مرونة لافتة للحزب تسويقاً لمرشّحه | أخبار اليوم

مرونة لافتة للحزب تسويقاً لمرشّحه

| الجمعة 09 ديسمبر 2022

صلاح حنين لا يشكل خسارة أو هزيمة لأي طرف فيما لا يحتمل البلد ذلك

"النهار"- روزانا بومنصف

يستخدم "حزب الله" في مقاربته لانتخاب رئيس جديد عملية "إغراء" إذا صح التعبير للدول الغربية يقول سياسيون إن ديبلوماسيين وسياسيين وقعوا تحت تأثيرها بهدف إقناعهم بمرشحه للرئاسة الاولى.

وهذا سهل الى حد ما انطلاقاً من أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لا يحظى بملاحظات حادة حتى من خصومه وهو يقيم علاقات مع كل الدول، فيما يرى كثر أن نقطة ضعفه الاساسية التي يبرزها البعض هي انتماؤه السياسي الى قوى 8 آذار وصداقته مع بشار الاسد، علماً بأن أحداً لا يناقش برامج سياسية ولا اقتصادية في موضوع انتخابات الرئاسة الاولى. ويستند الحزب وفق هؤلاء الى استخدامه عناصر مغرية أحد أبرز عواملها هو تسويقه لتعاونه في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وتسهيله حصوله بما يعنيه ذلك من تفاهم ضمني على عدم القيام باستفزازات في الجنوب والتهدئة من حيث المبدأ إفساحاً في المجال أمام شركات التنقيب لبدء العمل في البحر . ويضاف الى ذلك الاستعدادات التي يبديها مسؤولو الحزب في لقاءاتهم مع رؤساء بعثات ديبلوماسية اجنبية من اجل تسهيل تنفيذ الاتفاق المبدئي الذي وقعه لبنان مع صندوق النقد الدولي. وهي مقاربة يراها هؤلاء نمطية في اداء الحزب الذي يظهر مرونة واستعداداً للتوافق والحوار كما في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية في المحطات التغيرية التي تحتم عليه ذلك. سيكون لهذه العملية الاغرائية التي تلاقي الكثير مما يريده الغرب راهناً من لبنان بلا شك تأثير على تطوير مقاربة اكثر تفهماً لمعادلة رئيس لا يطعن في الظهر التي يريدها الحزب وفقاً لما يعتقد هؤلاء السياسيون الذين يرون أن ذلك مقبول سياسياً من حيث المبدأ. وهي مقايضة لا تمس في جوهر وجوده وسلاحه بل على العكس من ذلك لا سيما أن لا أحد في هذا الوارد من جهة لاعتبارات متعددة ولأن الحزب قد يغير من مقاربته ويعدل عن مرونته حين تنتفي الظروف التي حتمت عليه ذلك أي بعد تمرير انتخاب رئيس يناسبه وحكومة لا يسجل من خلالها تراجعاً في الخط البياني لتحكمه بالوضع والقرار السياسي في لبنان.

وتسري المعادلة التي تقول بأن ما بعد ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ليس كما قبل وأن سلاح الحزب لم يعد موضوعاً على الطاولة على نحو مباشر بل تحتها. ويضاف الى ذلك عامل جوهري يتصل برغبة مخيفة لدى الخارج بإنهاء الملفات المتعلقة بلبنان لضمان هدوء ساحته مما يتيح للدول التي تأخذه على عاتقها الى الانصراف الى أولوياتها .

ما قدمه رئيس التيار العوني اخيراً يرقى في رأي هؤلاء الى الاستعراض المسرحي الذي ينتهي بتقديم ورقة اضافية للحزب انطلاقاً من أن رئيس التيار المعاقب أميركياً وغير المحبوب خارجياً يعترض على مقاربة الحزب بإتاحة انعقاد مجلس للوزراء في حكومة تصريف الاعمال، ما يعني أن الحزب يقوم بأمر جيد في نهاية الامر، علماً بأن كثراً من هؤلاء السياسيين يقيمون الاعتراض العوني من باب إدراك هذا الاخير ما يقوم به الحزب من أجل تسهيل انتخاب المرشح الذي يدعمه بغض النظر عن اعتراضه هو ليعلي الصوت تهديداً ويؤكد أنه لا يزال موجوداً وله رأي وحصة وينبغي أن يأخذ الحزب ذلك في الاعتبار. علماً بأن أحداً لا يساوره أي شك في صعوبة لا بل استحالة افتراق التيار عن الحزب فيما العماد ميشال عون الذي اقتنعت دول عدة لدى وصوله الى رئاسة الجمهورية بأن تحالفه مع الحزب يعود لأسباب تكتيكية لا استراتيجية أتاح للحزب القيادة من الخلف والتحكم بالقرار السياسي ولم يتمكن من التموضع وسطياً. ويعود ذلك الى طموحه منذ اللحظات الاولى لوصوله لنقل الرئاسة الى صهره ما حتم استمرار وضع كل رهاناته على الحزب. وهو ما ينسحب على وريثه السياسي الذي يعتقد بأن الحزب والمحور الذي ينضوي إليه يمكن أن يتيح له التمتع بمكاسب ليست ممكنة لو ابتعد عنه أقله في المدى المنظور وقبل أن تتغير الظروف المحلية والإقليمية. لا بل يجزم كثر بأن التحالف مع الحزب ليس بسهولة فك التحالف معه وأدرك ذلك عون جيداً كما يدركه صهره كذلك .

ويثير النجاح ولو الجزئي حتى الآن لعملية الاغراء التي قام ويقوم بها الحزب استياء أطراف سياسية انطلاقاً من أن من يقتنع بها، إنما يتعاطى مع ظرف مرحلي وبغض النظر عن جوهر المشكلة في لبنان المتصلة بما وصل إليه والذي يعود في جزء كبير منه الى ممارسات الحزب وسيطرته على القرار وتدخله في المنطقة من سوريا الى اليمن والعراق وحتى البحرين والحملات على السعودية، من دون أن يكون لذلك أي صلة لهذا التدخل بمواجهة إسرائيل. ومرونته إزاء ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل لا تلغي تمسكه بسلاحه الذي لا تنحصر أهدافه بالدفاع عن لبنان بمقدار ما يحفظ موقعاً لإيران على البحر المتوسط.

وفي رأي هؤلاء السياسيين، إن دعم انتخاب فرنجية الذي يظلله واقع أنه من خط قوى 8 آذار يخشى أن يعني تكريساً لانتصار آخر لهذا المحور واستكمالاً لانتصار حققه إيصال ميشال عون ولو أن فرنجية قد يختلف عنه. وهذا سيكون انكساراً معنوياً بتفاعلات قوية قد يستغرق سنوات لدحضه أو تغييره ولا يحتمله البلد. ولذلك يسلط هؤلاء الضوء بقوة على خطوة النائب السابق صلاح حنين بإعلان ترشّحه على قاعدة أنها نقطة انطلاق لأمر جدي، فيما برز احتمال أن يكون اسماً توافقياً مقبولاً قبل بعض الوقت في انتظار نضوج المساعي والاتصالات التي يمكن أن تصب في اتجاهه والتي بدأت تتوسع انطلاقاً من أنها قد تجمع النواب الجدد مع المعارضة، علماً بأن اسم قائد الجيش لم يُرفع عن الطاولة باعتبار أنه يمكن أن يكون مقبولاً من الجميع على رغم عدم ارتياح كثيرين لإعادة إيصال قائد للجيش الى الرئاسة الاولى. فصلاح حنين لا يشكل خسارة أو هزيمة لأي طرف فيما لا يحتمل البلد ذلك .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار