الحجار: النفط لن يخفّض دولار السوق السوداء بل تحسين الاقتصاد هو المدخل الى ذلك
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بطلب من شركات النّفط العالمية بأن تقوم بما يُمكن أو بما يجب القيام به في "البلوكات" اللبنانية البحرية، أو من دونه. وبأحلام زهرية منسوجة على النّفط والغاز في لبنان، والتي تُشبه قصص "ألف ليلة وليلة" في جزء كبير منها، أو من دونها.
وبمحاولة بعض الأطراف السياسية "قطاف" إنجاز الترسيم، في الشّوط الأخير من "العهد الرئاسي" الحالي، وتصرّفهم على أساس أنهم حملوا "قلب الأسد" الى الناس به (الترسيم)، في قلب الجوع، والفقر، والمرض... أو من دون تلك المحاولات، نقلق على مصيرنا، إذا مضى البلد ضمن مرحلة "اصطناعيّة" مستقبلاً، قوامها الوعود، والانتظارات النّفطيّة، ولا شيء سواها، وسط "قصف" معيشي يومي بدولار السوق السوداء، الذي إذا لم ينخفض، فإن لا عيشة ممكنة في هذا البلد، وذلك سواء استُخرِجَ النّفط والغاز منه، أو لا.
"اصطناعيّة"
فنحن كشعب أصبحنا خبراء في المراحل "الاصطناعية"، التي تزخر بالكثير من الوعود بمكافحة الفساد، وبالبَدْء بالإصلاحات، من دون تحقيق أي شيء ملموس وحقيقي يشكّل فارقاً، على هذا الصّعيد.
وانطلاقاً من هذا الواقع، نخاف من الإبقاء على السوق السوداء في البلد طويلاً بَعْد، في المستقبل، نتيجة عَدَم المضيّ بالإصلاحات، وبمكافحة الفساد، بالكميّة والنوعية المطلوبة، فنتحوّل الى دولة محادثات واتّفاقيات حول "البلوكات"، بما يحقّق مصالح بعض الأطراف السياسية الداخلية، ومصالح الشركات النّفطية العالمية، وذلك بموازاة الإبقاء على الفقر في البلد، وعلى السوق السوداء، وعلى اكتواء أضعف الفئات اللبنانية بها.
منذ 2002
أشار النائب السابق محمد الحجار الى أنه "عيب على رئيس الجمهورية أن يتصرّف بشكل يختزل ملف النّفط والغاز في لبنان به حصراً، وبمدّة ولايته الرئاسية، متجاهلاً العمل الذي حصل في الماضي على هذا الصّعيد".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الكلّ يعلم أن الحديث عن النفط والغاز في لبنان بدأ منذ وقت طويل، وأن حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري تعاقدت مع شركة "سبكتروم" في عام 2002، التي أجرت مسحاً ثنائي الأبعاد مقابل الساحل اللبناني آنذاك. وأشار تقرير الشركة الى احتمال فعلي لوجود النّفط والغاز في لبنان، منذ ذلك الوقت".
تجاريّة؟
وشدّد الحجار على أن "المخاوف محقّة بالفعل، لجهة أن الأحلام الزهرية التي يضعها البعض حول النّفط والغاز في لبنان، تتجاهل الإجابة على سؤال أساسي، وهو هل ان كميّاتهما الموجودة في "البلوكات" اللبنانية التي يُحكى عنها حالياً، هي بالنّسبة التجارية المطلوبة بالفعل، أم لا؟ لا أحد يمتلك الجواب الدّقيق حول ذلك الآن، رغم أننا نتمنّى أن تكون الكميات تجارية، بما يحقّق استفادة كبرى للبنان".
وأضاف:"إذا كانت كميات النّفط والغاز تلك تجارية بالنّسبة المطلوبة، فإن استفادة لبنان من العائدات المرتبطة بها لن تحصل قبل خمس سنوات تقريباً. وهو ما يعني أن لا تحسّن مُمكناً للاقتصاد اللبناني في النهاية، من دون البَدْء بالإصلاحات".
شفافيّة
وأكد الحجار أنه "من دون تطبيق الإصلاحات المطلوبة من الدولة اللبنانية، منذ وقت طويل، فإن لا أحد سينظر الى لبنان. النّفط يستدرج الاستثمارات الى البلد، وهذا صحيح. ولكن لا أحد سيقبل بوضع أمواله في لبنان، ولا بالاستثمار فيه، إذا بقيت الأمور على ما هي عليه حالياً، أي من دون إصلاحات كاملة".
وتابع:"أمر آخر يجب أن يتحقّق أيضاً، وهو تأسيس الصندوق السيادي، كمدخل للاستفادة من النّفط والغاز بشفافية. وإذا لم تتحقّق الإصلاحات، والصّندوق السيادي، فعبثاً يَعِدُون الناس بأي مستقبل واعد، لأن كل شيء سيتحوّل الى سرقات، والى خيبات أمل للّبنانيين، وسيُترجَم بارتفاع أكبر بسعر صرف الدولار في السوق السوداء".
وختم:"النفط لن يخفّض دولار السوق السوداء، بل تحسين الاقتصاد هو المدخل الى ذلك. ومن هنا ضرورة الالتزام بالمتطلّبات الضّرورية لإنجاح هذا العمل، لا سيّما على صعيد الإصلاحات التي أوضح لنا المجتمع الدولي ما هي، والتي لا تزال أركان السلطة تتهرّب منها".