هل تبقى روسيا للروس الذين يتناقصون ويهربون منها؟ | أخبار اليوم

هل تبقى روسيا للروس الذين يتناقصون ويهربون منها؟

انطون الفتى | الجمعة 23 سبتمبر 2022

عاجل: مجنون هارب يحمل قنبلة نووية ويهدّد بتفجير كاتدرائيات روسيا كلّها!!!...


أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

تتصارع المصالح الدولية في أوكرانيا، وفي أكثر من مكان آخر. ولكنّها تتلاقى في الوقت نفسه على "تلميع صورة" بعض "الدّيكتاتوريات الناشئة" في منطقتنا، وعلى منحها سمعة "طيّبة" في مجالات حقوق الإنسان، وتبادُل الأسرى، ستُمهّد الطريق لفتح الأبواب العالمية أمامها أكثر، مستقبلاً.

بين الناس
وبمعزل عن "خبث" إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في أكثر من ملفّ، إلا أن الرئيس الأميركي "صَدَقَ" في كلامه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبإشارته الى أن الحرب التي يشنّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، هي "حرب رجل واحد".
نعم. رجل واحد بات خطراً على دولة بكاملها، وعلى ملايين "نسمات الحياة" التي فيها. وهذا الرّجل الواحد، الذي هو الرئيس الروسي، صار خطراً على العالم بأسره أيضاً، انطلاقاً من اتّخاذه وضعيّة "المجنون" الذي هرب من مكان علاجه، وهو يحمل قنبلة نووية بيده، يتنقّل فيها بين الناس.

خطر
لا يهمّنا ما إذا كان بوتين يسعى الى "تجميع" 300 ألف جندي من قوات الاحتياط لديه، على مدى أشهر. ولا يهمّنا ما يشعر به من إحباط وفَشَل، هما نتيجة طبيعية يحصدها من جراء حرب دموية عبثيّة، ما كان يجب عليه إشعالها أصلاً، وهو يجني ثمارها الفاسدة حالياً.
ولكن ما يبرز واضحاً أمام الجميع، هو الخطر الذي بات يشكّله هذا الرّجل و"حاشيته" على روسيا، وعلى شعبها، وعلى كنيستها، وتاريخها، وأرثوذكسيّتها، وهويّتها، وعلى الكرة الأرضيّة بأسرها.

داخل روسيا
يؤسفنا أن بعض التّافهين في لبنان، وفي عالمنا العربي، وهم من السياسيّين والزّعماء الفاشلين في إدارة أحزابهم، وجماعاتهم الخاصّة، وبلدانهم، "يُغرّدون" وينصحون بإنهاء الحرب في أوكرانيا، من دون أي مُراعاة لمبدأ العدالة لكييف، في الوقت الذي يتوجّب عليهم فيه أن يصمتوا، خصوصاً أنهم عوّدونا على نتائج سياساتهم "الجبانة" بالتسويات، التي لا تحمل إلا الحياة لهم ولـ "حواشيهم"، والموت للشّعوب.
ويؤسفنا أن نقول إن الحرب الروسيّة على أوكرانيا لن تجد "التبريد" اللازم، إلا بزيادة الضّغط العسكري على الجيش الروسي ومرتزقته في الأراضي الأوكرانية، جنباً الى جنب خطوات يتوجّب على الشّعب الروسي أن يقوم بها داخل روسيا، تحرّرها من "مجنون نووي". وتلك الخطوات هي إزاحة هذا المجنون عن السلطة، ومحاكمته، وسجنه لا إعدامه، وذلك من جانب إدارة روسيّة جديدة، تعلّم الروس الديموقراطية، وأنه يُمكن بلوغ العدالة بالمحاكمات العادلة، لا بالإعدامات، ولا بالدّماء، ولا بحوادث الانتحار الغامضة، التي هي جرائم قتل.

احتلال
روسيا باتت تحت رحمة "شهوات" رجل واحد، و"حاشيته"، الذين يشكّلون خطراً على التاريخ الروسي العريق بمسيحيّته الأرثوذكسيّة، والذين يغيّرون وجه روسيا، بما يختزنه من إرث عميق وعريق. فتلك "الحاشية" تبني أرثوذكسيّة جديدة، خطيرة، مُعادِيَة للسيّد المسيح، وللكتاب المقدّس، وهي لن تظهر الى العَلَن إلا بعد الانتهاء من "الغطسة الروسيّة" في أوكرانيا. وقد تلمّسنا خلال الأشهر الماضية، بعض ملامح تلك الأرثوذكسية الجديدة، من خلال قيام كاهن أرثوذكسي روسي، بضرب كاهن أرثوذكسي أوكراني، بصليب يحمله (الأوّل) بيده. وهذه أرثوذكسيّة دماء، عنيفة. أرثوذكسيّة سياسة، وملكوت أرض، مُنفصِلَة عن المسيح.
وفي إطار تغيير وجه روسيا، وهويّتها، نذكر أنه منذ بَدْء الحرب الروسيّة على أوكرانيا، غادر روسيا عشرات الآلاف من الروس، من أصحاب الكفاءات، ومن الحاصلين على مؤهّلات علميّة عالية، وذلك خوفاً من تجنيدهم، أو بسبب التدهور الاقتصادي المُتزايِد، والتقلُّص الإضافي في الحريات.
ويُضاف هذا المشهد الى حقيقة ما يُشير إليه خبراء من انخفاض في معدّلات الإنجاب في روسيا، منذ سنوات، وهو ما تحاول موسكو أن تعوّضه بطُرُق عدّة، من بينها احتلال شبه جزيرة القرم، والمزيد من الأراضي في شرق وجنوب أوكرانيا، ومَنْح الجنسيّة الروسيّة لسكانها، بهدف زيادة عدد الشعب الروسي.

احتجاجات
ولكن تتضاعف المخاوف على هوية روسيا، ومسيحيّتها، وأرثوذكسيّتها، عندما نرى أنها (روسيا) لن تكون لنسيجها الأصلي، لوقت طويل بَعْد، إذا استمرّ الوضع الحالي على ما هو عليه الآن.
فما إن أعلن الرئيس الروسي التعبئة الجزئية أمس، حتى ارتفع الطلب على الرحلات الجوية الروسيّة، الى وجهات لا يحتاج فيها الروس إلى تأشيرة، بأضعاف الأضعاف. كما عمّت الاحتجاجات عدداً من المناطق الروسيّة، رفضاً لقرار التعبئة، وسط صيحات شعبيّة تُنادي برفض الموت من أجل بوتين. وهذا يعني صحوة روسيّة الى أن الحرب على أوكرانيا هي حرب بوتين، ومن أجل مستقبله السياسي، لا من أجل مصلحة روسيا، وشعبها.

جيل جديد
الروس يرحلون من روسيا، وقد لا يعود بعضهم إليها أبداً، وذلك هرباً من حروب و"شهوات" بوتين، تاركين خلفهم ما تبقّى من مدّخراتهم، ومنازلهم، وأراضيهم...
ولكن "آخرين" سيحلّون مكانهم، في قلب روسيا، وبما سيكون مُكلِفاً جدّاً على تاريخها، وهويّتها. فعلى سبيل المثال، صادق مجلس الدوما الروسي مؤخّراً، على قرار يسمح بتسهيل منح الجنسية الروسية للمقاتلين الأجانب. وهو ما سيُفسح المجال أمام الأجانب الذين أبرموا عقداً مع وزارة الدفاع الروسية، للخدمة العسكرية مدّة عام واحد على الأقل، بالحصول على الجنسية الروسيّة بطريقة مبسّطة، ومن دون الحاجة الى إقامة موقّتة أو دائمة. وبما أن لا شعبيّة للحرب الروسية على أوكرانيا في صفوف الشباب الروسي، فيُمكننا أن نتخيّل حَجْم "الجحافل" التي ستتدفّق الى روسيا، من آسيا الوسطى والشرق الأوسط...، للقتال في أوكرانيا، وللحصول على جنسيّة روسيّة، ونقل روسيا من هويّة الى أخرى. وهو ما يجعلنا حالياً أمام مدّة تحضيريّة تفصلنا عن ظهور جيل جديد من "روس غرباء" عن روسيا، في قلب روسيا، مستقبلاً.

أين؟
إذا نظرنا الى حَجْم المصالح المتزايِدَة بين "شهوة" بوتين تجاه خلق واقع دولي جديد، وبين بعض دول العالم الإسلامي مثلاً، نفهم أسباب العمل الروسي المتزايِد منذ مدّة، على تحضير الظروف اللازمة، من أجل إدخال الخدمات المصرفية الإسلامية، والصرافة الإسلامية، الى مناطق روسيّة عدّة.
وهذه التجربة، إذا نجحت، ستُعمَّم في جميع أنحاء روسيا، وهي تهدف الى جذب روّاد الأعمال من الشرق الأوسط، للاستثمار في الاقتصاد الروسي.
وهنا يكون السؤال الأساسي. هل تبقى روسيا أمينة لتاريخها العريق، ولأرثوذكسيّتها، مع أجيال روسيّة جديدة جُنِّسَت لصالح "شهوات" بوتين الكثيرة؟ وهل سيهتمّ بوتين وحاشيته، بمستقبل الإيقونات والكاتدرائيات الروسيّة، أكثر من اهتمامه بمستقبل "شهوته" الى كَسْر عزلته الدولية بأي ثمن؟
في المحصِّلَة، القيادة الروسيّة الحاليّة تلعب لعبة خطيرة، وهي باتت كالمجنون الهارب بقنبلة نووية، ستنفجر فيه، وبالعالم كلّه. فهل من يُنقذ روسيا والعالم، من "مجانين" الكرملين الرّاكضين خلف "مجنون"؟ وهل من يُعيد بناء الهويّة الروسيّة الأصليّة، غير الشعب الروسي، الذي يهرب من روسيا؟ وأين؟؟؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار