الاحتجاجات الإيرانية تجعل من ماكرون الرّجل الذي سيهزّ الشرق الأوسط؟! | أخبار اليوم

الاحتجاجات الإيرانية تجعل من ماكرون الرّجل الذي سيهزّ الشرق الأوسط؟!

انطون الفتى | الجمعة 02 ديسمبر 2022

لا تسويات كبرى بل ترتيبات تجدّد الاستقرار وتوفّر ظروف التغيير الاجتماعي والثقافي

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بمعزل عن مناقشة المنافسة الاقتصادية بين الأميركيين والأوروبيّين، وأسعار الغاز الأميركي الذي تستورده الدول الأوروبية، تمثّل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الولايات المتحدة الأميركية، صورة لإعادة تأكيد التحالف التقليدي القائم بين أوروبا وأميركا، والقيم التي تجمعهما.

 

"إعادة ربط"

فبين أوروبا وأميركا ما هو أبعَد من منافسات اقتصادية مرحليّة، بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، أو غيرها، وما يتعدّى أي اختلاف حول وجهات نظر أمنية أو عسكرية، إذ يجمعهما المخزون التاريخي، والثقافي، والإيديولوجي الكافي، والقادر على "إعادة الرّبط" الدائم بينهما، والذي لا يرتبط بعلاقات مصالح آنيّة فقط.

 

الفضاء

تعهّد بايدن وماكرون بدعم أوكرانيا، وبالتعامُل معاً تجاه التحدّيات التي تطرحها الصين، لا سيما على صعيد حقوق الإنسان، والتغيُّر المناخي.

ومن مقرّ إدارة الطيران والفضاء الأميركية "ناسا"، أكد ماكرون أن التعاون بين الولايات المتحدة وفرنسا ضروري لمواجهة وجود "دول مارقة" في الفضاء. وأشار الى أن الفضاء يمثل مكاناً جديداً للصراع، والى أنه من المهمّ لواشنطن وباريس أن تعملا معاً على وضع القواعد والأعراف، لأنهما تشتركان في الالتزام بالعلوم والقيم الديموقراطية.

 

تحالف لا شراكة فقط

ومن مدينة نيو أورلينز التي سيزورها ماكرون، ليصبح أول زعيم فرنسي يدخلها منذ عام 1976، سيستعرض الرئيس الفرنسي صورة بلاده الحضارية في المستعمرة الفرنسية السابقة. ومن المتوقَّع أن يُعلن عن صندوق لتمويل تعليم اللّغة الفرنسية هناك، ومناقشة بعض الشؤون المرتبطة بالعلوم والثقافة فيها.

وانطلاقاً ممّا سبق، يتبيّن أن ماكرون الذي يمثّل أوروبا في الولايات المتحدة الأميركية حالياً، والذي يحمل الهواجس الأوروبيّة الى هناك، يؤكّد أن العلاقات الأميركية - الأوروبيّة قائمة على التحالف الاستراتيجي، وليس على الشراكة الاستراتيجية فقط.

 

احتجاجات إيران

وأمام هذا الواقع، ماذا يبقى للشرق الأوسط، وللبنان من ضمنه، على الطاولة الأميركية - الأوروبية تلك، وسط تأكيدات تُفيد بأن منطقتنا متروكة للتنسيق الأميركي - الأوروبي (لا سيّما الفرنسي) - الإيراني الدائم، مع حفظ التوازنات المتعلّقة بالمكوّنات الإقليمية الأخرى، و(تُفيد) بأن لا تغييرات كبيرة مرتقبة هنا، في وقت قريب.

تؤكد بعض المعطيات أن الاحتجاجات الإيرانية احتلّت المرتبة الشرق أوسطية الأولى، على مائدة بايدن - ماكرون. فما يحصل في إيران ليس لعبة، وهو سيُربِك كل وكلاء طهران على امتداد المنطقة، وقد يجعلهم يُمارسون المزيد من العنف، أو الرّضوخ للمتغيّرات، مع الاكتفاء بالإمساك ببعض الخيوط في البلدان التي ينشطون فيها، وذلك خوفاً من فقدان الأوراق كلّها.

 

تسويات كبرى؟

ولهذا السبب، من المتوقَّع أن يزداد الدور الفرنسي في الشرق الأوسط مستقبلاً، تنسيقاً مع الإيرانيّين، ومع كل ما يرتبط بهم في المنطقة. وهو دور مُنسَّق مع واشنطن طبعاً، ومع بلدان الإتحاد الأوروبي.

أما زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ السعودية، والقمم الصينية - العربية المُرتَقَبَة، فقد لا تقدّم أو تؤخّر كثيراً على مستوى المنطقة، ولا على خريطة النّفوذ فيها، في وقت قريب. وهي ستخضع للتنسيق القائم أصلاً بين بروكسيل وواشنطن، لمواجهة بكين.

ويؤكّد أكثر من مصدر مُطَّلِع أنه ما عاد يوجد أي هاجس لدى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، للحديث عن تسويات كبرى في الشرق الأوسط. وأكثر ما يُمكن انتظاره من الغرب، على صعيد الاهتمام بمنطقتنا، هو القيام ببعض الترتيبات، التي قد لا تخدم لوقت طويل، ولكنّها تنجح في تجديد حالة الاستقرار، وفي توفير ظروف التغيير الاجتماعي، والثقافي، لا السياسي والأمني فقط.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار