الدّفن في بريطانيا ولكن المَيْت في لبنان... فمن هو؟! | أخبار اليوم

الدّفن في بريطانيا ولكن المَيْت في لبنان... فمن هو؟!

انطون الفتى | الإثنين 19 سبتمبر 2022

دولة "البلاستيكيات" والعصابات المُغطّاة بإسم شرعية

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

الدّفن في بريطانيا، وهو دفن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية. ولكن المَيْت في لبنان، وهو لبنان، "شهيد" شعبه، وسلطاته.

نأسف لقول ذلك، ولكن الدّفن الحقيقي في لبنان، وللبنان، وهو يومي، ومن دون ترتيبات، أي انه دفن فوضوي، لشعب، وأرض، ووطن، وسلطات، سُمِّيَ مجموعها دولة، في يوم من الأيام.

 

"بلاستيك"

لسنا بحاجة الى انتخاب رئيس جديد لما يُسمّى جمهورية لبنانية، ولا الى تشكيل حكومة جديدة، ولا الى البرلمان "العظيم" الذي خرج من رحم "نيابية 2022"، ولا الى أي برلمان جديد غيره.

فحال لبنان هو أنه دولة "البلاستيك". دولة سياسة "البلاستيك"، واقتصاد "البلاستيك"، وأمن "البلاستيك". دولة مسدّسات "البلاستيك" التي تفعل الكثير، بدلاً من القوانين، ومختلف أنواع السلطات "البلاستيكية" في البلد.

 

"نايلون"

شعب "نايلون" كالشّعب اللبناني، أي الشّعب الذي يحرص على أن "يصيّف" بدلاً من أن يحوّل ليله الى نهار، بحثاً عن كيفيّة إجبار دولته على وضع حدّ للانهيار، ورغم معرفته بأن لا آفاق له في مرحلة ما بَعْد الصيف، هو شعب لا يحقّ له ببلد، ولا بوطن، ولا بدولة، إلا دولة "البلاستيك".

شعب السياحة، والمهرجانات، والابتهاج ببعض النّتائج الرياضيّة، أو الفنيّة، في بلد مَيْت حياتياً، ومعيشياً، هو شعب حبّ لحياة غير موجودة. وهو شعب "بلاستيكي"، لا يستحقّ إلا دولة "البلاستيك"، وأمن "البلاستيك".

فالابتهاج بأي شيء، والحماسة لأي شيء، في بلد يُعاني ممّا نُعاني منه يومياً، بحجّة "حبّ الحياة"، هو مثل ذاك الذي فقد والده قبل الظّهر، ودفَنَه بعد الظّهر، ليذهب الى نادٍ ليلي عند المساء بحجّة أن "الحياة بدّا تكفّي"، وذلك هرباً من إعادة ترتيب حياته في مرحلة ما بعد فقدان والده، ورغم وعيه الى حاجته الماسّة لذلك، إذا أراد فعلاً أن تكون هذه الحياة "اللّي بدّا تكفّي"، سليمة.

 

عصابات

شعب "بلاستيكي"، في دولة "بلاستيكية"، يهرب من الوقفة مع الذّات، ومن الاعتراف بما هو فيه، والذي هو "صماصيم بطن" الموت. ولكن هذا ليس غريباً، في حالات "الكيانات البلاستيكية"، التي لا بدّ من إعادة البحث باستقلالها.

لا نحتاج الى رئيس، ولا الى حكومة، ولا الى برلمان، لدولة "بلاستيك". و"حرام" أي نوع من التّمويل الخارجي، لأي مؤسّسة لبنانية، مهما كانت، لأن تلك الملايين ستذهب لصالح "بلاستيكيات"، في دولة لبنانية "بلاستيكية".

"حرام" كل "قرش"، يُمكن لأي مؤسّسة دولية أن تضعه في لبنان، حتى ولو كان على سبيل برامج، وقروض.

فدولة "بلاستيكية"، هي غير جديرة باتّباع برنامج مع "صندوق النقد الدولي"، ولا باستعمال القروض، أو الهبات، أو المساعدات، بما يأتي بنتيجة. والخلل الأساسي ليس موجوداً في تلك البرامج، ولا في القروض، أو الهبات، أو المساعدات، بل في من يستعملها، وهي دولة العصابات المغطّاة بإسم شرعيّة، التي إسمها دولة لبنانية.

 

استقلال؟

دولة "السوق السوداء"، وما فيها من نصّابين وسارقين، يعتاشون منها.

دولة خارج العالم، بأسواقها، وأسعارها. دولة "السوق السوداء" ليست دولة، ولا بدّ من إعادة النّظر باستقلالها. نقول ذلك بأسف شديد، على مشروع دولة لبنانية، لم ولن تنجح يوماً، بأن تكون دولة.

الدّفن في بريطانيا، اليوم، وهو دفن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية. ولكن المَيْت في لبنان، وهو لبنان، "شهيد" شعبه، وسلطاته.

ملكة بريطانيا تُدفَن اليوم، بينما "شهيد" شعبه وسلطاته (لبنان) يُدفَن يومياً، الى أن يُنزَع استقلال دولة "السوق السوداء"، دولة النصّابين و"الحراميّي"، منه.

 

ترميم

دولة المسدّسات، والسلطات "البلاستيكية"، والشّعب "البلاستيكي"، هي دولة لا تحتاج الى رئيس، ولا الى حكومة، ولا الى برلمان، ولا الى "صندوق نقد دولي"، ولا الى أي مؤسّسة دولية، ولا الى وفود دولية تزورها، ولا الى مؤتمر تأسيسي، لن ينجح سوى في نقل بعض الصلاحيات من هذه العصابة في تلك الدولة، الى عصابة أو عصابات أخرى.

دولة "البلاستيكيات"، والعصابات المُغطّاة بإسم شرعية، لا تحتاج الى دساتير، ولا الى شيء، بل الى إعادة البحث باستقلالها. نقول ذلك بأسف شديد، ولكن ما عاد "التجميل" مُمكناً، ولا عملياته، في بلد "البلاستيكيات" الكثيرة، الذي من شدّة "بلاستيكياته" المُزمِنَة، تشوَّه، وما عاد قابلاً لأي ترميم.

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة