حبيقة: المؤسّسات المالية الدولية لا تأخذ انطباعاتها من المطاعم ولا تخدع نفسها بالمظاهر
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
طبعاً نحن لسنا ضدّ فرح الناس، ولا ضدّ سعيهم الى تمضية الأيام الصّعبة بما يخفّف عنهم. ولا نحن ضدّ الحريات الشخصيّة، ولا دخل لنا بكيفيّة استثمار كل فرد لراتبه. ولكن الى أي مدى يُمكن لمظاهر البهجة الزائدة، والإنفاق الزائد عن حدّه خلال موسم معيّن، في بلد من المُفتَرَض أنه يعاني من حصار، (الى أي مدى يُمكن...) أن تتسبّب بالأذيّة لصورة عامة من الفقر الذي ينخر في صفوف شرائح اجتماعية تُعاني من العَوَز الشديد، وهي موجودة بالفعل.
"مفوّلة"
فعلى سبيل المثال، عندما يستمع كل من على وجه الأرض الى أن الأيام "المونديالية" تترافق مع مراهنات باللّيرة أو بالدولار "الفريش"، قبل عدد من المباريات، لا سيّما تلك التي تخوضها الفرق المشهورة. وعندما يشاهد العالم بعض المطاعم اللبنانية "مفوّلة" منذ ليلة 20 تشرين الثاني الفائت (وهي ليلة افتتاح "المونديال")، أفلن يقول الجميع إن الوضع في لبنان قابل للانتظار، وإنه لا يحتاج الى تحرّك سريع، ولا الى مساعدات بالقدر الذي يتحدّث عنه بعض اللبنانيين؟
وعندما يستمع العالم الى أن بعض التوقّعات الرسمية تتحدث عن إدخال مليار دولار الى لبنان، من خلال السيّاح، في موسم السياحة الشتوية (الذي قد لا يصل الى ثلاثة أشهر كاملة)، أفلا يحقّ للجميع في تلك الحالة بأن يفكّروا بأن الأوضاع اللبنانية مقبولة إن لم تَكُن جيّدة، وبأن الانهيار الذي يتحدّث عنه البعض، قد لا يكون أكثر من دعاية لمزيد من "الشحاده" من الخارج، وذلك بغضّ النّظر عن أن المليار دولار هذا لن يدخل في خزينة الدولة، بل في خزائن المؤسّسات السياحية؟
لا تخدع نفسها
أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن "هناك شرائح اجتماعية ميسورة، وأخرى لا، في كل دول العالم. وحركة "المونديال" في المطاعم اللبنانية تتمحور حول فئة الشباب في الأساس، الذين يريدون أن يتسلّوا، والذين لا يُنفقون على ولائم، بل على ما قد لا يتجاوز الحصول على كوب من البيرة في العادة. وهي حركة تُفيد المطاعم وأصحابها، وتدعم أوضاعهم. وبالتالي، نحن أمام أمور شكلية، تسمح للناس بـ "فشة الخلق" قليلاً، من دون أن تؤثر على الصورة الحقيقية للوضع في لبنان".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "المؤسّسات المالية الدولية تعرف حقيقة الأوضاع في لبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم، وهي لا تأخذ انطباعاتها من الحركة في المطاعم، ولا تخدع نفسها ببعض المظاهر التي تظهر في المجتمع ببعض الأحيان. فالكلّ يُدرك جيّداً أن المؤسّسات في لبنان "عا الأرض"، وأن كل شروط النّهوض غير متوفرة، وغير مُتَّفَق عليها في الوقت الحالي".
نحو الصّعود؟
ولفت حبيقة الى أن "الحديث عن إمكانيّة إدخال مليار دولار الى البلد في موسم الشتاء من خلال السياحة، يتعلّق بتقديرات قد لا تكون صحيحة بالضّرورة، مع احتمال أن يكون هناك مبالغة فيها. هذا فضلاً عن أن هذه الحسابات لا تأخذ في الاعتبار أن بعض اللبنانيين قد يسافرون الى الخارج، أي الى أوروبا مثلاً وتركيا، من أجل السياحة خلال تلك المدّة الزمنيّة نفسها. وهذه أموال تخرج من لبنان أيضاً. هذا مع العلم أن أموال موسم السياحة تذهب لصالح المطاعم والفنادق والمؤسّسات السياحية، ولا علاقة للدولة بها بما هو أبعَد ممّا يُمكن أن تحصل عليه من ضرائب، تجبيها من تلك المؤسّسات".
وختم:"لا ضوابط سياسية تمنع الانهيار الاقتصادي، وارتفاع دولار السوق السوداء في البلد حالياً. فهو مُرتبط بالعرض والطلب، وإذا بقيت الأوضاع السياسية على ما هي عليه الآن، فإن الدولار سيتّجه نحو الصّعود طبعاً، مع النتائج الخطيرة لذلك".