عبدالله: المطلوب من اللبنانيين يسبق ما هو مطلوب من الخارج
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
إذا كانت الدولة عاجزة عن حَسْم أي شيء داخلي فيها سريعاً، وعن التأثير في أي شأن يعود إليها، بالسرعة المطلوبة، كيف تكون دولة؟
حفظ الأمن
فالاتّفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبيّة تطلّب الانتظار من تشرين الأول 2020، وحتى تشرين الأول 2022. فيما الاتّفاق على برنامج مع "صندوق النّقد الدولي" "يُنازع" منذ ربيع عام 2020، وقد لا يصل الى أي خاتمة مُنتِجَة قبل سنوات ربما. بينما انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، والاتّفاق على بيانها الوزاري... قد يمتدّ لسنوات أيضاً، وهو ما لن يكون جديداً إذا حصل، إذ لدينا خبرات مُماثِلَة في الماضي.
أما بَدْء قطف ثمار الترسيم البحري اقتصادياً ومالياً، فلن يكون قبل سنوات أيضاً، ليس لأسباب خارجية فقط، بل داخلية أيضاً. فيما النّهوض بمختلف القطاعات الداخلية التي انهارت لن يكون قبل سنوات، ومجموع ما سبق ذكره، وغيره... يدفعنا الى السؤال عن الجدوى من دولة لا دور فعلياً لها سوى حفظ الأمن.
استسهال التّأجيل
ممتاز أن الأمن ممسوك في لبنان، وهذا أمر لا بدّ من التمسُّك به دائماً. فرغم الجرائم التي تقع بين الحين والآخر، والسرقات والتعدّيات التي تحصل في عدد من المناطق، إلا أن الوضع الأمني في بلد انهار معيشياً وحياتياً الى هذا الحدّ، لا يزال مقبولاُ بنسبة أو بأخرى.
ولكن هل ان دور الدولة هو الحفاظ على الأمن فقط؟ وهل ان واجبات الدولة محصورة بهذا الملف؟ أم بضرورة الإسراع في كل شيء، ووقف استسهال تأجيل البتّ بالأمور المرتبطة بالشؤون الاقتصادية والمعيشية، الى ما بعد سنوات؟
وهل من الطبيعي أن لا يكون هناك أي برنامج للدولة، سوى الحفاظ على الأمن، فقط؟
مستويات مُترابطة
أسف عضو كتلة "اللّقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله لأن "الدولة تحلّلت بمشاكلها الكثيرة. فهي عاجزة حتى عن حفظ الأمن بالكامل، وتنجح على هذا المستوى بشكل جزئي في كثير من الأحيان. والمهمّ الآن هو كيفيّة إعادة بناء كل شيء".
وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على "ضرورة الإسراع في بناء الدولة بالمفهوم السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والأمني، في وقت واحد، وهي مهمّة نُدرك أنها ليست سهلة".
وأضاف:"كل المستويات مُترابطة ببعضها البعض. وعندما نتحدّث عن أمن، نجد أن تفاقُم الأزمة الاجتماعية يؤسّس لتفلُّت أمني. وعندما نُشير الى غياب الحلّ لموضوع الاستراتيجيا الدفاعية الموحّدة، نقول أيضاً إن ذلك يترك السلاح متفلّتاً بين الناس، وينعكس على الأمن، وهكذا دواليك، في بلد يترابط فيه كل شيء".
واجب علينا
وأكد عبدالله أن "المهمّ هو الشروع في بناء الدولة، بعدما صار لدينا "هيكل دولة"، تضبط الأوضاع فيه الأجهزة الأمنية التي تُمسِك بالأمن، في ظلّ قضاء مُعَطَّل. وما علينا سوى أن نحافظ على ما بقيَ لنا، حتى نتمكّن من التأسيس لمستقبل البلد من جديد".
وختم:"لن نفقد الأمل طبعاً. ولا يجب أن نطالب العالم بمساعدتنا، قبل أن نطالب ذواتنا في الداخل بأن نقوم بما هو واجب علينا. المطلوب من اللبنانيين يسبق ما هو مطلوب من الخارج. فاتّخاذ القرار الحاسم بإنقاذ لبنان يبدأ في الداخل، والتسوية تتعلّق بالداخل أيضاً، والقرار بإعادة تنظيم الدولة، وبإعادة هيكلة المؤسّسات، والقيام بالإصلاحات المطلوبة، وفتح البلد على الخارج والعرب، هي قرارات داخلية لا خارجيّة. فهذا هو المطلوب، ويتوجّب علينا أن نقوم بما هو واجب علينا أوّلاً".