بالدّليل القاطع... لا تنتخبوا من سيتركنا "نعوّي" جوعاً وفقراً ومرضاً!؟... | أخبار اليوم

بالدّليل القاطع... لا تنتخبوا من سيتركنا "نعوّي" جوعاً وفقراً ومرضاً!؟...

انطون الفتى | الخميس 29 سبتمبر 2022

الرئيس المطلوب ليس موجوداً في لبنان

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

يكثر الحديث عن ضرورة انتخاب رئيس إصلاحي، ومُناهض للفساد، ينقل لبنان من مرحلة الى أخرى.

من حيث المبدأ، هذا أكثر ما نطلبه. وأما من حيث الأمر الواقع، فهذا أبْعَد ما سيحصل. ونقول ذلك بعد خبراتنا الطويلة "بالمتوفّر"، و"بالمُمكن" في بلادنا، والذي هو بعيد كلّ البُعْد ممّا يجب أن تكون عليه الأحوال.

 

قنبلة ذرية

فالإصلاح ليس اتّباع برنامج مع "صندوق النّقد الدولي"، ولا توفير الشروط السياسية لترسيم الحدود البحرية، أو البرية، ولاستجرار الغاز من أجل زيادة ساعات التغذية الكهربائية، بموازاة تركنا "نعوّي" جوعاً، ومرضاً، وفقراً.

كما أن مكافحة الفساد لا تقتصر على "تطهير" بعض الدوائر الرسمية، من بعض "مقطوعي الظّهر"، بعد "تبويس" لحى، وأيدي، وأرجُل. وما بتنا نحتاج إليه، هو حياة جديدة، في دولة من نوع آخر، حتى ولو بدأت تلك الحياة بقنبلة ذرية (بالمعنى المجازي) تمحو "الأخضر واليابس"، قبل بَدْء العمل "عا نظيف".

 

محاكمتهم

نعود الى "فوائض" القطاع العام، والى المبالغ "الانهيارية" الهائلة التي يكلّفها هذا القطاع، لنتحدّث ليس فقط عن الحاجة الى تقليص أعدادهم، بل الى محاكمة بعض هؤلاء، الذين عاثوا في الدولة فساداً و"عا مكبّر"، خلال عقود.

هذا الى جانب أن بعضهم يصلح التعامُل معه على أساس أنه "خزّان أسرار"، للفساد السياسي والحزبي الكثير، الذي تحكّم بمرافق الدولة، وبمؤسّساتها العامة، وبدوائرها على مدى عقود وعقود، وبما هو أبْعَد من تقليديات التنفيعات، و"وسّع لي لأوسّع لك..."، و"اصمُت أنت حتى أصمت أنا".

 

خلال الحرب

يُخبر أحد المُكتوين بالفساد المنظَّم، والمُقَوْنَن في الدولة اللبنانية، في إحدى جلساته، ما عانى منه في أعماله، وما تكبّده من مبالغ، هي خسائر، بسبب الفساد السياسي والحزبي الكبير، الذي لطالما تحكّم بمفاصل الدولة اللبنانية.

ويعود هذا "المُكتوي" بالذّاكرة الى حقبة الحرب الأهليّة، ليُخبر أن "كونتينرات" من بضائع كان يستوردها من الخارج، لصالح عمله وتجارته في لبنان، كانت تخضع لـ "خوّات" أحد الأحزاب، الذي كان يسيطر على مرفق مهمّ جدّاً، من مرافق الدولة اللبنانية، خلال حقبة الحرب الأهليّة.

ويؤكّد هذا "المُكتوي" أنه لولا تلك الرّسوم - "الخوّات"، لما كان ليتمكّن من "تحرير" بضاعته، واستلامها، لاستعمالها آنذاك. وظلّ على تلك الحالة لفترة طويلة، الى أن تغيّرت الظروف.

 

"كثير منيح"

الحزب الذي كان يسيطر على هذا المرفق الرسمي المهمّ، وعلى عائداته، وعلى كل "شاردة وواردة" تدخل أو تخرج منه خلال الحرب الأهليّة، ينتمي الى بيئة سياسية وطائفية مختلفة عن بيئة هذا "المُكتوي"، السياسية، والطائفيّة، معاً.

وانطلاقاً من هذا الواقع، استفاد (المُكتوي) من تغيُّر بعض الظّروف، في أواخر الحرب الأهليّة تقريباً. فحرّر بضاعته في إحدى المرّات، عبر دفع نحو 80 في المئة من "الخوّة" المفروضة، وذلك مقابل وعد بدفع الـ 20 في المئة الباقية منها، بعد مدّة.

ظروف البلد تبدّلت أكثر، بعد مدّة قليلة، بما سمح لهذا "المُكتوي" بـ "التطنيش" عن الـ 20 في المئة الباقية من "الخوّة". وهو اعتقد أن ما "فات مات"، الى غير رجعة، وأنه ارتاح، وأن الظّروف تغيّرت، و"كثير منيح".

 

مفاجأة

ولكن المفاجأة الكبرى، هي أن عنصراً حزبياً ينتمي الى حزب من الأحزاب السياسية التي كانت مُسيطِرَة في "منطقته" (المُكتوي) خلال الحرب الأهليّة، زاره مرّة، قائلاً له:"يتوجّب عليك أن تدفع مبلغ كذا وكذا، مقابل كذا وكذا، وهو ذاك المبلغ الذي كان لا يزال مُستحقاً عليك مقابل تحرير بضاعتك".

والمفاجأة الأكبر، كانت كميّة المعلومات التي يمتلكها هذا العنصر الحزبي، بالجداول، والأرقام عالية الدقّة، عن الـ 20 في المئة التي كانت لا تزال باقية من "الخوّة"، وعن "الخوّات" السابقة التي كان يدفعها هذا "المُكتوي" لصالح الحزب الآخر، ورغم أن الحزب الذي ينتمي إليه العنصر الحزبي الذي يعرضها، هو من أبرز "المُعادين" (خلال الحرب الأهليّة) للحزب الذي كان مُسيطراً على هذا المرفق الرسمي، وحتى الدمّ.

وما كان من "المُكتوي" إلا أن دفع، و"مثل الشاطر"، الـ 20 في المئة الباقية، لصالح الحزب الآخر، المُعادي للأوّل خلال الحرب الأهليّة، حتى الدم.

 

عصابات

نعم. هذا ما هو موجود في بلادنا. وهذه هي العصابات المُغطّاة بإسم شرعيّة. وهذه هي الدولة اللبنانية مع الأسف.

فمن هو الرئيس القادر على محاربة هذا النّوع من الفساد؟ لا نعلم. ومن هو ذاك الذي يريد أن ينخرط في هذا النّوع من العمل؟ لا أجوبة. ومن هو الرئيس القابل للتعامُل مع "جحافل" الفوائض العاملة في القطاع العام، وفي مرافق الدولة خلال عقود وعقود، كخزّان للمعلومات والأسرار، لفضح الكثير من "الشواذات" والفساد، والجرائم المالية، وصولاً الى حدّ إدخال من تورّطوا بها الى السّجون، ومحاكمتهم، حتى ولو باتوا في سنّ التقاعُد حالياً. ففي النّهاية، هُم تقاعدوا من أعمال "حرام" كثيرة، تورّطوا بها في الماضي.

هذا الرئيس ليس موجوداً في لبنان، مع الأسف، ولن يكون فيه. ولذلك، لا يهمّنا من تنتخبون، ولا لمن تقترعون، طالما أن الجمهورية ميتة، بعصاباتها الكثيرة والمتنوّعة، والمُغطّاة بإسم شرعيّة.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار