تشتّت أساتذة اللبنانية "عصب" الجامعة المهمّش! | أخبار اليوم

تشتّت أساتذة اللبنانية "عصب" الجامعة المهمّش!

| الأربعاء 05 أكتوبر 2022

عندما يتشتت اساتذتها يصبح من السهل ضرب الحقوق ونزع المكتسبات

"النهار"- ابراهيم حيدر

حين تقرر الهيئة العامة لاساتذة الجامعة اللبنانية المتفرغين استمرار الاضراب في كليات الجامعة، فيفترض أن أكثريتهم لديهم القدرة على إعادة تصويب المسار العام لأداء الهيئة التنفيذية لرابطة المتفرغين إذا كانت قاصرة عن قيادة العمل النقابي الديموقراطي لتحقيق المطالب، وطرح آلية جديدة للعمل واقتراح اساليب ناجعة لإنقاذ الجامعة من براثن التوظيف السياسي وهيمنة القوى الطائفية في كلياتها. لكن المشكلة أن التصويت على استمرار الاضراب لم يستند إلى حجج وبراهين تقنع أن الهيئة العامة بأكثرية اساتذتها، قادرة على نقل العمل النقابي إلى حالة جديدة من الاستقلالية تعزز المسار الديموقراطي والاكاديمي وتفرض ممارسات مختلفة على المجالس التمثيلية في الجامعة. الوجع وحده كان السبب بتوصية الاستمرار في الإضراب، وهو في هذه الحالة مسألة مالية بالدرجة الاولى لا تنظر إلى الأزمة العامة ووضع الطلاب ولا الى مشكلة الجامعة كمؤسسة أكاديمية عليها أن تقلع وتؤمن الدراسة للطلاب تثبيتاً لوجودها وصوناً لمصالح أهلها.

يعرف أساتذة الجامعة أن الاستمرار في الاضراب سيف ذو حدين، أولاً لجهة تبريره بعد الحصول على الحد الادنى من المطالب إن من ناحية ميزانية المؤسسة التي زادت 500 مليار ليرة إضافة إلى 50 مليارا لصندوق التعاضد، او حصول الاساتذة على زيادة الرواتب بضعفين شأنهم كشأن موظفي القطاع العام. فإذا كان المطلوب تثبيت بدل النقل مثلاً أو حوافز أخرى، وهي حق للاساتذة، فإن ذلك لا يبرر الاضراب المفتوح، بل طرح اساليب أخرى من العمل والضغط وتنظيم تحركات فاعلة حيث تعجز الاداة النقابية أي رابطة المتفرغين عن السير بها، وصولاً إلى إستعادة دورها وقدرتها على التأثير بعيداً من الهيمنة السياسية والطائفية التي تقيّد العمل لحسابات ضيقة ومصلحية.

لا بأس إذا كانت انتفاضة أساتذة اللبنانية هي لإعادة تصويب العمل النقابي، حيث الرابطة تعيش اليوم أسوأ أزماتها، وهي آخر الحصون الديموقراطية التي فقدت دورها كسائر الحركة النقابية في القطاعات المختلفة، فالحراك الجديد الذي استمد قوته من خرق المستقلين لنسبة كبيرة في مجلس مندوبي الرابطة قد يعزز إمكان استعادة بعض النبض، لكنه قد يموت سريرياً ما لم يراكم بعيداً من الشعبوية وعدم القدرة على قياس الخسائر والارباح ودراسة الجدوى، وقبل ذلك وضع الجسم على مشرحة النقد للتمكن من إعادة البناء من جديد.

سيكتشف الاساتذة أنفسهم مثلاً أن الجمعيات العمومية في الفروع والكليات قد تغير المسار الذي كرسته الهيئة العامة الكبرى في مجمع الحدت، حيث المراكمة اساسية في هذه المواضع ومعها التأثير في القرار بوجه قوى سياسية وطائفية متجذرة وممسكة بزمام الامور. وعندها لن يكون معنى لكلام رئيس الرابطة عن أن هيئته لم تدع الاساتذة للتصويت على رفع الاضراب انما لمناقشة سبل المواجهة، وهذه مسألة تحتاج إلى نقاش عميق في دور الهيئة العاجزة عن التأثير واستقطاب الاساتذة وجمعهم حول مواقفها.

الواقع أنه لا يمكن الاستمرار بتعطيل الاعمال الأكاديمية في الجامعة، وعلى الهيئة التي يقول رئيسها إنها "ام الصبي"، أن تبذل جهداً وبمواقف شفافة وواضحة كي نقتنع جميعاً إما برفع الإضراب وإما استمراره.

الجامعة تمر اليوم في المرحلة الأخطر، وعندما يتشتت اساتذتها يصبح من السهل ضرب الحقوق ونزع المكتسبات وإدخالها في بازار الصراع الطائفي والسياسي. مهمة الأساتذة إعادة الجامعة إلى مسارها الاكاديمي ومنع استسهال التلاعب بها ولا خيار إلا باستعادة عناصر قوتها بعيداً من التوظيف الذي يلغي تاريخها...

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار