مصرف لبنان يطبع مزيداً من الليرات: تغطية نفقات الدولة أم لزوم زيادة احتياطاته بالدولار؟ | أخبار اليوم

مصرف لبنان يطبع مزيداً من الليرات: تغطية نفقات الدولة أم لزوم زيادة احتياطاته بالدولار؟

| السبت 08 أكتوبر 2022

تغطية ما لا يقل عن 50% من النقد الوطني بموجودات من الذهب واحتياط العملات الأجنبية

"النهار"- سلوى بعلبكي

تكثر الانتقادات لمصرف لبنان وكذلك الشكوك على خلفية لجوئه الى طباعة الليرة اللبنانية لتصل الى أكبر مستوى في حجم السيولة المتداولة بالليرة منذ بداية الأزمة في 2019. وإذا كان البعض يعطي اسبابا تخفيفية لمصرف لبنان على اعتبار أن ما يقوم به من طباعة نقد هدفه تغطية مصاريف الدولة ونفقاتها ولزوم منصة "صيرفة"، يذهب البعض الآخر أبعد من ذلك، ليتهم مصرف لبنان بأنه يطبع الليرات بكثرة لتمكينه من شراء #الدولار من السوق الموازية بغية تعزيز احتياطاته من العملات الاجنبية. وبين هذا وذاك يبدو واضحا أن مصرف لبنان طبع مبالغ كبيرة وفق ما أظهرته ميزانيته نصف الشهرية. فالارقام التي أظهرتها الميزانية في النصف الثاني من شهر أيلول بينت أنه خلال 15 يوما فقط (بين 15 أيلول و30 منه) ازدادت قيمة الكتلة النقدية المتداولة بالليرة بنحو 13.85 ألف مليار ليرة، ليرتفع حجمها الإجمالي من 45.1 ألف مليار ليرة في منتصف شهر أيلول، إلى أكثر من 58.94 ألف مليار ليرة في أواخر الشهر. وهذا الرقم الذي ارتفع نحو 1.3 مرة هو أكبر تضخم نصف شهري في حجم السيولة المتداولة بالعملة المحلية منذ بداية الأزمة.

المعلوم أن قانون "النقد والتسليف" يضع قيودا محددة على طباعة النقد، إذ تلزم المادة 69 المصرف المركزي بتغطية ما لا يقل عن 50% من النقد الوطني بموجودات من الذهب واحتياط العملات الأجنبية التي تضمن سلامة تغطية النقد اللبناني بنحو 30% من قيمة النقد الذي أصدره وقيمة ودائعه تحت الطلب، ولكن ثمة مصادر قريبة من مصرف لبنان تؤكد لـ"النهار" ان ما يتم طبعه من نقد لا يزال دون السقف الذي يسمح به قانون النقد، لافتة الى أنه في 2019 وصل النقد بالتداول الى نحو 9 آلاف مليار ليرة على سعر صرف 1500 ليرة اي ما يعادل 6 مليارات دولار، في حين أن النقد المتداول حاليا يقدر بنحو 60 ألف مليار ليرة بما يعادل مليارا ونصف مليار دولار أميركي.

في قراءته لميزانية مصرف لبنان، يلاحظ الخبير الاقتصادي بيار خوري أن لا تغيير بالنسبة لأصول مصرف لبنان، فيما شمل التغيير البند الذي يطلق عليه المركزي "الموجودات الاخرى"، وهو ناتج عن تدخل مصرف لبنان بالاسواق المالية وحق الاصدار الذي يتمتع به. ويشير خوري الى أن ثمة تأويلات كثيرة حيال هذا البند، إذ يرجح البعض أن مصرف لبنان يضع فيه خسائره التي يحققها في سوق القطع. فهذا البند ارتفع بشكل لافت وفق خوري، إذ ثمة 13 ألف مليار ليرة زيادة في مقابل القيمة نفسها تقريبا في بند النقد في التداول الذي ارتفع من نحو 45 الف مليار ليرة الى نحو 59 ألف مليار ليرة. ويرجح خوري أن يكون السبب بهذه الزيادة هو "ضخ وطبع النقد لتمويل عمليات منصة صيرفة"، مشيرا الى أن "مصرف لبنان يشتري دولارات من الـ OMT بسعر أعلى من السعر الذي يبيعه على سعر صيرفة، كما ان شراءه للدولارات لا يقتصر على الـ OMT، بل واضح انه يشتري ايضا من الصرافين بسعر السوق اي سعر السوق السوداء".

بالنسبة للاصول الخارجية، يلاحظ خوري أنها مستقرة ولا تغيير فيها، فقد كان لدى مصرف لبنان نحو 15 مليار دولار بتاريخ 15/9/2022، وهذا الرقم بقي على حاله في 30/9/2022 في ما عدا فروقات بسيطة قد تكون ناتجة عن اختلاف تقييم أسعار العملات، لافتا الى أن موجودات المصرف المركزي بالعملات الاجنبية بلغت 14 مليارا و900 مليون دولار من ضمنه 5 مليارات دولار يوروبوندز، بما يعني أن لدى مصرف لبنان فعليا 10 مليارات دولار، موضحا أنه لا يمكن تحليل الرقم الحقيقي للاحتياط الحر من بيان الوضع الملخص. وخلص الى القول إن البيان الموجز لمصرف لبنان يترجم بشكل واضح "قوة طبع النقد بـ 15 تريليون ليرة. وهذا الرقم لافت جدا إذ وصل النقد في التداول الى 59 تريليون ليرة بما يفسر الارتفاع في سعر سوق الصرف في السوق الموازية، وربما ينذر بتداعيات اخطر اذا لم تحصل اي تطورات قد تقلب الموازين كالاتفاق على ترسيم الحدود".

في نظرة سريعة إلى حجم احتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية يتبين أن ثمة زيادة بنحو 278 مليون دولار مقارنة مع الفترة عينها، وهو ما فسرته مصادر متابعة بأن مصرف لبنان استخدم أكثر من 10 آلاف مليار ليرة لشراء الدولار بسعر السوق الموازية.

وفيما توقعت مصادر اقتصادية أن تعاني السوق الموازية في هذا الشهر من التضخم الذي جرى في حجم النقد في التداول، متوقعة ان تظهر الميزانية التي سيصدرها مصرف لبنان في منتصف الشهر ارتفاعا أكبر في بند "الكتلة النقدية المتداولة"، أكدت مصادر أخرى أنه "ليس بالضرورة أن كل ما طبع سيصرف بأكمله، إذ إن المركزي يقوم بطباعة نقد بكميات أكبر تحوطا للنفقات الجديدة للدولة"، مؤكدة ايضا أن "الرقم في بند "الكتلة النقدية المتداولة" سيزيد في منتصف الشهر، ولكن ليس بالوتيرة نفسها التي شهدها في آخر ايلول".

المشكلة، برأي المصادر أن "كل هذه النفقات تدفع نقدا، فيما استخدام البطاقات المصرفية يتراجع في مقابل تحولنا أكثر واكثر الى الإقتصاد النقدي، والمشكلة ستزداد أكثر في حال لم تستعد الثقة بالاقتصاد والمصارف، خصوصا ان طباعة النقد وادارته ونقله مكلفة".

في المقابل لا تنكر مصادر مراقبة لميزانية مصرف لبنان طباعة أموال نقدية جديدة، لكنها عزتها الى ارتفاع مصاريف ونفقات الدولة وخصوصا لتلبية ما تضمنته موازنة 2022 التي رفعت الرواتب في القطاع العام 3 مرات، اضافة الى تسديد بدل النقل للموظفين والجيش مع مفعول رجعي عدا عن زيادة المنح التعليمية. ولا ننسى المبالغ التي ستدفع للبلديات عن استحقاقات 2020. هذه المصاريف برأيها ستؤدي الى زيادة الطلب على النقد بالليرة. ولا تخفي المصادر أن شركات تحويل الاموال التي تؤمن الدولارات لمصرف لبنان والتي تعزز احتياط مصرف لبنان تحصل على عمولات اضافية تزيد الضغط على الطلب على الليرة.
لكن الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين لا يتخوف من طباعة العملة التي وصل حجمها الى 60 ألف مليار ليرة، إذ يؤكد أن مصرف لبنان قادر على امتصاص هذه السيولة وضخ دولارات في السوق طالما ان لديه احتياطات أجنبية. وهذا الضخ برأيه يمكن ان يكون بطريقة متدرجة حتى يصبح التضخم سلبيا. ويعزو اللجوء الى طباعة النقد الى استدانة الدولة من مصرف لبنان، فالمصارف التي كانت تستحوذ على 60% من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية تقلصت الى نحو 20%، فيما ارتفعت حصة مصرف لبنان من هذه السندات الى 63%. لذا من البديهي أن يرتفع حجم طباعة الليرة لكي يكون في مقدور مصرف لبنان تسديد قيمة هذه السندات للدولة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار