مصدر: سينتظر لبنان الحَسْم في حالة من عَدَم التوازن
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
إذا كانت دولة القانون والمؤسّسات هي المطلب الأبرز لشعب لبنان الجائع الى سلطة العدالة. وإذا كانت دولة القانون والمؤسّسات مطلباً دولياً من اللبنانيين، نظراً لأن هذا النّوع من "الدولة" يمنحهم القدرة على تحقيق الإصلاحات، ومكافحة الفساد، وتسريع النّهوض من الحصار والانهيار، نسأل عن السبيل لمثل تلك الدولة في لبنان، طالما أن المؤسّسات والسلطات في بلادنا تتخبّط بالقوانين، وبالدستور، حيث لكلّ طرف فريقه القانوني والدستوري، الذي يتصارع مع الفريق الدستوري والقانوني التابع لغيره، وبالاستناد الى الدستور والقوانين نفسها.
"متراس"
وكيف يُمكننا الوصول الى الشفافيّة المطلوبة، والى الإصلاح القضائي، والى دولة العدالة في أبسَط وأكبر الملفات، على حدّ سواء، طالما أن مؤسّسات الدولة وسلطاتها و"كبار القوم" فيها يتقاتلون بالقوانين، وبالدستور، وبالاجتهادات المرتبطة بهما، وبحسب مُشتهى حاسّة السّمع لدى كلّ طرف منهم؟
وحتى إن الجلسات الحكومية، ودعمها، والاعتراض عليها، ومقاربتها من زاوية تصريف الأعمال، أو الضّرورات وحاجات الناس... تعتمد على الدّستور والقوانين كـ "متراس"، وكحلبة مواجهة، بين من يقدّم ما يدعم الدّعوة إليها، ومن يعترض عليه.
غياب الدولة
دعا مصدر مُواكِب لآخر المستجدات السياسية الى "التمييز بين العناوين البرّاقة التي تتحدّث عن وضع القضاء في لبنان، وعن الحالة التي يجب أن يصل إليها، وبين الواقع الذي يؤكد أن لا مجال لتحقيق أي إصلاح في ظلّ غياب الدولة".
وذكّر في حديث لوكالة "أخبار اليوم" بأن "لدينا الكثير من الملفات العالِقَة كأمثلة بارزة على كيفية تعطيل كل الآليات القضائية المتّصلة بملف معيّن، وعلى التعاطي مع أي قضيّة عندما تكون الدولة غير موجودة. وبالتالي، لا مجال لتصحيح الوضع، ولا لإصلاح شيء في ظلّ حالة من الهريان، تشبه ما نحن فيه اليوم. فالإصلاح القضائي تحديداً، والتعاطي مع القوانين والدستور، يتطلّب وجود دولة، كقاعدة ثابتة ننطلق منها. وطالما أن الدولة غائبة، يبقى القضاء الفعلي والمطلوب من الجميع مُستبعداً في المرحلة الحاليّة. والقاعدة الوحيدة المُتاحة في تلك الحالة، هي "الترقيع"، بانتظار وضوح وتحسُّن الظروف أكثر".
الدُوَيْلَة
ولفت المصدر الى "صراع حقيقي قائم بين مشروع دُوَيْلَة السلاح غير الشرعي في لبنان، وبين مشروع الدولة اللبنانية. فإما تنجح الدولة باستعادة توازنها ودورها وحضورها، أو تبقى في حالة عَدَم التوازن بالشكل الذي يتحكّم بها حالياً، وتُفسِح المجال لخيارات الدُوَيْلَة غير الشرعية، وهو ما سيُمعن في نقل لبنان من تاريخه، ومن السّعي الى الاندماج بعالم الحداثة، الى التخلُّف".
وختم:"وسط هذا الانقسام بين مشروع الدولة والدُوَيْلَة، سينتظر لبنان الحَسْم بينهما، في حالة من عَدَم التوازن، مُتطلِّعاً الى مشروع الدولة لا الدُوَيْلَة. فتاريخ لبنان قائم على الدولة، لا على الدُويلات، وليس مطلوباً تغيير هذا الواقع باتّجاه وضع يحاول البعض فرضه عليه من دون أن يكون له علاقة به، أو بتاريخه".