الإعلان عن أوّل رزمة من العقوبات الأميركية على السعودية... مُمكِن أو لا؟ | أخبار اليوم

الإعلان عن أوّل رزمة من العقوبات الأميركية على السعودية... مُمكِن أو لا؟

انطون الفتى | الخميس 06 أكتوبر 2022

شحيتلي: العقوبات لن تؤثّر على السعوديّين إذا تمكّنوا من تحقيق التقارُب اللازم مع إيران

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

ما عاد بالإمكان لَمْلَمَة الخلافات الأميركية - السعودية أكثر. فإذا كان هذا الحيّز من الأحداث العالمية مُهمَلاً في لبنان، نظراً للصّداقات اللبنانية المتعدّدة مع السعودية، ومع الأميركيّين، بما يصعّب على كثير من اللبنانيّين اتّخاذ موقف، إلا أن هذا لا يمنع حقيقة أن التفسّخات الأميركية - السعودية تتوسّع.

 

لغة جديدة

فبين قرارات مجموعة تحالف "أوبك بلاس" النّفطية، وتعميق الشراكة التجارية بين السعودية والصين، تتّجه العلاقات بين واشنطن والرياض نحو مزيد من التدهوُر، الى درجة التعبير الأميركي القاسي، والعنيف، عن الحاجة الى فرض عقوبات أميركية على السعودية.

فهذه لغة جديدة، لم نسمعها سابقاً. والمثال الأبرز عليها هو ما ورد من كلام قاسٍ على لسان النائب الأميركي رو خانا، عن أن السعوديين يستنزفون الشعب الأميركي، ويزعزعون استقرار الاقتصاد الأميركي، فيما هم قوّة من الدرجة الثالثة، داعياً الرئيس الأميركي جو بايدن الى قطع إمدادات قطع غيار الطائرات عن السعودية.

وذهب النائب الأميركي الى ما هو أبْعَد، عندما تحدّث بقسوة عن أن السعودية "ليست حليفاً لنا"، و"يتوجّب علينا أن نكون قاسين معهم". وأضاف:"يحتاج الرئيس (بايدن) إلى توضيح أننا سنقطع إمداداتهم. يمكننا أن نضع قوّتهم الجوية في الأرض خلال يوم واحد".

 

حقوق الإنسان

ويُضاف الى كلام النائب الأميركي، مجموعة من المواقف التي كانت تصدر عن شخصيات أميركية "ديموقراطية" و"جمهورية"، على حدّ سواء، تجاه السعودية خلال الأشهر الماضية، والتي كانت تتحدّث عن ضرورة عَدَم التسامُح مع الإعدامات المستمرّة في السعودية، ومع انتهاكات حقوق الإنسان، وعن عَدَم إهمال العدالة في ملف جريمة مقتل الصّحافي السعودي جمال خاشقجي، وعن ضرورة عَدَم توفير الغطاء الأميركي لزعامة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وصولاً الى حدّ اعتبار بعض المحلّلين الأميركيين (بعضهم يدور في فلك الحزب "الجمهوري" لا "الديموقراطي") أن التحالف العالمي الطبيعي لبن سلمان هو روسيا والصين، وليس الولايات المتحدة الأميركية والغرب، ومنظومة دول "العالم الديموقراطي"، وأنه يتوجّب على واشنطن حفظ مصالحها وحقوقها في السعودية، لا أكثر، ومن دون اعتبار أنها تتعامل مع حليف استراتيجي هناك.

وتعزّزت تلك الأفكار بعدد من التصريحات التي خرجت بها بعض الأصوات السعودية المُعارِضَة أيضاً، والتي تعيش في الولايات المتحدة الأميركية منذ سنوات.

 

"فوز كامل"؟

وانطلاقاً ممّا سبق، يبدو أن مشكلة السعودية مع واشنطن لم تَعُد ترتبط بإدارة "ديموقراطية"، ولا بجناح يساري داخل الحزب "الديموقراطي"، يُقال إنه يفضّل إيران على السعودية، ويتّهم الرياض بدعم الإرهاب في العالم، وهو يرفض مَنْح السعودية أي "فوز كامل" في حرب اليمن.

فالواقع هو أن عالم ما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا، كشف عن فقدان ثقة قديم ودفين في صفوف عموم الأميركيّين، تجاه السعودية. فالى أي حدّ من التدهور، يُمكن أن تصل العلاقات بين الطرفَيْن مستقبلاً؟

 

فرض شروط

رأى اللواء الرّكن المتقاعد عبد الرّحمن شحيتلي أن "الخلافات بدأت تكبر بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وبين الدول الحليفة لها، والتي لطالما كانت تدور في فلكها، وفي مدار رعايتها العسكرية، والأمنية، والسياسية. وهي خلافات بدأت تطفو على السطح مع دول أوروبيّة أوّلاً، قبل أن تنتقل الى الشرق الأوسط".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى "تعارُض السياسات الأميركية مع سياسات الدول في أكثر من منطقة. وتكون الأهداف الأميركية أحياناً كثيرة أبْعَد من حدود منطقة واحدة. ولكن لا يُمكن لواشنطن الاحتفاظ بسياسة فرض الشروط على دول الشرق الأوسط، لمنعها من التقارُب مع الصين".

 

تنافُس

وأوضح شحيتلي:"بدأت السعودية بالانفتاح على الصين قبل سنوات، وهذا مُقلِق للولايات المتحدة. فالسعودية بحاجة الى تطوّر كبير، خصوصاً على صعيد المشاريع المتعلّقة بالمواصلات، والموانىء، وسكك الحديد، ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، والمشاريع الاقتصادية الكبرى. ففي النهاية، هذه مصلحة سعوديّة، وحاجة الى تطوّر وإنماء تلبّي متطلّباته بكين، لا واشنطن، التي تلبّي حاجات الرياض العسكرية لا الاقتصادية".

وأضاف:"هذا عامل إضافي لزيادة التنافُس الأميركي - الصيني في الشرق الأوسط، قوامه الانفتاح السعودي على بكين بأكثر ممّا هو مسموح لها أميركياً".

 

عقوبات

وردّاً على سؤال حول إمكانية أن يصل العالم الى اليوم الذي يستمع فيه الجميع الى خبر عن فرض عقوبات أميركية على السعودية، أجاب شحيتلي:"هذا مُمكِن جدّاً، نعم. فالعقوبات الأميركية على السعودية ليست مُستبعَدَة بالمُطلَق. ولكن ذلك لن يؤثّر على السعوديّين، إذا تمكّنوا من تحقيق التقارُب اللازم مع إيران. وهذا ما تسعى إليه الرياض حالياً".

وختم:"إذا حصلت السعودية على ضمانة إيرانية، بعَدَم تطوُّر الصراع السعودي - الإيراني الى مرحلة التهديد المُتبادَل، فعندها لن تتأثّر السعودية بأي عقوبات أميركية، كثيراً. فأُفَول السيطرة الأميركية على العالم بدأت تظهر، لا سيّما في أوروبا، والشرق الأوسط".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار