هل تنسحب فرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرازيل والأرجنتين من "مونديال 2022"؟... | أخبار اليوم

هل تنسحب فرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرازيل والأرجنتين من "مونديال 2022"؟...

انطون الفتى | الثلاثاء 01 نوفمبر 2022

توجيه الشّكر الى كل الذين ناموا في غرف هي أقرب الى "إسطبلات"

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

على مسافة أقلّ من شهر قبل بَدْء "مونديال 2022"، تتّجه أنظار معظم من في كوكبنا الى ما في الحياة اليوميّة من غلاء معيشة، وارتفاع أسعار، وتغيير نحو سلبية متزايدة في أساليب العَيْش، وليس الى انتظار الحدث الرياضي بحدّ ذاته، وهو حدث يختزن أصلاً الكثير من السياسة، ومنذ عقود.

 

تخلُّف

وبمعزل عن بعض التوقّعات التي بدأت تظهر منذ الآن، حول فوز هذا الفريق أو ذاك، لجذب انتباه الناس الى هذا الحدث (كما في كل "المونديالات" السابقة)، فإنه لا بدّ من لفتة الى الجدل الكبير الذي أحاط ويُحيط بنسخة 2022 "المونديالية".

فـ "مونديال" العام الحالي هو من أكثر النّسخ المُثيرة للجدل، ليس لأسباب سياسية فقط، بل نظراً الى إقامته في إقليم "مُدان" على مستوى حقوق الإنسان. فهو رغم التطوّر التكنولوجي الكبير الذي دخل بعض دوله، والأموال الكثيرة المتوفّرة فيها، ومدنها الذكيّة... إلا أن بعض سلوكيات النساء فيها، وبعض الدّروس في مناهجها التربوية، التي تبثّ العنف والكراهية، الى جانب عقوبة الإعدام... لا تزال موجودة فيها، وهي تدلّ على مساحة لا بأس بها من التخلُّف.

 

قصاص

هذا الى جانب أنه لا يُمكن التغافُل عن أن معظم من في منطقتنا يتفاعلون مع نسخة 2022 من "المونديال"، بتغافُل تامّ عن أنه انحراف وفضيحة في مكان ما، على صعيد ما عانى منه الآلاف من العمّال المهاجرين الذين بنوا الملاعب، والبنى التحتية، والذين عانوا ويُعانون من ظروف عمل قاسية تسبّبت بوفاة العديد منهم، الى جانب هضم حقوقهم، ومصادرة جوازات سفرهم، واحتجاز أجورهم... وغيرها من الممارسات الشاذّة، التي تمسّ بحقوق الإنسان، والتي تجعل البطولة "مغموسة" بعرق ودماء أضعف الناس.

وفي هذا الإطار، لا بدّ من توجيه الأنظار الى سلوكيات الدّول الكبرى، وتحديداً الى تلك التي تُظهر للآخرين أنها من منظومة "العالم الحرّ"، وكيفيّة تحرّكها بهدف تلقين سياسات الظّلم، والعبودية، والسّخرة، الدّروس اللازمة، وتوجيه القصاص العادل واللازم لها، من خلال هذا "المونديال".

 

انتقادات

يُصرّ بعض من في منطقتنا على اعتبار أن هذه الدولة، أو تلك، لا تحتاج الى الموارد السياحية التي ستنجم عن "المونديال"، نظراً لثرائها الفاحش. كما يُمكن للبعض أن لا يعوّل على بطولة رياضية، لـ "تبييض" صورة هذا البلد، أو ذاك.

وبما أن الوضع كذلك، وهو "الشّنفَخَة"، وتجاهُل الحاجة الى حَشْد أكبر دعم دولي، سياسي وشعبي "للمونديال"، لماذا لا تُعلِن بعض دول منظومة "العالم الحرّ" انسحاب فرقها الرياضية لكرة القدم من البطولة هذا العام، لا سيّما بعد الانتقادات الكثيرة التي وجّهتها هي نفسها للجهة المنظِّمَة، بسبب حقوق الإنسان؟ فبتلك الخطوة، ستُظهر دول "العالم الحرّ" أنها صادقة في دفاعها عن الإنسان، وحقوقه.

 

انسحاب

صحيح أن تلك الانتقادات مرتبطة في الكثير من مضامينها بأزمة الطاقة العالمية الحالية، وبالسياسات الشرق أوسطية، والدولية، وبغيرها من الاعتبارات، إلا أن "لا دخان من دون نار"، ولا نحتاج الى ذكر أمثلة حول الإعدامات البشِعَة، والتجاوزات الكثيرة في مجال حقوق أضعف العمال، في أغنى دول منطقتنا، والتي تتجاوز أحياناً كثيرة ما يحصل من وحشيّة تجاه أضعف الفئات المُهاجِرَة في الغرب.

وأمام هذا الواقع، لماذا لا تعلن فرنسا مثلاً، سَحْب فريقها لكرة القدم من المشاركة في نسخة 2022 "المونديالية"؟ ولماذا لا تتبعها ألمانيا مثلاً؟ ومن بعدهما بريطانيا؟ وإسبانيا؟ والبرتغال؟ وهي من الدول التي لديها أقوى فرق كرة القدم الأوروبية والعالمية (إيطاليا لم تتأهّل لمونديال 2022، وإلا لكنّا طالبنا بانسحاب فريقها أيضاً، ذات التاريخ الكروي العريق).

 

أميركا اللاتينية

وبما أن هناك بعض الحسابات التي قد تمنع الولايات المتحدة الأميركية، واليابان، وكوريا الجنوبية من سَحْب فرقها لكرة القدم من "مونديال 2022"، إلا أن لا شيء تماماً يمنع كندا مثلاً، وأستراليا، من سَحْب فرقها منه.

كما أن بعض الوعود المالية والاقتصادية، وتوفير عناصر الجذب السياسي والجيوسياسي لبعض دول أميركا اللاتينية، وتحديداً للأرجنتين والبرازيل، قد تدفعهما الى المشاركة في الانسحاب من نسخة 2022 "المونديالية"، وذلك رغم امتلاكهما أقوى فرق كرة القدم العالمية أيضاً.

فبانسحاب الفرق السابق ذكرها، يفقد "مونديال 2022" نكهته السياسية، والجيوسياسية قبل الرياضية، ويدخل في فوضى كبيرة قد لا تُطيح به بالضّرورة، ولكنّها تُفقده تنظيمه، وملايين المتابعين له حول العالم. وهي خطوات كفيلة بـ "تربية" بعض الدّيكتاتوريات، حتى ولو كانت لا تعتمد على مردود السياحة المُمكِن، من جراء "المونديال".

 

العالم الحرّ

الكرة موجودة في ملعب الدّول التي تصنّف ذاتها على أساس أنها تمثّل "العالم الحرّ"، وحقوق الإنسان. ونحن ندرك جيّداً أنها لن تُحسن رميها، ولا تلقّيها، ولا اللّعب فيها كما يجب، نظراً لكونها تبيع الإنسان وحقوقه مقابل استثمار في عالم الطاقة، أو بسبب أي نوع من أنواع الصّفقات.

أما رافع كأس "مونديال 2022" في كانون الأول القادم، فأبرز ما هو متوجّب عليه، توجيه الشّكر الى كل الذين ناموا في غرف هي أقرب الى "إسطبلات"، والذين ذاقوا أمرّ العذابات، وأقساها، والذين ماتوا، فيما كانوا يعملون على بناء الملاعب والبنى التحتية اللازمة، لهذه النّسخة من البطولة.

فلهؤلاء كل الاحترام. وكل الأمل بأن نصل الى اليوم الذي يتوقّف فيه الكذب المفضوح، بحثاً عن تلميع صُوَر البعض لذواتهم وبلدانهم. والأمل، كل الأمل، بأن نصل الى عالم يلفظ تلك الممارسات، ومن يمارسونها، من تلقاء ذاته، فيستحقّ لقب "العالم الحرّ" عن جدارة.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة