بوتين... من "هستيريا" الى "هستيريا" في أوكرانيا فهل يحوّل الكرملين الى صالون للحلاقة؟! | أخبار اليوم

بوتين... من "هستيريا" الى "هستيريا" في أوكرانيا فهل يحوّل الكرملين الى صالون للحلاقة؟!

انطون الفتى | الأربعاء 21 سبتمبر 2022

يرفض "شيخوخة" عقائده السياسية والعسكرية ورؤية "الذّقون الكثيرة" في المحيط الروسي

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

من الانتكاسات العسكرية المُهينة لجيشه في أوكرانيا، مروراً بـ "هستيريا" استفتاءات الانضمام الى روسيا في الأراضي الأوكرانيّة المحتلّة، وصولاً الى "هستيريا" الإعلان عن التعبئة العسكرية الجزئية، يمضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دروب الفَشَل، والتوغُّل فيه أكثر، وجعل نفسه في وضعيّة ذاك الرّجل الذي سقط وكُسِرَت يده مثلاً (في الحرب الروسيّة على أوكرانيا)، فمضى يحطّم كلّ أجزاء وعظام جسمه (باستفتاءات، وتعبئة عسكرية، وتصريحات "صبيانيّة"، وبالاتّكال على صداقات وعلاقات روسيّة خارجية خالية من أي معنى، وحتى فاسدة... لربح الحرب)، وذلك بدلاً من طلب المساعدة لنَيْل الشّفاء (إيجاد المخرج المُناسب لوقف تلك الحرب العبثيّة، وخسائرها).

 

السياق الجيوسياسي

يريد بوتين من خلال الاستفتاءات تلك، والتعبئة، تغيير الأوضاع على الأرض، في الشهر السابع من الحرب التي فضحت هشاشة الجيش الروسي، بما يسعى الى فرض جَعْل الأراضي الأوكرانية المحتلّة وكأنها أراضٍ روسيّة، يُسمَح للجيش الروسي باستعمال كل أنواع الأسلحة للدّفاع عنها، ويجعل أي هجوم أوكراني مُضاد عليها بمثابة هجوم على الأراضي الروسية نفسها، ويضمّ تلك الأراضي المحتلّة الى العقيدة النووية الروسية.

فيما يعتبر بعض المسؤولين الروس، أن تلك الاستفتاءات ستغيّر السياق الجيوسياسي في أوروبا بكامله. ولكن هؤلاء يُشبهون من يقدّم جرعة مُسكِّن، لمريض (هو بوتين)، بدلاً من نُصحه بأن لا يتوغّل في وضعيّة "الرجل المريض"، التي أبدعت أوكرانيا بإسقاطه فيها، بطريقة تجعل الخروج منها شديدة الكلفة.

فسواء مضَت روسيا بالاستفتاءات، بحجّة أن هذا هو مطلب السكان (وهذه مهزلة روسيّة)، أو لا، فإن مصير الحرب الروسيّة على أوكرانيا لا تحدّدها خطوات لن يُعتَرَف بها دولياً، بل أرض المعركة، التي ترسم الطريق الى طاولة المفاوضات. وتلك الأرض تبدو "حُفْرَة هاوية" لبوتين، ولجيشه، ولمرتزقته من شيشانيّين، وغيرهم... في أوكرانيا، حتى الساعة.

فَعَنْ أي سياق جيوسياسي سيتغيّر في أوروبا عبر تلك الاستفتاءات، يتحدّث الروس، طالما أن "لعنات" الفشل الروسي التاريخي، بمخزونه القيصري والسوفياتي، لا تزال تلاحق الرئيس الروسي حتى الساعة، رغم سعيه الى استعادة "الأمجاد" السوفياتية، والقيصرية؟

 

أكبر صفعة

ليس عادياً أن تشكّل أوكرانيا، وهي أكبر جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق في أوروبا الشرقية، أكبر صفعة لروسيا في العصر الحديث، ليس على الصّعيدَيْن السياسي والعسكري فقط، بل على المستوى الإيديولوجي، واتّجاه الشّعب الأوكراني نحو العالم الديموقراطي أكثر، ومضيّ كييف بتغيير جذري في عقيدتها السياسية والعسكرية، وفي الفلسفة الاقتصادية التي تقوم عليها، بما سيجعلها "مُطَلَّقَة" بالكامل مستقبلاً، من أي شيء روسي.

كما أنه ليس عادياً أن يوقّع رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكايف، وهي أكبر جمهورية سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى، والدولة الأقوى اقتصادياً فيها (آسيا الوسطى)، على تعديلات دستورية جديدة تتضمّن بنداً ينصّ على أن رئيس البلاد يُنتخب لفترة رئاسية واحدة، مدّتها 7 سنوات غير قابلة للتجديد.

وهذا ليس عادياً، في بلد عُمقه التاريخي هو روسيا، حيث إيديولوجيا حُكم الحاكم الواحد، الذي يريد أن يحوّل العالم كلّه الى فلسفته السياسية، والاقتصادية المُعادِيَة لأي ديموقراطية، ولأي تداوُل حقيقي على مستوى السلطة. وهذه أكبر صفعة لحاكم الكرملين الأوحَد، في مناطق نفوذه.

 

اشتباكات عنيفة

وليس عادياً أنه في الوقت الذي كانت فيه روسيا والصين تروّجان لنظام دولي جديد يتحدّى الغرب، خلال قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي انعقدت في أوزبكستان الأسبوع الفائت، كانت الحدود الأذربيجانية - الأرمينية تشتعل باشتباكات عنيفة، ومثلها الحدود ما بين قرغيزستان وطاجيكستان، وسط تبادُل اتّهامات باستخدام الأسلحة الثقيلة بين كل تلك الأطراف، في بلدان هي حدائق خلفيّة لروسيا، والملعب الآسيوي التاريخي لموسكو. فضلاً عن أن قرغيزستان وطاجيكستان تستضيفان قواعد عسكرية روسيّة، وترتبطان بعلاقات وثيقة بروسيا.

وليس عادياً أن تزور رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي أرمينيا، دعماً لها، في وقت وصلت فيه النّقمة الأرمينية من دور روسيا غير البنّاء في الأزمة ما بين أرمينيا وأذربيجان، الى مراحل متقدّمة، بحسب أكثر من مصدر مُطَّلِع. وهذا كلّه على وقع تصريحات "خرافيّة" لبوتين، حول مستقبل العالم، خلال قمة "منظمة شانغهاي للتعاون"، فيما هو عاجز عن إرساء السلام في "مناطقه" المجاورة.

 

مسرحيّة

وانطلاقاً ممّا سبق، قد لا تنجح مسرحية الاستفتاءات الروسية في الأراضي الأوكرانية المحتلّة، تحت ستار "الطّلب الشعبي"، سوى في تعقيد مشهد حرب، فتحت روسيا نارها في 24 شباط الفائت، وما عادت قادرة على إخمادها، لا بمكاسب كاملة حلمت روسيا بها خلال التحضير لتلك الحرب، ولا حتى بحفظ كرامة الجيش الروسي، الذي ظهر بأسوأ صورة له في مرحلة ما بعد تفكّك الإتحاد السوفياتي، في أوكرانيا.

يقول المثل اللبناني الشائع "طلعت دقن ابنك حلوق دقنك". وهو يصحّ كنصيحة، يمكن تقديمها للرئيس الروسي رغم أن لا ذقن له. فهو يرفض "شيخوخة" عقائده السياسية والعسكرية، ورؤية "الذّقون الكثيرة" في المحيط الروسي، التي تحطّم السّجن الكبير، والتي تحتّم على "رئيس الكرملين" أن يحلق الكثير من "الذّقون" المُحيطة به، وبسياساته الخارجيّة، وبحروبه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار