كيف للبنان النهوض؟ | أخبار اليوم

كيف للبنان النهوض؟

| الجمعة 02 ديسمبر 2022

أملنا الوحيد في استعادة النشاط والحيوية تأمين مناخ الإنجاز والحريات الاقتصادية

 "النهار"- مروان اسكندر

الوقت ينقضي منذ ثلاث سنوات وأكثر والاقتصاد على تردٍّ والتضخم على تصاعد مع تغيّر أسعار الصرف في السوق السوداء وليس بالضرورة لدى منافذ الصيرفة الرسمية.
نتيجة التردّي وضيق مجالات العمل المجدي بادر اللبنانيون الشباب والأقل شباباً ممن حققوا نتائج تمكنهم من العيش الكريم في بلدان أخرى الى الهجرة التي بدأت كأنها التماس فرص العمل والكفاية لسنوات قد تمتد الى 3 سنوات وربما أكثر، الى التمركز في أعمالهم ونشاطاتهم بحيث أصبحت الحاجة ماسّةً لمشاركتهم في تطوير المجتمعات الحديثة المتطورة في بلدان الخليج العربي وحتى أبعد من ذلك. فعلى سبيل المثال ولسنوات كان لبناني منتسب الى عائلة كاتب مشهور المبادر الذي أطلق عمليات اليانصيب في أوكرانيا ومن بعد تحقيق ثروة ملحوظة عاد الى لبنان.

أملنا الوحيد في استعادة النشاط والحيوية تأمين مناخ الإنجاز والحريات الاقتصادية، واتهامات تبديد المال وتحويل الاموال الى الخارج اتهامات ساقطة لأن تحويل الاموال كان ولا يزال أحد أسباب ازدهار لبنان ونجاحه في مجالات الحريات الاقتصادية وتجارة الذهب والمجوهرات، وكان لبنان مركز تسويق إنتاج الذهب الروسي لسنوات. ومعلوم أن روسيا تحتوي على ثانية أو ثالثة أغنى ثروات الذهب وذلك بعد جنوب أفريقيا والكونغو. وكان المصرف الروسي الوحيد في لبنان، الذي أنجز المبنى على كتف زاوية شارع الحمراء، والذي تملكه في ما بعد انسحاب بنك نارودني الروسي بنك الاعتماد اللبناني بقيادة الدكتور جوزف طربيه، وبغياب بنك نارودني تقلصت سوق الذهب بكمّيات ملحوظة وفي معظم الأحيان لتغذية احتياطات #البنوك المركزية في #الشرق الأوسط.

مستقبل لبنان يرتهن بالمحافظة على حريات التحويل من لبنان وإليه، وعلى سبيل التذكير خلال الأزمة المالية العالمية التي أطاحت سمعة البنوك السويسرية وقد شهدت سويسرا إفلاس أكبر بنكين الكريدي سويس واتحاد المصارف السويسرية وسارعت الدولة الى إعانة المصرفين، وقد شاهدنا أخيراً اتهامات بتجميع ثروات من عدد من اللبنانيين، الذين أدرجت أسماؤهم لا يشكلون نسبة 10% من أصحاب الودائع في سويسرا من قبل اللبنانيين، فما سر سويسرا التي لم تفلس كما تراءى لنا أن لبنان يعاني من خطر الافلاس.
دراسة "الكابيتال كونترول" لن تسهم في إطلاق النشاط في لبنان واستدراج الودائع والاستثمارات بل على العكس ستؤدي الى مشابهة النظام اللبناني للنظام السوري الذي يعاني من متاعب كبيرة تتجاوز حتى ما نشهده في لبنان، وربما هذا سبب لتردّد نسبة كبيرة من المهجرين السوريين في لبنان الى الامتناع عن العودة طوعاً الى سوريا، وبالتالي ترسيخ مشكلة كبيرة في لبنان خلال عشرين سنة. ولنذكر أن الفلسطينيين وفدوا الى لبنان منذ 74 سنة وما زال في لبنان من الفلسطينيين عدد كبير، والسوريون المقيمون والمتكاثرون بنسبة ولادات تفوق المتحقق من اللبنانيين قد يصبحون نسبة السكان الأكبر في لبنان، الأمر الذي يؤثر مباشرة على التوازن الطائفي الذي يهيمن على حياتنا.

المطالبة باسترداد الأموال التي حُوّلت الى الخارج بعد تظاهرات عام 2019 أمر يناقض القانون اللبناني الذي كان وما زال يسمح بالتحاويل استقبالاً وتوديعاً وكان من أسباب استقرار عائلات ناشطة في مجالات الأعمال في لبنان من سوريا، والعراق ومصر بعد تأميمات عبد الناصر.
مستقبل لبنان الاقتصادي والسياسي مرتهن بالمحافظة على الحريات الاقتصادية والحريات الشخصية وتوافر المؤسسات المصرفية الحريصة على أموال المودعين، واعتماد هذه المؤسسات على خبرة مديريها وأنظمتها للعمل وتفاعلها مع الخارج.
طبعاً يستسهل السياسيون في لبنان ترداد القول إن بداية الحلّ هي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحتى تاريخه لم نشهد تطوراً إيجابياً على هذا الصعيد رغم أن نائب رئيس مجلس الوزراء كُلّف برئاسة فريق لبنان إنجاز الأبحاث والاتفاقات مع الصندوق، وكل ما حدث حتى تاريخه هو تسلّم لبنان رسالة من موظفي الصندوق ونائب رئيس مجلس الوزراء رئيس فريقنا المفاوض هو منهم تاريخياً ومستقبلاً ولم نسمع منه عن تفاصيل ما يسمّى خطة إعادة تنشيط الاقتصاد والمجتمع اللبناني.

لبنان يستطيع أن يستقطب استثمارات في إنتاج الكهرباء وفي إنجاز معملين لتكرير النفط، وأموال تحقيق هذه النتائج متوافرة من لبنانيين ومؤسسات دولية شرط أن يسير الحكم على أسس واضحة تستهدف رعاية مصالح اللبنانيين وتحقق معدلات نموّ تسمح لأبنائهم بالطموح للتجلي في السنوات المقبلة وحتى عام 2050 على الأقل.
هل نستدرج حماسة لدى 40 لبنانياً ومؤسسات لبنانية قادرين على المساهمة في تنشيط مرفأ طرابلس، وتشغيل مطار رينه معوّض وإطلاق ورشة بناء المصافي، ومعامل انتاج الكهرباء وتحصين الوضع المصرفي؟ إذا استطعنا تأمين الشروط المشجعة على الحريات الاقتصادية والمبادرة نستعيد الأمل، ويكون جيل أبنائنا – الذكور والإناث – على موعد مع حياة كريمة بدل الشقاء الذي نعانيه.
السؤال: هل يمكن أن نحلم بالإنجاز، غريب عن طبع اللبنانيين، والى القراء المثل التالي.
شركة BUTEC التي مركزها بناية على مقربة من ابتداء طريق الصعود الى برمّانا أسّسها الدكتور نزار يونس قبل عشرات السنين وعززها في السنوات الأخيرة بجهود ابنه خريج جامعة البوليتكنيك ووسّع أعمالها بحيث أنجزت محطة كهربائية في الخليج العربي بطاقة 1000 ميغاواط، وأقدمت خلال هذه السنة على شراء ثلاثة معامل لإنتاج الكهرباء في دول أفريقية من شركة فرنسية، وذلك بعدما عجز آل يونس عن تحصيل حقوقهم لخدماتهم على إصلاح خطوط الكهرباء من شمال بيروت الى طرابلس وتركيب عدادات إلكترونية لقياس الاستهلاك الحقيقي على مدى سنتين، فأقبلوا على الاستثمار في بلدان توفر التعويض الحقيقي المستحق لأصحاب النشاطات التقنية والإعمارية.

إن نشاط الدكتور نزار يونس لم ينحصر فقط بإنجاز محطات الكهرباء والأبنية المدنية بل هو وضع كتابين سعى من نشرهما لتبليغ المسؤولين عن إمكانات لبنان شرط التوافق السياسي والطائفي، ولم يشهد أيّ تطور مع أنه لا يزال يؤمن بإمكانات لبنان وأهله، وربما وفّر هو مع ابنه البرهان على قدرات اللبنانيين. فقد أنجزت شركته معملاً لإنتاج الكهرباء بطاقة 30 ميغاواط – أي ما يكفي لحاجات بلدة بمساحة زحلة أو القلمون – وقد حازت المحطة المنجزة حديثاً جائزة تقدير لأنها المحطة التي تحافظ على البيئة بأعلى نسبة بين محطات الكهرباء في العالم.

عام 2013 تقدّم نزار يونس بعرض لإنجاز محطة كهرباء في لبنان بطاقة 650 ميغاواط وحينذاك اعتبر وزير الطاقة جبران باسيل أن طاقة المحطة أكبر من الحاجات، فخفض مستوى الطاقة المطلوب الى 450 ميغاواط وتعاون مع شركة قبرصية يونانية ولم تبدأ محاولات إنجاز المحطة لأن خلافاً على استحقاق أو عدم استحقاق ضريبة القيمة المضافة عطل بدء إنجاز العمل، علماً بأن كلفة ضريبة القيمة المضافة كانت ستُدفع من وزارة الطاقة لجانب وزارة المال في لبنان فلا تكون هناك كلفة على الخزينة... وهكذا كانت فرص الإنجاز في العهد المنتهي والحمد لله.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار