"مبروك" و"ألف مبروك" للمسيحيّين في لبنان... نجَوْتُم من "كابيتول" خطير! | أخبار اليوم

"مبروك" و"ألف مبروك" للمسيحيّين في لبنان... نجَوْتُم من "كابيتول" خطير!

انطون الفتى | الأربعاء 02 نوفمبر 2022

بلد فَقَدَ نفسه كبلد عندما مات شعبه فيه بسبب أزماته الكثيرة

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

الإيجابية الوحيدة التي يُمكن تسجيلها ليوم "الوداع الرئاسي"، هي عدم سقوط قتلى أو جرحى، وعدم حصول احتكاكات حزبية - حزبية على الأرض، كان يُمكنها لو حصلت أن تنقل المشهد اللبناني المُتهالِك كلّه أصلاً، من مكان الى آخر أكثر توغّلاً في الهلاك.

 

بـ "سلام"

والإيجابية الأخرى التي تماثلها، هي أن لبنان طوى صفحة "العهد الرئاسي" السابق، من دون "كابيتول لبناني"، أي أحداث شبيهة بتلك التي حدثت في 6 كانون الثاني عام 2021 في الولايات المتحدة الأميركية، عندما اقتحم مثيرو الشغب الذين يدعمون الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مبنى "الكابيتول" الأميركي، في محاولة لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي حملت الرئيس جو بايدن الى "البيت الأبيض".

فضلاً عن القدرة على طيّ صفحة الولاية الرئاسية اللبنانية السابقة بـ "سلام"، بعيداً ممّا يُشبه الممارسات التي قام بها بعض الموالين للرئيس البرازيلي الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل جايير بولسونارو، الذين أقفلوا الطُّرُق في جميع أنحاء البلاد بعد هزيمته أمام منافسه اليساري لولا دا سيلفا، بشكل تسبّب في اضطراب كبير، وبالتأثير على سلاسل الإمداد الغذائي في البلاد.

 

معايير

صحيح أننا لا نخرج من انتخابات رئاسية، بل الى فراغ رئاسي، ولكن نجح لبنان في تجاوز "قطوع" مئات الغاضبين والحزانى على "عهد رئاسي" انتهى، ليس فقط من دون أي إنجاز، بل بالكثير من "الانهيار الاستراتيجي الوجودي" لمبدأ الفكرة اللبنانية، بكلّ الجَدَل الذي تحويه.

تمكّن لبنان من تجاوز "القطوع". ولكن من كان سيتحمّل مسؤوليّته لو وقع، هم كل الذين شجّعوا، أو دفعوا، أو ساهموا... بمالهم، أو بالسياسة، أو... بالمشاركة في "مجزرة" الوداع، قبل أيام.

فهذا الوداع شكّل مناسبة حزبية، لا وطنية، على مشارف القصر الجمهوري. وهذا لا يجوز، في بلد نجهد لجعل مؤسّساته الرسمية بمعايير دولية، بعيداً من تلك اللبنانية التقليدية، القبائلية.

 

ديكتاتورية

لا يُمكن التغافل عن أن "الجوّ العام" الذي سيطر على "نَفَس" الحقبة الرئاسية السابقة، كان الديكتاتورية الناعمة، أي تلك التي ترفض الرأي الآخر، والآخر كلّه معها، تحت ستار محاربة الأضاليل، ونشر الأكاذيب...

كما أنه لا يُمكن التعامي عن واقع أن "نَفَس" الحقبة السياسية السابقة، كان حَجْب "المفهوميّة" عن كل من يمشي على وجه هذه الأرض، إذا كان غير قادر على "تأليه" شخصيات معيّنة، وخياراتهم، وسياساتهم، حتى ولو كانت أوصلت لبنان وشعبه الى قعر الهاوية.

كما أن السّمة الأساسية لذاك "العهد"، كانت إظهار الانتصار في أوان الانكسار، والسّعي الى "استخراج" الصُّوَر المُشرِقَة، حتى ولو كانت غير موجودة، بالضّرورة.

 

الحقيقة

ولكن العتب الكبير هو على كلّ من انجرّ الى مواكبة يوم "الوداع" قبل أيام، وذلك بدلاً من استبدال تلك المواكَبَة بقول الحقيقة بتجرّد كامل، وهي أن الاحتفال بـ "فجور" وعجرفة، على جثث آلاف الناس الذين ماتوا بين عامَي 2020، و2022 بسبب نقص الأدوية، وفقدان العلاجات، وتوفير ما يُمكن أن يتيسّر منها... هو جريمة.

وهذه حقيقة لا تتغيّر، ولا تتبدّل، ولا تبريرات قادرة على التخفيف من "شرور" الحقبة السياسية السابقة، التي أوصلت أفقر وأضعف الشرائح في البلد، الى الموت.

 

عديمو الأخلاق

بالإضافة الى أن إظهار الانتصار في أوان الانكسار، فيما حياة آلاف اللبنانيين تغيّرت نحو أسوأ الأسوأ، هو تخلُّف.

فيوم الوداع الرئاسي كان احتفالاً بالنّسبة الى بعض "الفاجرين" في بلادنا، وبعض المُنتفعين حزبياً، وبعض الذين يفتقرون الى الأخلاق، الذين راحوا خلال السنوات الثلاث الماضية ينتقدون أضعف الناس الذين نزلوا الى الشوارع في 17 تشرين الأول 2019، وما بعده، مُطلقين عليهم لقب "ولاد الهيلا هو"، وحُكْم بأن "حقّون مش أكثر من سندويش وتنكة مشروبات غازية..."، وذلك بدلاً من أن يخجلوا من أنفسهم كمسؤولين عن الفقر الذي تسبّبوا به، والذي أدّى بأضعف الشرائح الاجتماعية اللبنانية الى فقدان صوابها، والى الانجرار خلف أي حركة شعبيّة، وبعيداً من التدقيق في ما يُمكنه أن يكون كامناً في خلفياتها.

 

المسيحيّون

في أي حال، مرحلة من حياة لبنان وشعبه انتهت. و"ألف مبروك" للمسيحيين في البلد تحديداً، على نهاية زمن محاولات استعمالهم كأداة من أدوات التوسّع السياسي الشخصي، لصالح البعض.

فالوجود المسيحي في لبنان أقدم وأعمق من أن يُختَصَر بحزب، أو بتيار، أو بشخص، أو بحقبة سياسية. والمسيحيّون في لبنان لا يُختَصَرون بكرسي رئاسة جمهورية، ولا بسواها، وهم أقوى من حفلات "النّزاع الأخير" التي ينظّمها البعض بسبب فراغ رئاسي، لا يقدّم أو يؤخّر أصلاً، لا هو ولا "الفراغات" الحكومية، أو النيابية،... في بلد فَقَدَ نفسه كبلد، عندما مات شعبه فيه ليس بسبب حروب خارجية، بل بأزماته المعيشية والاقتصادية والصحية الكثيرة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة