مصدر: لهذا السبب يلاحق الغرب دول الخليج بالحديث الدائم عن حقوق الإنسان
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
رغم الاحتجاجات التي تعصف بإيران منذ أيلول الفائت، والتي وصلت الى حدّ احتفال الإيرانيّين بخسارة منتخب بلدهم لكرة القدم أمام الفريق الأميركي، خلال مباراة جرت بينهما قبل أيام ضمن "مونديال 2022". ورغم التحذيرات الدولية لطهران من الوحشيّة، ومن ممارسة القمع، إلا أن الغرب لا يُظهِر أي حماسة حقيقية لإسقاط النّظام الإيراني.
فقدان ثقة
وهذه حالة قديمة، تعود الى عام 1979، إذ رغم العداء الذي طبع العلاقة بين الغرب وإيران، لم تشكّل الإطاحة بالنّظام الإيراني مصلحة فعليّة لدى الغربيّين. أما السبب، فهو بحسب أكثر من مصدر مُطَّلِع، فقدان الثّقة الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، بأنظمة الحُكم في دول الجوار الإيراني، في ما لو تمّ استبدال النّظام الإيراني الحالي بآخر ديموقراطي.
أنظمة مُتخلِّفَة
النّتيجة الأولى لإسقاط النظام الإيراني الحالي، هي عودة شخصيات إيرانيّة مُعارِضَة، تمارس نشاطاتها المدنية والسياسية في الغرب، الى إيران. وبعض مكوّنات تلك الطّغمة "مُشبَّعَة" بالثّقافة الغربية، وبالقِيَم الغربية، الى درجة تجعلها جاهزة لتأسيس نظام إيراني ديموقراطي، ينقل إيران من مكان الى آخر.
ولكن سيتعذّر على هذا النّوع من الديموقراطية أن "تعيش" في مدى بعيد، من دون الحصول على ما يدعم مسيرتها في محيطها. وبالتالي، كيف يُمكن لنظام إيراني ديموقراطي أن ينجح، وسط تعذُّر الاندماج والتناغُم مع أنظمة حُكم رجعيّة، ومتخلّفة، أنظمة من يُولَدون ليحكموا، وهي حالة معظم أنظمة الحكم في البلدان المُحيطة بإيران حالياً، وأنظمة قد تزعج الديموقراطيّة في طهران.
تتهاوى
وانطلاقاً ممّا سبق، لا آمال كبيرة بالتخلُّص من النّظام الإيراني الحالي، إلا إذا بدأت أنظمة حكم دول الجوار المُحيطة بإيران، تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، إما شكلاً ومضموناً، وإما من حيث المضمون، وبشكل يجعل من الشّكل الباقي منها، مجرّد ماضٍ مضى.
تفكُّك
أشار مصدر خبير في الشؤون الدولية الى أن "سقوط النّظام الإيراني الحالي مسألة حتميّة، بمعزل عن وقت حصول ذلك. فعناصر التفكُّك موجودة في داخله، ونلاحظ جيّداً كيف باتت طهران عاجزة عن التحرّك الحرّ في داخلها، لِلَجم غضب شعبها، وإزالته الشعارات والرّموز الدينية، وذلك رغم قوّة التمدُّد الإيراني خارج الحدود الإيرانية. وهذا أسوأ ما يُمكنه أن يصيب أي نظام حكم".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "ما عاد يُمكن لإيران أن تُمارس دور شرطي المنطقة، ولا الراعي الأمني أو السياسي لها. فمن يريد أن يُمسِك بتلك المهام، عليه أن يكون متماسكاً في الداخل، فيما أظهرت الاحتجاجات الأخيرة أن هذا التماسُك مسألة تحتمل الكثير من النّقاش، مستقبلاً".
بداية
وشدّد المصدر على أنه "رغم ذلك، لا يُمكن التعويل على حصول تغيير حقيقي في المنطقة، إذا سقط النّظام الإيراني وحده. فسقوطه قد يشكّل ضرورة البَدْء من مكان، بالنّسبة الى العالم الديموقراطي، وذلك قبل توسيع الدائرة الى ما حوله (النّظام الإيراني). وهذه القضايا لا تُحسَم خلال أيام، أو أسابيع، أو أشهر".
وأضاف:"لهذا السبب، يلاحق الغرب دول الخليج بالحديث الدائم عن حقوق الإنسان، وعن ضرورة احترام الحقّ بالمعارضة من دون التعرّض للعنف، والتوقُّف عن الإعدامات... وهي إشارات الى وجوب إحداث تغيير على مستوى أنظمة الحكم هناك".
وختم:"تختار دول الخليج مسارات التطبيع مع إسرائيل، وفتح الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية، وأمام استقبال الإسرائيليين على هامش مباريات "مونديال 2022"، بدلاً من إجراء التغيير السياسي والقضائي اللازم. وهو مسار يُظهرها بمظهر من يتقارب مع الغرب، ولكنّه يُبقي على ما في تلك البلدان من تجاوزات، على صعيد التعاطي مع مواطنيها".