عن اتّفاق "الطائف" الذي مات و"شبع موتاً" وما عاد يجد من يتقبّل به "التعازي"! | أخبار اليوم

عن اتّفاق "الطائف" الذي مات و"شبع موتاً" وما عاد يجد من يتقبّل به "التعازي"!

انطون الفتى | الجمعة 28 أكتوبر 2022

هل سيُسامح "الجمهوريون" أي حاكم في منطقتنا على سخريته من بايدن في مجالسه الخاصّة؟

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

على مشارف الدّخول في فراغ رئاسي لبناني، وفوضى حكومية، يرافقان الفوضى النيابية الشديدة على مستوى التحالفات، داخل مجلس النواب، لا بدّ من التركيز على الاحتمالات المُمكِنَة لمستقبلنا، ليس فقط بسبب الطبقة الحاكمة الفاسدة، ولا من جراء بعض دول المنطقة التي تريد أن يكون لها سياسة قوية في بلدنا عبر السلاح غير الشرعي، بل بسبب بعض دول المنطقة التي تتلطى باتّفاق "الطائف" أيضاً، للسيطرة على لبنان.

 

يحقّ لهم

قد ينتظر البعض هزيمة الحزب "الديموقراطي" في الانتخابات "النّصفيّة" الأميركية بفارغ الصّبر، والقمم الصينيّة المُرتقبة في الخليج، كجزء من تلقين الرئيس الأميركي جو بايدن الدّروس اللازمة (بالنّسبة الى هذا البعض)، بعدما تعهّد بجعل بعض دول منطقتنا منبوذة.

ويحقّ لكلّ من في منطقتنا، أن يفكّروا كما يريدون، وأن يتمّموا مصالحهم سواء مع الصين، أو مع روسيا. ولكن المهمّ هو أن يتوقّف اللبنانيون أمام مصالحهم هم أيضاً.

 

الهرب

فلا مشكلة في بعض الابتعاد والتمايُز عن الولايات المتحدة الأميركية، وعن أوروبا، في عالم يتغيّر، ويحتاج الى تنويع كبير في العلاقات. ولكن المشكلة هي في من يتوجّهون شرقاً للهرب من ملفات مُخجِلَة لهم في بلدانهم، يريدون تخطّيها ولو بأي ثمن. وهم يبحثون عن عالم لا يحاسبهم على شيء، وقد وجدوا ضالّتهم شرقاً.

ولكن هؤلاء، بهرولتهم نحو موسكو وبكين، يحقّقون مصالحهم الشخصية والخاصّة، التي نحن في لبنان لسنا مُلزَمين بها، ولا بالتماهي معها، ولا بالتوجّه شرقاً تحت مظلّتها، التي لا تتوافق مع الحاجات والمتطلّبات اللبنانية.

 

الموارنة

بدا صاعقاً تصريح أحد المسؤولين اللبنايين مؤخراً، عندما ربط مصير الموارنة في المعادلة اللبنانية، ومصلحتهم فيها، باتّفاق "الطائف". فالموارنة هم قبل هذا الاتّفاق بقرون كثيرة، ولا يجوز تسخيف لبنان وتاريخه، ولا أي مكوّن فيه، عبر حصره بـ "طائف" لن ينجح في المستقبل، في ما أخفق به خلال الـ 33 عاماً الماضية.

فاتّفاق "الطائف" بات قناعاً تضعه بعض دول المنطقة، لتسوّق نفسها في لبنان، و"لتحلّل وتحرّم" فيه، لا أكثر، ولا أقلّ. وكما أنه لا مجال لاختزال لبنان والموارنة فيه باتّفاق "الطائف"، فإنه لا يُمكن "شحن" أي مكوّن لبناني، سواء كان مسيحياً أو مسلماً، نحو الشرق، على طريقة أن "المُظفَّر" في المنطقة أمر، ونحن ننفّذ.

 

"طائرات"

فمن هو ذاك الذي يتغاضى مثلاً عن أن توجّه شيعة لبنان أو العراق... أو سنّة لبنان أو سوريا... أو دروز لبنان أو سوريا... نحو الصين وروسيا، يحتاج الى "طائرات" (بالمعنى المجازي) مختلفة، عن تلك التي يحلّق بها حكام وشعوب دول أخرى في المنطقة، الى هناك؟

ومن هو ذاك الذي يُمكنه أن يتجاهل حقيقة أنه مهما حاول ممارسة "اللّبْصَة" على صدر لبنان، من خلال "الطائف"، فإنه لن يتمكّن من نقل المكوّن المسيحي فيه، من النّظر نحو الغرب، حيث الارتباط الإيديولوجي والثقافي والتاريخي الكبير للمسيحيين في لبنان هناك، الى النّظر نحو الشرق الصيني المختلف عنهم إيديولوجياً، ولا حتى الى الشرق الروسي من خارج واقع "عا القطعة"، وذلك رغم الارتباط الإيديولوجي القائم بين موسكو وبعض المكوّنات اللبنانية، والمشرقية. (لا مجال للتوسّع في تلك النّقاط هنا).

 

انتهى

بعشاء سويسري، أو فرنسي، أو لجمهورية الموز، أو التفاح، أو السنديان...، أو من دونه، فإن اتّفاق "الطائف" في لبنان انتهى، ويتوجّب أن يتوفّر من يُعلن عن ذلك جهاراً. وحتى إن سياسة وأموال بعض أغنى دول منطقتنا، "المُنتَظَرَة" من جانب بعض اللبنانيين، قد لا يطول بها الزّمن كثيراً، قبل أن تلحق به ("الطائف").

فلنتخيّل معاً أن "الجمهوريين" فرحوا بانتصارهم الكاسح على "الديموقراطيين" في الانتخابات "النّصفيّة" الأميركية. فهل يُمكن لأحد من اللبنانيين أن يخدع نفسه بأن الأميركيين سيقبلون بنجاح محاولات أحد حكام دول منطقتنا، أو أي منطقة حول العالم، في "تركيع" بايدن الذي يمثّل الرئاسة الأميركية، لا "الديموقراطية" ولا "الجمهورية"، عبر مجموعة "أوبك بلاس"؟

 

"الجمهوريون"

وهل سيُسامح "الجمهوريون" في الولايات المتحدة الأميركية أي حاكم في منطقتنا، على سخريته من بايدن في مجالسه الخاصّة؟ وعلى انقلابه على اتّفاقات أبرمها مع مسؤولين أميركيين في إدارته (بايدن)، حول إنتاج النفط منذ أشهر، وذلك قبل أن ينقلب عليها ساخراً منهم؟

وهل سيقبل "الجمهوريون" في الكونغرس بأن يصطفّوا الى جانب أي دولة في منطقتنا، أو العالم، ضدّ إدارة أميركية موجودة في "البيت الأبيض"؟

 

شراسة

الأميركيون ليسوا لبنانيين، أي ليسوا أصحاب "المزاريب" الخارجية، على حساب الداخل. وكما أن "الديموقراطيين"، ما كانوا ليدعموا إيران، لو أنها شنّت هجمات انتقامية بعد مقتل قاسم سليماني، أعادت الكثير من جنود الجيش الأميركي بنعوش الى بلادهم، حتى ولو كان ذلك سيُخجل الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن "الجمهوريين" بدورهم، لن يُسامحوا كل من يسخر من رئيس الولايات المتحدة الأميركية، حتى ولو ساهم بربحهم في انتخابات.

أدوار بعض أغنى دول منطقتنا، قد تتراجع في لبنان أكثر فأكثر مستقبلاً، بعد إنجاز الترسيم البحري الجنوبي الذي تمّ بتوافُق أميركي - إيراني، خصوصاً أن معظم من في واشنطن والغرب قد يُصبح أكثر شراسة، بعد سياسات "أوبك بلاس"، وتصاعُد العلاقات الصينية والروسية مع دول الخليج.

والضحيّة الأولى لتلك الشراسة، قد لا تكون أقلّ من اتّفاق "الطائف" في لبنان، وبمعزل عن البدائل التي قد تبدو غير ناضجة حتى الساعة، أو مُخيفة ربما، لبعض من في بلادنا.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة