أوكرانيا كسرت نظرية أن روسيا أقوى من الغرب في الحروب التقليدية
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بكلّ فخر واعتزاز، أعلنت روسيا أن ضرباتها الصاروخيّة "الانتقامية" على أوكرانيا قبل يومَيْن، حقّقت أهدافها.
وبالتدقيق قليلاً بنتائج تلك الضربات، نجد أنها دمّرت بنى تحتيّة أوكرانية، بما يتقصّد جعل الأوكرانيّين من دون كهرباء ومياه، وأسقطت قتلى وجرحى، وانتهت بالمزيد من التهديدات الروسيّة.
الضّربات حقّقت أهدافها، بالنّسبة الى روسيا. وحصل المزيد منها أمس، فيما يؤكد المسؤولون الروس أن أعيُن موسكو باتت شاخصة الى كل أنواع الأسلحة الغربية التي تدخل أوكرانيا.
ضعف
وبمعزل عن بعض التصريحات الغربية والأميركية "السّخيفة"، التي تكتفي بوصف الهجمات الروسية بـ "المروّعة"، و"الصّادمة"... إلا أنه يُمكن اعتبار أن بعض ما صدر عن أمين عام حلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، وهو أن الضربات الروسية الكثيفة على أوكرانيا هي "دليل ضعف" لموسكو، التوصيف الأكثر دقّة لتلك الهجمات الصاروخيّة.
فضربات لا نتائج منها سوى إسقاط قتلى وجرحى، وإحداث تدمير، من جانب دولة غير قادرة على تحقيق أي اختراق فعلي على الأرض، حتى الساعة، هو قمّة الضّعف.
كيسنجر
ولكن المشكلة باتت تُختصَر بنقطة أساسية، وهي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي فتح الحرب على أوكرانيا، ما عاد قادراً على إقفالها بنفسه، ولا بتوقيته، لا بانتصار، ولا بغير انتصار. فيما لا يوجد في الصورة الروسية، حتى الساعة، من يمكنه أن يفعل ذلك، خصوصاً بعدما كسرت أوكرانيا نظرية شائعة منذ أيام الإتحاد السوفياتي، وهي أن روسيا أقوى من الغرب، وقادرة على الانتصار عليه، في الحروب التقليدية.
حتى إن وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، الذي كان اقترح في بدايات الحرب أن تتنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها لروسيا، أشار قبل أكثر من أسبوع الى أن غزو روسيا لأوكرانيا أظهر أن قدرة موسكو على التهديد باكتساح أوروبا بالأسلحة التقليدية، تمّ التغلُّب عليها الآن بشكل واضح.
متى؟
وعلى تلك القاعدة، التي يرفض الروس الاعتراف بها علناً، رغم أنهم يلمسونها يومياً لَمْس اليد، يُطالب بوتين، بحسب تأكيدات تركية، بالحصول على صفقة كبيرة وجديدة مع الغرب، لِكَوْن موسكو تشعر بأن الاتفاقات التي تم التوصُّل إليها في نهاية الحرب الباردة، لم تَعُد تعبّر عن روسيا حالياً.
صحيح أن العالم تغيّر، والغرب، وروسيا أيضاً، اليوم، أي بعد نحو 31 عاماً من إعلان التفكّك الرسمي للإتحاد السوفياتي. وصحيح أن هناك حاجة لصفقة جديدة. ولكن، هل ان بوتين كان يريد صفقة رسميّة مع الغرب عندما فتح نيرانه على أوكرانيا في شباط الفائت؟ وهل لا يزال هو، الشخصية الروسية المناسبة لإجراء مثل هذا النوع من الصّفقات؟ ومن سيكون الوجه الروسي الخفيّ، الذي يمكنه أن يجلس على طاولة واحدة مع الغرب؟ ومتى؟