في أقلّ من شهر... هدر أموال يُمكن استخدامها لتوفير الطعام والطبابة للملايين! | أخبار اليوم

في أقلّ من شهر... هدر أموال يُمكن استخدامها لتوفير الطعام والطبابة للملايين!

انطون الفتى | الجمعة 18 نوفمبر 2022

الحرب على أوكرانيا ليست أقلّ من عالمية وكانت تستوجب إرجاء موعد "مونديال 2022"

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

قد تعتقد معظم شعوب العالم أن السّير على السجّاد الأحمر، والتنعُّم بحصانات من الملاحقة القانونية في ملفات جرائم، وتناسي الإعدامات، و(تناسي) نشر "فِرَق الاغتيالات" ضدّ المُعارضين والخصوم في الخارج، ورفع الحظر عن الجلوس في أكبر القِمَم العالميّة، بحثاً عن مصادر الطاقة، والاستثمارات، والأموال... (قد تعتقد معظم...) أن ذلك يُلغي الحقيقة التي تقول إن الموقع الطبيعي لبعض كبار القوم في منطقتنا والعالم، هو المحاكم الدولية، والسّجون.

 

العدالة

ففي الوقت الذي يُمكن فيه لكلّ مُجرِم، أو مُرتكَب، أو لكلّ داعم حرب، ولكلّ متفرّج على "اللّعبة الحلوة" (بحسب تعبير بعض شعوب العالم العربي على مواقع التواصل الاجتماعي) بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، بخبث، أن يقول "أمان وسلام"، قد يجد نفسه مصعوقاً بهلاك وشيك.

فاللاهثون خلف المصالح، والأموال...، يمنحون "الرّحمة العالمية" للمُجرمين. ولكن "الرّحمة الإلهيّة" ليست سلعة استهلاكيّة، وهي الشّقيقة الأخرى للعدل الإلهي، الذي لا يُمكن لأحد أن يهرب منه، ولا حتى بشراء عقود من الحُكم عبر المال، والطاقة...

 

مصالح

وقد يظنّ البعض أيضاً أن استضافة أحداث رياضية، وشراء الجوائز الرياضية لبعض اللاعبين في أكبر النوادي العالمية... يُمكنه تجميل القبائح، والتستُّر عليها بالمال، وتحوير الانتباه عن عالم يتغيّر بالفعل، ولكن نحو الأسوأ، ونحو مزيد من الفوضى.

وأقرب فرصة للتمعُّن بهذا العالم، يوفّرها "مونديال 2022"، الذي سيشكّل مرتعاً لكلّ من على كوكبنا، في منطقتنا، وهي واحدة من أكثر مناطق العالم كراهية تجاه الآخرين.

زحمة "المونديالات" معروفة، وغير مُستغربة، وهي قديمة. وما كانت لتشكّل أي اهتمام اليوم، لولا "عقدة نقص" لدى بعض من في منطقتنا، الذين يعتبرون أنهم باستضافة هذا الحدث الرياضي، يغيّرون الأرض، وبتجاهُل تامّ لواقع أن استضافة أكبر الأحداث الرياضيّة العالميّة (لا "المونديالات" فقط) "عفّنت" لدى الكثير من شعوب الكرة الأرضيّة منذ عقود.

 

تأجيل

لا يُمكننا تجاهُل واقع أن "مونديال 2022"، يقدّم أبهى صورة عن أزمة الأخلاق التي تتحكّم بمعظم شعوب هذا العالم، الذين سيتجاهلون بدءاً من بعد غد، أن ملايين الأوكرانيين يموتون جوعاً، ومرضاً، بحثاً عن مأوى دافىء، وسط درجات حرارة منخفضة جدّاً، في الوقت نفسه الذي يُهتَف فيه لهذه المباراة "المونديالية"، أو لتلك.

قد يستنهض هذا الكلام حميّة بعض المتحمّسين للإشارة الى الأزمة اللبنانية، ولحال الشعب اليمني، والفلسطيني، والسوري، والعراقي، والليبي، والأفغاني... ولفقراء أفريقيا، ولفقراء العالم... وهذا مُفيد. ولكن ما يمرّ به الأوكرانيّون هو حرب عالميّة محصورة في أرضهم، تضع دول العالم كافّة، ومن دون استثناء أي واحدة منها، بما فيها تلك الموجودة في منطقتنا، ثقلها العسكري والسياسي والمالي الكبير لإشعالها، سواء عبر أسعار النّفط، أو المسيّرات والأسلحة، وهو ما يشكّل إبادة حقيقيّة، يشارك فيها الجميع، وتستوجب وقف كلّ مظاهر الحياة غير الضّرورية، والتي كان من ضمنها وجوب إرجاء موعد انطلاق "المونديال"، لأسباب أخلاقيّة.

هذا فضلاً عن أن الفقر، والدمار في العراق، وسوريا، وليبيا، وفلسطين... له من يدعمه من "أبناء جلد" منطقتنا، ولا حاجة للتوسّع في تلك النّقطة هنا.

 

أزمة أخلاق

نسختا "مونديال" 1942 و1946 أُلغِيَتا آنذاك، بسبب الحرب العالمية الثانية. فيما الحرب الروسيّة على أوكرانيا ليست أقلّ من حرب عالمية، كانت تستوجب إرجاء موعد "مونديال 2022"، وتسخير الأموال التي لا تزال تُدفَع حتى الساعة، بأرقام "مُخيفة"، من أجل توفير نجاحه، ولو بأي ثمن، لصالح جهود السلام.

ولكن كيف يحصل ذلك، وسط أزمة أخلاق عالمية، تكتمل بسخافة بعض شعوب منطقتنا، التي تهلّل لحاكمين "شو ما كان"، بدلاً من أن تبحث عن مصيرها المُحتَمَل، خلال العقود القادمة، أي طوال مدّة حكمهم. وهي شعوب تسخّر حساباتها على مواقع التواصُل الاجتماعي، للتفاعُل مع حركة أيدي هؤلاء خلال مؤتمر عالمي مثلاً، ومع باقات الورود التي تُقدَّم لهم هنا أو هناك، ومع أمور أخرى كثيرة، وسخيفة.

"مونديال 2022" ينطلق بعد يومَيْن. كثيرون سيضحكون، وسيأكلون، ويشربون...، وسيحوّلون عقولهم الى وسيلة من وسائل التواصُل الاجتماعي. ولكن أبرز ما لن ينساه التاريخ، هو أن "مونديال 2022" سيشهد خلال أقلّ من شهر، هدر أموال قادرة على توفير الطعام، والطبابة، والتعليم، والتدفئة... للملايين في العالم، وسط احتفالات يوميّة مُركَّبَة، تتزامن مع هلاك آلاف الناس في كل ساعة، حول العالم.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار