متى تعلن الدولة وفاة "الكابيتال كونترول"؟ | أخبار اليوم

متى تعلن الدولة وفاة "الكابيتال كونترول"؟

| الجمعة 09 ديسمبر 2022

سبحة الدعاوى خارجياً تكرّ: المصارف في خطر والضحيّة صغار المودعين


"النهار"- سلوى بعلبكي

لا تزال مصارف لبنان المأزومة بسيولتها، ومودعوها الثكالى بودائعهم الضائعة بين دفاتر مصارفهم وتنكّر دولتهم لمسؤوليتها عن فقدانها، ينتظرون الفرج الموعود من الدولة عبر المجلس النيابي، بأن تصدر تشريعات وقوانين تحمي ما بقي من سيولة لدى المصارف وتعينها على تجاوز الانهيار النقدي الذي هبط بها من قمة الثقة لدى اللبنانيين ومودعي العالم العربي الى أسفل هرم المصارف غير الموثوقة والفاقدة للقدرة والمصداقية في أسواق لبنان والعالم.

ثلاث سنوات والكابيتال كونترول قيد البحث، والتمحيص، والتدقيق، والتعديل، وإدخال بنود، وإعدام أخرى، وتوسيعه ليشمل غير أهدافه، وحشوه بالمواد من كل صوب، تارة بحجة الحفاظ على حقوق المودعين، وتارة أخرى ربطه بقانون إعادة هيكلة المصارف، فيما كان المطلوب من البداية، ومن اللحظة القاتلة التي بدأ فيها انتشار خبر فقدان السيولة في المصارف، أن تبادر الدولة، أو المجلس النيابي، أو مصرف لبنان، أو الحكومة، الى إقرار قانون "معجل مكرر" طارئ وحاسم، ولو بسطر واحد، وجملة مفيدة واحدة، يمنع تحويل الأموال الى الخارج، ويبعِد شبح تفريغ المصارف من سيولتها، ويساوي بين المودعين جميعاً، ولا يترك لأصحاب الحظوة والنفوذ إمكان النفاذ بدولاراتهم، فيما صغار المودعين محرومون منها.

"الكابيتال كونترول" كان يومها "أبغض الحلال"، لكنه لم يكن كما صوّره البعض، أسوأ القوانين، بل كان حتماً حينها خطوة ذكية وجريئة تحمي جزءاً غير يسير من الودائع، وتبعد الإحراجات عن المصارف، وتحميها من الضغوط السياسية والأمنية والشخصية. وأكثر... ما كان للمتمولين وللمودعين الأثرياء، إمكانية الاستحصال على أحكام قضائية خارج لبنان، لسحب ودائعهم كاملة، وهي بملايين الدولارات، حيث إن القانون الساري المفعول الآن على الأراضي اللبنانية، لا يزال يسمح بالتحويل الى الخارج.

توازياً، بدأت تكر سبحة الدعاوى ضد مصارف لبنانية في بلدان عدة مثل أستراليا، الامارات، البحرين وغيرها من دول العالم، ولكنها لم تصل بعد الى مرحلة إصدار القرارات. وعلمت "النهار" أن ثمة اتصالات تجريها بعض مكاتب المحاماة في الخارج مع محامين في لبنان للتعاون في رفع دعاوى على المصارف، وبدأ بعضهم يتحرك باتجاه المودعين لتشجيعهم على ذلك وخصوصاً أولئك الذين لديهم حسابات كبيرة في لبنان. يبقى السؤال بعد كل ما تقدم: متى سيبصر القانون العتيد النور؟ وكيف سيحصل ذلك؟

أول من أمس دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، الى جلسة مشتركة عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين لمتابعة "درس مشروع القانون المعجّل الوارد بالمرسوم رقم 9014 الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة"، بما يعني أنه لم يتم الاتفاق على المسوّدة النهائية حتى الآن، فيما المطلوب بعض التعديلات، وربط إقراره بإقرار بقوانين أخرى من غير المعروف متى تنجز أو يتم الاتفاق عليها. وإذا وصلت الأمور الى خواتيمها، فمن سيقر القانون؟ وكيف؟ إذ وفق الدستور، المجلس النيابي حالياً هو هيئة انتخابية، ولا وظيفة له راهناً إلا انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ولا يحق له التشريع، أو القيام بأي وظيفة أخرى.

مصادر نيابية استغربت الإصرار على مشروع "الكابيتال كونترول" الذي يعرف أنه لضبط خروج الاموال الاجنبية، فيما لم يعد من أموال أجنبية في المصارف لتضبط. فالموجودات في المصارف بالكاد تغطي اعتمادات زبائنها من التجار الذي يؤمنون قسماً منهم "فرش" حتى يتمكنوا من تحويلها، وتالياً فإن ادعاء البعض أن "الكابيتال كونترول" هو لمنع الاستنسابية في تحويل الأموال لمودعين محددين دون غيرهم هو في غير محله. وتستغرب المصادر التركيز على موضوع "الكابيتال كونترول"، "فيما كان في إمكانهم إقراره في حكومة حسان دياب بأسطر عدة تنص على منع التحويلات الى الخارج وتوضح الحالات التي يُستثنى منها القرار". فـ"الكابيتال كونترول" تقرّه السلطة التنفيذية لا السلطة التشريعية، لكونه أمراً تنفيذياً بامتياز، "ولكنهم يريدون رمي الكرة في ملعب المجلس النيابي، خصوصاً أن همّهم هو تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي من دون النظر الى التفاصيل الأخرى".

المصادر عينها تؤكد أن النواب "يحرصون على عدم شرعنة الإجراءات التي اتخذت بحق المودعين من اقتطاع لأموالهم من 3 أعوام حتى اليوم، وتالياً لن يقبلوا بإقرار الكابيتال كونترول من دون ذكر ما جرى سابقاً من إجراءات بحق المودعين، وأكدت أن التعديلات على "الكابيتال كونترول" تلحظ إلغاء شرعنة الماضي وخصوصاً حيال الإجراءات التي قامت بها الحكومة ومصرف لبنان خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وإلغاء الصلاحيات الاستثنائية للذين تسببوا بالأزمة بغية الحد من استمرارهم في القيام بالإجراءات التي اتخذوها سابقاً، إذ خلال تلك السنوات أجروا هيركات على أموال المودعين بدءاً من سعر صرف 1500 ليرة، ثم على سعر 3900 ليرة، وصولاً الى 8 آلاف ليرة حالياً، ولاحقاً على سعر الـ15 ألفاً، فيما سعر الصرف الحقيقي للدولار هو 40 ألف ليرة".

وسألت المصادر عن وضع أموال المودعين وفق خطة التعافي والتوازن المالي للحكومة، علماً أن سعادة الشامي قال إنه يريد شطب 60 مليار دولار من أموال المودعين، والدليل الاكبر أن في الخطة المالية حديثاً عن خطط إعادة الأموال للمودعين تحت الـ100 ألف دولار وقسم منها بالليرة اللبنانية، وهذا يعني أنه عملياً شُطبت بقيّة الودائع. وإذ أكد أهمية مصارحة المودعين بموعد استعادة أموالهم وبأي وسيلة، قال "برأيي يريدون إقرار "الكابيتال كونترول" من دون الأخذ في الاعتبار خطة التوازن المالي، وتالياً تضيع الودائع ومعها ديون الدولة التي لا يمكن التساهل معها خصوصاً أنه جرت الاستدانة للكهرباء والقطاع العام بالدولار ومن ودائع الناس في المصارف.

أما عملية استرجاع الأموال، فستكون عبر خلق صندوق استعادة الودائع، وهذا الصندوق ستسهم به الدولة من خلال استثمار موجوداتها لا بيعها، وكذلك مصرف لبنان الذي عليه أن يرد الخسائر التي تكبّدها وذلك عبر الأرباح التي يمكن أن يجنيها، إضافة الى المصارف التي هي مسؤولة أيضاً عن جزء من الأزمة وعليها أن تتحمّل بعضاً من المسؤوليات.

ولكن حتى لا يوضع اللوم على مجلس النواب بأنه يرفض أو يماطل بـإقرار "الكابيتال كونترول"، قرر النواب إنجازه بالتوازي مع مشروع قانون التوازن المالي الذي يحدد كيفية تغطية الديون، ومشروع قانون إعادة هيكلة المصارف على أن يتم تمريرها جميعاً في الهيئة العامة.
هل هذا يعني أن طريق "الكابيتال كونترول" لا يزال طويلاً؟ تقر المصادر النيابية أن إنجاز مشروع قانون "الكابيتال كونترول" سيتطلب بعض الوقت، معتبراً أن بيت القصيد هو مشروع إعادة التوازن المالي الذي يُعدّ كارثياً بحق الودائع، وقانون إعادة هيكلة المصارف ليكون في مقدور المصارف تعزيز رأسمالها وضخ الأموال لإعادة الودائع.

وعن كيفية التشريع في ظل عدم وجود رئيس جمهورية؟ أكدت المصادر أن النواب سيجهزون في الوقت الضائع كل هذه القوانين، وفور انتخاب رئيس يتم تمريرها جميعاً في سلة واحدة.
أمام ما تقدم، يبدو واضحاً أن الطريق أمام مشروع "الكابيتال كونترول" ليست سالكة، والتخوّف من استمرار الشغور الرئاسي لمدة طويلة، فيما تؤكد مصادر مصرفية أهمية إقرار "الكابيتال كونترول" بأقصى سرعة وبأي صيغة كانت، لحمايتها من الدعاوى التي تقام ضدها وتالياً حماية أموال المودعين وخصوصاً الصغار منهم". وأكدت ضرورة التمييز بين أموال ما قبل الثورة والأموال الفريش التي تدخل لبنان سنوياً والتي تقدر بنحو 6 مليارات دولار. فإذا لم يُصر الى التمييز بينهما، فإن لبنان سيُحرم من هذه الاموال التي تُعدّ بمثابة الاوكسيجين للبلاد في هذه الظروف".

وإذ تفهمت المصادر "ارتياب النواب في التمييز بين الاموال القديمة والاموال الجديدة خوفاً من أن يذهب مآل الأموال القديمة الى غير رجعة"، أكدت أن "الكابيتال كونترول"، وإن تأخر بعض الشيء، بيد أنه سيقر في نهاية المطاف، بدليل عدد الجسات التي تُعقد لمناقشته لكونه آخر طلب من الـIMF للإفراج عن الأموال.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة