لبنان.. إذا وصل سعر برميل النّفط العالمي الى 500 دولار أميركي!... | أخبار اليوم

لبنان.. إذا وصل سعر برميل النّفط العالمي الى 500 دولار أميركي!...

انطون الفتى | الخميس 06 أكتوبر 2022

هذا يرقى الى مستوى جريمة في بلد يكتوي بأسعار المحروقات

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

لعلّ أكثر ما "يُضحِك القلب" من جراء إعلان "أوبك بلاس" أمس، عن تخفيض إنتاج النّفط الى مليونَي برميل يومياً خلال الشهر القادم، هو النّظر الى التفاعُل العالمي مع الخبر، ومقارنته مع "السُّبات" العميق للشعب اللبناني، وللدولة اللبنانية.

 

"نظيف"

ففي الشّكل، قد يشكّل الخبر كارثة. ولكن في المضمون، هو فرصة ذهبيّة حقيقيّة، للبلدان "الحقيقية"، التي تستغلّه لحثّ شعوبها على التسريع في عمليات "التحوُّل الطاقوي"، وفي السّعي الى اللّجوء للطاقات المتجدّدة في الاستعمالات المنزلية، مع تغيير السلوكيات الاستهلاكية للطاقة، لتتناسب مع هذا التغيير، وذلك بموازاة العمل على تقليص حاجة المصانع والشركات الكبرى نفسها أيضاً، لمصادر الطاقة الأحفورية، على قدر الإمكان، تحقيقاً لهدف تقليص الحاجة الى استيراد تلك الطاقات الملوِّثَة للبيئة، وتقليل حجم أرباح الدول النّفطية.

الهدف الكبير ممتاز، وعظيم. ولكنّه يحتاج الى مواطن "نظيف"، ذات سلوكيات "نظيفة"، والى دولة "نظيفة"، توفّر السُّبُل اللازمة لتوجيه مواطنيها نحو الطاقات النّظيفة. وهو ما ليس متوفّراً في لبنان، مع الأسف.

 

زلزال

فبالنّظر الى اللبناني "الحرّيف"، الذي بات واحداً من مواطني "عالم الانهيار" الدولي (الانهيار صار عالمياً، وإن تعدّدت أشكاله، وأنواعه، وأسبابه، من دولة الى أخرى)، نجد كارثة الكوارث، وزلزال الزلازل، ولو وصل سعر برميل النّفط عالمياً الى 500 دولار أميركي، وسعر صفيحة البنزين المحلية الى 100 دولار أميركي.

ففي الوقت الذي يجهد فيه المواطن الأوروبي، والأميركي، والعالمي، في الإسراع الى الطاقات المتجدّدة، والى التحضُّر لزمن السيارات والطائرات الكهربائية، مع تكثيف اللّجوء الى المحال القريبة لشراء مختلف أنواع الحاجيات، وتغيير السلوكيات بحثاً عن تقليل "مصروف البنزين"، ننظر الى أمثلة ونماذج كثيرة و"شاذّة" في لبنان، في قلب زمن الضّيق.

فهل من المسموح مثلاً، أن ننظر الى مواطن لبناني في هذه الظّروف بالذّات، يركن سيارته الى جانب الطريق، من أجل التحدُّث الى شخص يعرفه، لنحو ربع ساعة، وذلك من دون إطفاء السيارة، وفيما "تفويلة" سيارته قد تتجاوز الـ 3 مليون ليرة لبنانية؟ هل هذا مشهد سلوك "نظيف"، في زمن الانهيار "الطاقوي" العالمي؟

 

"حرّيف"

هذا لا يجوز، وهو يرقى الى مستوى جريمة، في بلد من المُفتَرَض أنه يكتوي بأسعار المحروقات.

وبمعزل عن قدرة الشّخص هذا على تأمين محروقاته بشكل كامل، وبسهولة، أو لا، إلا أن سلوكه هذا هو خطأ كارثي بحدّ ذاته، ومن حيث المبدأ، في أوان الحاجة الى تغيير السلوكيات "الطاقوية"، تحقيقاً لمتطلّبات "لبنان الجديد"، المنضوي ضمن عالم يتغيّر، ويتبدّل، على الصُّعُد كافّة، ليس أقلّها ملفات الطاقة.

 

"أشطر"؟

هذا هو اللبناني "الحرّيف"، الذي لا أحد "أشطر" منه بالحديث عن فوائد الطاقات المتجدّدة، وذلك بموازاة تسليمه بـ "مافيا المولّدات"، في وقت واحد. وبالتالي، عن أي مواطن نتحدّث؟ وعن أي حاجات له؟ وعن أي دعم له؟

هذا هو اللبناني "الحرّيف"، الذي نتمنّى أن تقلّ أمثاله كثيراً حول العالم. فهذا النّموذج من الناس، يمنع التخلّي عن النّفط، والغاز، وعن مصادر الطاقة المُلوِّثَة، ويكون مُعرقِلاً لسياسات وقف تمويل بعض الديكتاتوريات الإقليمية، والعالمية، التي تتّكل على مخزوناتها "الطاقوية" الهائلة للإمساك بالعالم، مثل من يُمسِك به بقنبلة نووية.

 

"جرّة غاز"

فهذا النّموذج من الناس، ومن المواطنين، هو نفسه الذي بنى دولة "لبنان الكبير" في الماضي، بالفساد، وبكلّ اعوجاج، بدلاً من مواكبة الأحداث والتطوّرات والمآسي العالمية، بين عامَي 1920 و2020، لتأسيس دولة القواعد، والأساسات الصّلبة، حتى ولو اكتوى قليلاً ببعض التضحيات، في هذا الوقت أو ذاك.

وهذا النّموذج نفسه، يُبقي لبنان في أسفل أسافل التخلُّف والجهل والانهيار، كرمى لـ "تنكة بنزين"، و"جرّة غاز".

ماذا نفعل، إذا كان هذا هو أقصى المتوفّر والمُمكن في بلدنا، بلد "اللّي بدّو يسكر ما بدّو يعدّ قداح"، الذي لن ينجح في استثمار أي فرصة، لا بارتفاع أسعار الطاقة، ولا بانخفاضها.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار