مصدر: لم يَعُد وارداً أن يستعمل العرب النّفط من أجل القضية الفلسطينية
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
تطرح الانتقادات الأميركية لقرار مجموعة دول "أوبك بلاس" الأخير، مسألة النّفط، وإمكانية استعماله كـ "سلعة حرب" عربيّة ضدّ الغرب من جديد، لا سيّما في عالم ما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا.
"سلعة حرب"
فإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتبر أن "أوبك بلاس" تدعم روسيا في حربها. وبمعزل عن التوصيف الأميركي، إلا أن خفض إنتاج النفط الى هذا الحدّ، أي الى مليونَي برميل يومياً، خلال اجتماع المجموعة الأخير، في عالم مُضطّرب اقتصادياً، يطرح النّفط كـ "سلعة حرب" اليوم، يشارك العرب بالنّسبة الأكبر من استعمالها ضدّ الإدارة الأميركية، ولكن ليس كما في الماضي، أي ليس بسبب القضيّة الفلسطينية، أو ردّاً على حروب إسرائيلية مثلاً.
القدس
ولكن الى أي مدى اصطفّ العرب الى جانب روسيا، في "أوبك بلاس"، كردّ على فتور بايدن تجاه الصداقات الخليجية التقليدية لواشنطن، بطريقة تستنفد أي قدرة فعلية على استعمال النّفط لتحقيق مكاسب عربية في الملف الفلسطيني مستقبلاً؟
وهل من الممكن أن يحافظ العرب على هوامش أخرى من سلاح النّفط، للتأثير في عدم نقل سفارات غربية من تل أبيب الى القدس، مثلاً؟
بريطانيا
استعمال شحنة أسلحة كاملة، في الساحة الشمالية من المعركة (مثلاً)، يُبقي الساحة الجنوبية من دون نيران. وبالتالي، ماذا يبقى من سلاح النفط العربي مستقبلاً، أبْعَد من بايدن، الذي لن يكون رئيساً أميركياً الى الأبد؟
المتحدّثة بإسم الحكومة البريطانية، أشارت قبل مدّة الى أن رئيسة الحكومة ليز تراس تراجع موقع السفارة البريطانية في تل أبيب. كما تحدّثت بعض التقارير عن أن تراس أبلغت نظيرها الإسرائيلي يائير لابيد، خلال لقاء بينهما على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أنها تدرس نقل سفارة بلادها من تل أبيب الى القدس. وبالتالي، ماذا يبقى من سلاح النّفط في هذا الملف؟
خوف؟
يُقال إن أحد الأسباب التي جعلت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية تُحجِم عن زيارة إسرائيل، خلال ولاية عرشها، هو حرصها على عَدَم التسبُّب بحظر نفطي عربي، نظراً لحساسية العرب تجاه دور لندن في تحضير ظروف قيام دولة إسرائيل. ولكن هل من زعيم غربي سيخاف من سلاح النفط اليوم، بعدما استُعمِلَ في "أوبك بلاس" الى جانب الروس، لدرجة تجعلنا نستمع الى تهديدات بفرض عقوبات أميركية على السعودية؟
الحفاظ على العروش
أوضح مصدر واسع الاطلاع أن "النفط ليس سلاحاً عربياً يُستعمَل من أجل القضية الفلسطينية حالياً، بل ضدّ قضايا قوميّة خليجية، وسعودية تحديداً، لمحاربة بايدن في الانتخابات "النّصفيّة"، والمساهمة بإسقاطه في الكونغرس، خصوصاً أنه ضعيف، وهو أزعج الرياض كثيراً بملف مقتل الصّحافي جمال خاشقجي، ولم يساعدها في الملف اليمني، ولا ضدّ إيران".
وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أنه "لم يَعُد وارداً أن يستعمل العرب النّفط من أجل القضية الفلسطينية. فكل زعيم عربي يريد الحفاظ على عرشه، ومكتسباته، وتقوية اقتصاده، وثرواته الوطنية، وتمويل المشاريع الكبرى لديه، والتي تحتاج الى الكثير من المال. فالقضية الفلسطينية ما عادت أولوية عربية، فيما أكثر ما يهمّ السعودية مثلاً، هو كيفية إزالة الخطر "الحوثي" عن حدودها، ووقف التوسّع الإيراني في المنطقة".
انقلاب
وأشار المصدر الى أن "السعودية ما كانت لتصطفّ الى جانب الروس في "أوبك بلاس" حالياً، الى هذه الدرجة المُعلَنَة، وبقوّة، لولا أن ولي العهد محمد بن سلمان انتهى من الإمساك بالمخابرات، والجيش، والقبائل، أي انه ما عاد بإمكان واشنطن أن تؤثّر على حكمه بمعارضة داخلية وازنة".
وختم:"رغم ذلك، فإن "أوبك بلاس" لن تتطوّر الى تحالف سعودي كامل مع روسيا. فالسعوديون لن يصلوا الى حدّ الانقلاب على الأميركيين، ولن تتطوّر الأمور الى وضع خطير".