قطر أدهشت العالم... فبماذا أدهشه اللبنانيون؟
بقلم جان الفغالي – "أخبار اليوم"
لوقتٍ طويل كنت أعتقد بأن كلمة "تمرقُع" هي لفظة عاميَّة ولهجة مناطقية، والتي تعني "التمسخُر" إلى أن عثرتُ في أحد المعاجِم على الكلمة وتبيَّن لي أنها فصحى.
جاء في أحد المعاجم: "التمرقُع هو الإفراط في الصفاقة والحماقة والتسكّع". وأخيرًا، أدى المعنى حقَّه، وهذا ما ينطبق على كثيرٍ من اللبنانيين الذين يُمضون جزءًا كبيرًا من أوقاتهم في "التمرقُع" و"التمسخر" و"الصفاقة" (أي ثقل الدم) في حقل الآخرين.
تنظِّم دولة قطر "المونديال" فيتسابق اللبنانيون في "التمرقع" عليها، فيما هُم لا يعرفون كيف يشاهدون المونديال.
تُنجِز قطر ملاعب بمواصفات عالمية، فيتسابق اللبنانيون في "التمرقع" عليها، فيما هُم لا يعرفون كيفية صيانة قاعة الشيخ بيار الجميل في مدينة كميل شمعون الرياضية، ولولا الأيادي البيض من رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشونال الشيخ بيار الضاهر، ورئيس اتحاد كرة السلة، أكرم الحلبي، لَما عادت الحياة إلى تلك القاعة. ومع ذلك إستمر "التمرقُع".
اللبناني "غليظ" لا يُعجبه العجب ولا "الصيام في رجب"، سلبيّ بطبعه، وإذا نُصِح بأن يكون إيجابيًا، فإنه "يُربِّح ألله جميلة ".
أستطاعت قطر أن تفوز بتنظيم "مونديال 2022" ، فما الذي أزعجه؟
حتى لو استطاع أن يؤمِّن كلفة الإشتراك لحضور المباريات، فهل يضمن ألا تنقطع الكهرباء؟
اللبناني لا يؤمن بمقولة "أضئ شمعة بدل أن تلعن الظلام"... سلبية على طول الخط، لا يفرح للناجحين بل يفتش عن ثغرة حتى ولو كانت بضيق "خرم الإبرة" ليبدأ بالتنمر والتمسخر والتمرقع.
هذه ذهنية لا تبني مجتمعًا بل تجعله في حالٍ من التقهقر الدائم.
قطر أدهشت العالم، فبماذا أدهشه اللبنانيون؟ هل بالعتمة؟ هل بسراب تأمين التيار الكهربائي؟ هل بجبال النفايات؟ هل بالمواد الغذائية الفاسدة؟ هل بالسموم المنبعثة من مكب الكوستابرافا وبرج حمود؟ هل بالوقوف طوابير أمام محطات المحروقات والمصارف والأفران؟ هل بالحفريات على الأوتوسترادات؟
أصبحنا "مسخرةَ" العالم، وما زلنا "نتمسخر" على العالَم، وما زلنا متمسكين بأنشودة: "هالْكَم أرزة العاجقين الكون".
إذا بقي اللبناني على هذه الوتيرة المرتفعة من "التمرقُع"، فلن يبقى له ما يتباهى به سوى أكبر جاط تبولة وأكبر صحن حمص، وهذا بحد ذاته ما يدعو إلى "التمرقع".