الخوّات" غير الشرعيّة، ومن دون قدرة أضعف الناس على الدّفاع عن أنفسهم، إذ صار طلب الدولار "الفريش" طريقة مُتزايِدَة ككرة الثّلج، في عمليات البَيْع والشّراء، وفيما بات بعض اللبنانيين يرفضون اللّيرة اللبنانية بالكامل، لألف حجّة وسبب، ومنها أنهم يريدون أن يحفظوا حقوقهم في أوان الانهيار المستمرّ لعملتنا "السياديّة"، وذلك رغم أن القانون اللبناني يمنع المواطن في لبنان من أن يرفض اللّيرة، وهو القانون الذي لم يتغيّر رسمياً حتى الساعة.
"خَتْم الانهيار"
بلد "خوّات". بلد مضروب بكافّة أنواع "أرواح الفساد"، والسرقة، والتناهُش، ومن دون أي ضابط قانوني، أو أمني، وحيث الواقع السياسي "فالج لا تعالج".
فماذا عن المستقبل الفوضوي، في بلد "الخوّات الدولارية"، حيث سيستحيل على أفقر الناس، وعلى أولئك الذين لا يمتلكون إلا الليرة اللبنانية، الحصول على سلعة واحدة، إلا إذا "شطّت ريلة" البائع على الدولار؟ وهو ما سيكون مُكلِفاً جدّاً، على لبنانيين ستنعدم قيمة رواتبهم "باللّبناني"، أكثر فأكثر، انطلاقاً من أن زيادة العمليات التبادُلية بالدولار "الفريش" سترفع نِسَب الطلب على الدولار، وستزيد من ارتفاعه في السوق السوداء، وذلك مقابل التوغُّل في انهيار اللّيرة اللبنانية، ومعها الرواتب باللّيرة، التي لم تَعُد عملة سيادية، بل عملة "خَتْم الانهيار".
فَشَل
أكد رئيس جمعية المستهلك الدكتور زهير برّو أن "لا شيء ممكناً لتصحيح هذا الانهيار المُتزايِد في لبنان، إلا عبر تغيير النظام السياسي".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الانتخابات النيابية أعادت الجماعات نفسها، والعصابة نفسها، التي أوصلت البلد الى ما نحن فيه من انهيار، الى السلطة، مع تغيير طفيف في بعض الأسماء، وزيادة أو تقليص عدد بعض النوّاب في هذه الكتلة، أو تلك. ولكن ذلك ليس تغييراً. فمن دون حلّ العصابة، سيكون أي بحث عن تغيير وهماً. وحتى إن الاستحقاق الرئاسي، وتشكيل حكومة جديدة، لن يكونا أبْعَد من عنصر يمكّن النظام الحالي السائد من التجديد لنفسه، بفشل مُريع".
مجاعة؟
ورأى برّو أن "صلاحية النظام اللبناني انتهت منذ زمن طويل. ولكن عُقم السياسة اللبنانية، وعُقم الشعب اللبناني، وخلافاته، وكراهيته لبعضه البعض، تدفعه الى الصّمت عن الحق، وعن حقوقه، وعن أن خلاصه ليس بنظام الفساد السياسي، والطائفي. وكلّ ما تبقّى ليس أكثر من تفاصيل، والآتي أعظم بكثير".
وردّاً على سؤال حول احتمالات وأشكال المجاعة الآتية، أجاب:"خلال الحرب الأهلية، ورغم الحصار الذي فُرِضَ على عدد كبير من المناطق اللبنانية آنذاك، إلا أن الجميع تأقلموا. وطالما بقيَ المال متوفّراً في البلد، فإن لا مجاعة. ولكن تلك الأخيرة قد تطال قسماً من اللبنانيين، وهم أولئك الذين ستنخفض نسبة وقيمة رواتبهم. فالبضائع موجودة، ولكن المشكلة هي بما قد يبقى من قدرة شرائية لدى الناس".
وكشف عن أن "التجار يتحدّثون عن نوعيّة من الزبائن يُرثى لحالها، تسأل عن أرخص البضائع لتشتريها، من أي نوع كانت، ومن أصغر الى أكبر الحاجات. وهذا ما قد يشرّع الأبواب أكثر، لبَيْع البضائع مُنتهية الصلاحية، والمزوّرة، والغير صحية، التي قد يزداد الطلب عليها مستقبلاً، نظراً الى أن ثمنها أقلّ من غيرها".
كراهية
ولفت برّو الى أن "الدولة اللبنانية، هي بيَد الميليشيات، والعصابات، والمافيات، منذ أن انهارت في عام 1975. فهؤلاء كلّهم تقاسموها، وهم يستعملون الخزينة لتأمين مصالحهم. وهذا ما لم يتغيّر، وسط غياب الدولة المستمرّ، التي هي بخدمة تلك الفئة من الناس، منذ ما قبل حلول الانهيار الحالي الكبير".
وختم:"بات الفساد هو القاعدة، والدولة لا تتحرّك. وما عاد بالإمكان معالجة انهيار اللّيرة، ولا مشاكل الكهرباء، والمياه، والاتصالات، والمواصلات، وغيرها من القطاعات. فيما الاستفادة ممّا تبقّى من نظام صحي وتربوي، لم تَعُد مُمكِنَة إلا للفئة التي تمتلك الدولار، أكثر فأكثر، في بلد الأوهام السياسية والطائفيّة، التي لا تَلِد إلا المصائب، والكراهية بين الناس".