"الوزير الملك" تأمّن... والطاشناق ضمن الموالاة تاريخيّاً | أخبار اليوم

"الوزير الملك" تأمّن... والطاشناق ضمن الموالاة تاريخيّاً

| الجمعة 09 ديسمبر 2022

أبعاد اجتماعية ملحّة بغضّ النظر عن الخطاب السياسي والتباينات

"النهار"- مجد بو مجاهد

بدت مثيرة للاهتمام السياسي هوية "الوزير الملك" الذي أمّن النصاب للجلسة الحكومية، بعدما تبين أنّ "الكرسيّ البرّاقة" هي تلك الخاصة بوزير الصناعة جورج بوشيكيان. ورغم أنه بات خارج كتلة نواب الأرمن إلا أن مقولة "وزير الطاشناق ساهم بانعقاد الجلسة" بقيت واقعاً أكّده النائب هاغوب بقرادونيان في قوله إن "الطاشناق سجّل الهدف". وأضاف هذا المعطى لمعرفة كيفية مقاربة الحزب الأرمني لحقبات أساسية سياسياً.

ويُظهر الاستطلاع التاريخي للمحطات المتلاحقة أن علاقة حزب الطاشناق كانت دائماً جيدة بالقوى الممثلة للموالاة أي قوى السلطة لبنانياً، من دون أن يستند تموضعه القائم إلى ركائز أو أفكار عقائدية. وهنا، تشير ملاحظات مؤرخين مواكبين للمراحل المتَتابعة التي شهدت حضوراً للحزب الأرمني إلى أنه خاض استحقاقات الانتخابات النيابية إلى جانب قوى متعددة بحسب تحالفات اتخذت منحى انتخابيّ الطابع. وعُرفوا بأنهم يشكّلون ثقلاً انتخابياً في مناطق المتن وزحلة وبيروت ما جعل بمقدورهم أن يضيفوا بعض التأثير على النتائج في بعض الدوائر. ولم يكن حضورهم النيابي وازناً عددياً قبل سنة 1960، فيما كان الرئيس كميل شمعون أقام دائرة انتخابية تضمّ مناطق برج حمود والجديدة والسدّ ويمثّلها نائب أرمني. ولاقت هذه التقسيمات الانتخابية اعتراضات أرمنية، بما أدّى إلى الابتعاد سياسياً عن "الشمعونية" في مرحلة معينة. وخاضوا بعض الدورات الانتخابية والمراحل السياسية مع الرئيس فؤاد شهاب.

وكان مرشحو الطاشناق يحضرون على لوائح حزب الكتائب في فترات معينة، أو خارجها في فترات أخرى بحسب طبيعة التحالفات السياسية والقانون الانتخابي. ورغم التأييد الكبير الذي حظي به الكتائب أرمنياً، إلا أن الطاشناق بقي على مسافة ولم تكن علاقته عميقة. أما في مرحلة ما بعد الحرب بدءاً من سنة 1990، فيقرأ المواكبون للتاريخ اللبناني المعاصر أن الطاشناق خاض الانتخابات دائماً مع اللوائح الممثلة للسلطة ولم يكن قريباً من الأحزاب المعارضة أو المستقلة، التي كانت لوائحها على مقلب آخر له مع استذكار الخرق الذي استطاع تحقيقه الشهيد بيار الجميل في انتخابات 2000. وما بعد سنة 2005، بقي الطاشناق انتخابياً وسياسياً على مقربة من محور تحالف "التيار الوطني الحرّ" و"حزب الله".

وإذا كان الاستنتاج العام الذي يخرج به مستطلعون تاريخيون يتمثل في أن تموضع حزب الطاشناق كان في الغالبية المطلقة من المراحل مع قوى الموالاة وليس ضمن المكونات المعارِضة على تنوع المحطات، فإنهم لم يعرفوا يوماً باتخاذ "مواقف نارية" أو "حدّة الطابع" أو "خطابات صاخبة" سياسياً ضدّ أي من الأحزاب أو المحاور بل كانوا دائماً أقرب إلى مدرسة "البرغماتية" في التعامل. حتى وسط تأمين الوزير الممثل للطاشناق جورج بوشيكيان نصاب الجلسة الوزارية التي دعا إليها الرئيس نجيب ميقاتي، فإن الطاشناق لم يتّخذ أسلوباً حاداً في مقاربة مفاصل المسألة بل كان "براغماتياً" إلى حدّ معين رغم فصله بوشيكيان عن الكتلة علماً أنه ليس حزبياً. وكان لافتاً ما قاله النائب بقرادونيان لجهة أن "بوشيكيان سجّل هدفاً عن طريق الطاشناق في موسم "فوتبول" يسجّل فيه كل واحد أهدافاً... وليس لدينا بطاقة حمراء، بل مواقف". ويشار إلى أن الطاشناق كان تمايز أحياناً عن "التيار" في محطات أساسية كالاستشارات الملزمة لاختيار رئيس مكلف للحكومة.

إلى ذلك، تنفي أوساط رئاسة الحكومة لـ"النهار" نظرية أنّ الوزير بوشيكيان بات محسوباً على الرئيس نجيب ميقاتي وزارياً بعد حضوره الجلسة الحكومية وما استتبع الخطوة من انفصال عن كتلة نواب الأرمن، مع الإشارة إلى أن معرفة شخصية الطابع تربط الرجلين إضافة إلى الثناء الذي يبديه رئيس الحكومة في مجالسه بالنسبة الى الدور الوزاري المضطلع به بوشيكيان في موقعه الوزاري. وأبعد من المعطى الشخصي بين ميقاتي وبوشيكيان، تضيء أوساط رئاسة الحكومة على ما يجمع رئيس الحكومة بحزب الطاشناق من علاقة جيدة ومستقرّة سياسياً بعيداً عن الاختلافات مع "التيار الوطني الحرّ"، بما يجعل خطوة الوزير الأرمني غير بعيدة عن توافق ضمني مع مرجعيته السياسية بالنسبة إلى المحيطين بالرئاسة الثالثة. ويفصل رئيس الحكومة علاقته بالطاشناق عن فحوى الحساسيات القائمة مع تكتل "لبنان القوي"، في وقت تتناقل أجواء مشيرة إلى أن حضور بوشيكيان الجلسة الوزارية قبل إعلان كتلته النيابية خروجه منها وتمايزه الدائم عنها شكّلا بمثابة خطوتين مكمّلتين لا تباعد بينهما على طريقة تأييد خطوة انعقاد الجلسة الحكومية من جهة والحرص على علاقة الطاشناق القائمة مع "التيار الحرّ" من جهة ثانية. وهناك معطيات متناقلة داخل مجلس الوزراء مفادها أنّ وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار كان طلب تأخير انعقاد جلسة الحكومة حوالي 15 دقيقة، بما طرح علامات استفهام لدى مصادر وزارية حول الأسباب التي دفعته إلى اقتراح مماثل؛ وهل كان بمثابة محاولة لإقناع بعض الحاضرين للمقاطعة أو العكس كالبحث عن تسوية مثلاً. وتجدر الإشارة إلى أن المقربين من رئيس الحكومة اعتبروا أن حضور حجار على تنوّع القراءات حوله وتوجيهه رسالة من داخل الجلسة الوزارية، إلا أن مفاعيله تمثلت بالنسبة إليهم في زيادة عدد الوزراء الحاضرين إلى 18 وزيراً.

ويلفت التقويم نفسه إلى أن حضور الوزيرين سعادة الشامي ونجلا الرياشي كما وزير الصناعة، ارتبط بأبعاد اجتماعية ملحّة بغضّ النظر عن الخطاب السياسي والتباينات الحاصلة بين القوى الحزبية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة