ماذا يجري في المعهد العالي للدكتوراه – حقوق في الجامعة اللبنانية؟ | أخبار اليوم

ماذا يجري في المعهد العالي للدكتوراه – حقوق في الجامعة اللبنانية؟

| الجمعة 09 ديسمبر 2022

طلبات لا تحترم الحدود وأساتذة قانون لم يقرؤوا قوانين الجامعة ولم يفهموها!


"النهار"- غدي حداد

تسعى الجامعة اللبنانية إلى إعادة الانطلاق حضورياً للمرة الأولى ما بعد جائحة كورونا. وهذا رهان رئيسها البروفسور بسام بدران، ولا عودة فيه إلى الوراء. وهو يعمل بلا هوادة، بمؤازرة من وزير التربية عباس الحلبي، وهما لا يتركان باباً إلا يطرقانه، إن في لبنان أو في الخارج دعماً للجامعة. وهي الأمل الوحيد وعنوان الصمود والبقاء والارتقاء لأبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة، وكذلك للمبدعين من هؤلاء الأبناء.

وفي الوقت نفسه يجد المراقب لمسار الكليات والمعاهد أن هناك بؤراً وفلولاً من مخلفات المرحلة الآفلة تعوق المسيرة الجامعية، ولا سيما أن "أبطال" تلك المرحلة وقفوا موقف المتفرّج إزاء أكلة حقوق الجامعة المالية من فحوص الـPCR إلى التصدي لزيادة موازنتها، وعدم القيام بأي جهد داعم، وغيرها من العوائق أمام النهوض بهذا الصرح العلمي الوطني العريق... هذه البؤر ما زالت عصيّة على مواكبة التحولات بكل ما تفرضه الأوضاع الصعبة للجامعة اليوم. لا بل إن الملاحظ أن الأحزاب التي أساءت إلى الجامعة، ولم تحترم حرمتها، كما لم تقف عند أبوابها الخارجية، لا يزال بعضها يعيث داخل أحرامها فضائح، ويتلاعب بمستوى الشهادات وقيمتها العلمية، وبمصير الطلاب ومستقبلهم، ولغايات معروفة.

تقارير ترسل "دكمة" دون فرز
ترد تقارير مستغربة الى المعهد العالي للدكتوراه في الحقوق في الجامعة اللبنانية تتضمّن طلبات مخالفة للقانون من جانب أساتذة مكلّفين من المعهد كقرّاء لأطروحات يعدّها الطلاب. وبدل أن تُقرأ تلك التقارير في المعهد وتُفرز، ويُطلب إلى الأساتذة تصويب طلباتهم وإقامة حلقات التدريب والتأهيل لهم على احترام الأصول القانونية، ترسل التقارير "خاماً" أو "دكمة"، كما يقال بالعامية، إلى المشرفين والطلاب. وبعض هؤلاء لا يفقه الأصول، فيبني على الخطأ أخطاءً ومزيداً من المخالفات التي تضرب بالقانون عرض الحائط.

يعيش المعهد اليوم حالة إنكار حيث يعتمد على جيل جديد من القرّاء تنقصه الخبرة والاختصاص والرتبة والموقع أو المركز الذي شغله أو يشغله الأستاذ، ولا سيما بعد إقصاء وتجاهل جهود المؤسسين للمعهد. يقوم معظم الأساتذة الجدد بإعداد تقارير عن أطروحات محالة إليهم، تظهر عدم قراءتهم الأطروحة، وتركيزهم فقط على عدّ صفحاتها من أقسام وأبواب إلى فصول ومباحث فمطالب وفقرات... يؤكد أحد التقارير أن الأطروحة تضمّنت تقسيماً ثنائياً. وبعد مدة ينسى الأستاذ ما كتبه، فيوجّه الى المعهد كتاباً آخر يشير فيه إلى أن الطالب لم يعتمد التقسيم الثنائي، خلافاً للواقع ولما سبق أن راسل بشأنه! ومن الممارسات الأخرى: قرّاء يضعون تقريرين، ويوم المناقشة لا يكتفون بما ورد في التقرير، بل تتفتح الأريحة في كل الاتجاهات من دون ضوابط، ولا يبقى أحياناً للمناقشين ما يضيفونه!

الشكل والجوهر واحد: عدّ صفحات والنسخ يعالج بمسحه
الأشد إيلاماً أن تقارير بعض الأساتذة مقسّمة إلى قسمين: في الشكل، وفي المضمون. ولكن من يقرأ القسمين بتمعّن يجدهما فارغين من ملاحظات تتعلق بالمضمون والجوهر. وبالرغم من الإكثار من استعمال مصطلح خطأ منهجي في التقرير، يدرك بعض الأساتذة الخطأ المنهجي وكأنه عدم تطابق في عدد صفحات كل قسم أو باب أو فصل أو مبحث...

بعض القرّاء يفتح خطوطاً وقنوات مع الطلاب ويطلبون تغيير عنوان الأطروحة بمعزل عن الأستاذ المشرف. هؤلاء، رغم أنهم أساتذة قانون، لم يقرؤوا القوانين الناظمة لشهادة الدكتوراه اللبنانية والقواعد القانونية المطبقة، أو لم يفهموها. وبعضهم الآخر يرغم الطالب، في مخالفة فاضحة للأصول المتبعة في كل جامعات العالم، على تعديل الأطروحة والتقيّد حرفياً بملاحظاتهم تحت طائلة عدم الموافقة ووقف الإجراءات الآيلة إلى مناقشة الأطروحة، الأمر الذي يجعل هذا الأستاذ يختزل دور اللجنة بشخصه، وتتحول المناقشة إلى جلسة شكلية للإعلان أن الطالب تقيّد 100% بملاحظات القارئين الأول والثاني. ولا يعود من مجال لرأيه في الموضوع الذي يدرسه ولا في الدفاع عنه وإقناع اللجنة بأي رأي مغاير، وهو الذي أمضى سنوات في دراسة الموضوع، ولا يعود تالياً من مجال لرأي المناقشين الآخرين.

من الممارسات التي تجهل دور المعهد، يعمد أستاذ الى طلب قرص مدمج عن الأطروحة. يعني ذلك أنه لا يثق بفحص المعهد على برنامج Turnitin، وكذلك تغيير المعهد نسبة الاستلال المانعة لمناقشة الأطروحة وخفضها، استنسابياً واعتباطياً، من 22 بالمئة، وهي النسبة التي اعتمدها مبتكرو البرنامج، الى ١٠٪ بواسطة مجلس معيّن للمعهد (معيّن لا منتخب) ومن دون المرور بالموافقة الإلزامية لمجلس الجامعة…

في الماضي كانت الأطروحة تفحص على البرنامج المذكور، فإذا تبيّن أن نسبة الاستلال تتخطى حدود 22%، كان الطالب يُمنع من إكمالها عقوبةً له بسبب عدم احترامه مبادئ الأمانة العلمية وخلقية الباحث. اليوم بات كل شيء مباحاً، فالأطروحة التي يكتشف فيها نسبة استلال تتخطى المسموح لا يكون الحلّ بإيقاف الطالب عن متابعتها، بل يعطى الطالب تقرير الفحص الذي يبيّن مواقع النسخ، فيعمد إلى إزالتها أو تحوير النص بحيث يصبح نصاً منحولاً يُضيّع الفرصة على البرنامج في التقاطه!

لجان مناقشة في المعهد تعكس المستوى!
من الممارسات والوقائع الاخرى المسجلة في المعهد: قائمقام عميد خارق لقانون التفرّغ بوصفه موظفاً خاضعاً لسلطة رئاسية (رئيس الجامعة) ومؤتمراً منها، وأيضاً مخالف لقانون مزاولة مهنة المحاماة المنتسب إليها خلافاً لقانون تفرّغ الأستاذ الجامعي في "اللبنانية"، وكذلك أستاذ متفرغ في آن واحد: في الجامعة اللبنانية وفي جامعة خاصة في الشمال! والأخير سبق له أن تلقى مساعدة لإنقاذ زوجته الطالبة المسجلة آنذاك في المعهد على يدي من يعمد إلى التنكيل بهم حالياً ليتمّ ما قيل في ممارسات اللئام في المعهد لا الكرام منهم بالطبع: "اتّقِ شرّ من أحسنت إليه". فضلاً عن تعيين أعضاء لجان هم نفس الأسماء تتكرر في معظم اللجان وكأن لا أساتذة غيرهم في الجامعة، وكأن الله خلقهم وكسر القالب من بعدهم!
بالرغم من أن الأستاذ المكلّف يُمنح شهرين لقراءة الأطروحة وإعداد التقرير، ترد بعض التقارير إلى المعهد في أيام معدودة بعد إيداع الطالب لها في المعهد. فكيف يتم ذلك بهذه السرعة ما دام البريد يعمل ببطء، وتحتاج الأطروحة غالباً إلى ما بين 10 أيام إلى 15 يوماً لإيصالها إلى الأستاذ المكلّف. ومؤشر عدد الأيام يبدو أحياناً قليل الأهمية أمام مؤشر آخر هو مضمون التقرير نفسه الذي يكشف إن كان الأستاذ المكلف قرأ الأطروحة أو لا!

أسوأ مناقشة في 40 سنة!
إن تشكيل لجنة مناقشة أطروحة الدكتوراه يخضع لقواعد ومعايير دقيقة ومحدّدة في القوانين والأنظمة والقرارات النافذة، وإن عدم احترام هذه القواعد يعرّض نتيجة الأطروحة للبطلان. من الملائم جداً عدم المخاطرة في هذا الصدد. فالقواعد والأعراف الجامعية المتبعة في تشكيل لجان المناقشة تقضي بأن يقترح الأستاذ المشرف على الأطروحة على عميد المعهد، أسماء أساتذة التعليم العالي تمهيداً لإصدار قرار تعيين اللجنة من رئيس الجامعة. ولكن ما يحصل عملياً هو التصرّف على قاعدة المحاباة بحيث إن أساتذة مشرفين يقترحون فيستجيب قائمقام العميد لهم، وأساتذة يقترحون ولا يستجاب لهم، ممّا يخرق مبدأ المساواة الدستوري. ويُشتمّ أن وراء الأكمة ما وراءها من مسايرات على قاعدة حزبية، ولا سيما أن قائمقام العميد هو مسؤول مجلس التحكيم في "التيار الوطني الحر" المناط به تنظيف "التيار" من جميع معارضي باسيل، كما أشارت إلى ذلك وسائل إعلام في الآونة الأخيرة.

كانت لبعض كبار الأساتذة أخيراً تجارب غير مشجّعة مع معهد دكتوراه الحقوق ولا سيما بتعيين أساتذة يفتقرون إلى المعايير المطلوبة وصلت حدّ أن بعضهم كتب إلى رئيس الجامعة شاكياً. وجاء في كتاب أحد الأساتذة متوجهاً بمرارة وبحسرة على ما آلت إليه أوضاع المعهد: "أتوجّه إليكم انطلاقاً من خبرتي الأخيرة في الإشراف على أطروحة دكتوراه في العلوم (...) في الجامعة اللبنانية. اقترحت بعض الأسماء للجنة المناقشة وتمّ تعيين أعضاء استنسابياً، لا علاقة لهم بالموضوع ولا ببعض عناصره. وكانت طالبة الدكتوراه المميزة من بحثها أكثر عمقاً ودرايةً وخبرة من أعضاء اللجنة!".

وأضاف الكتاب: "يمكنني التأكيد أنها كانت أسوأ مناقشة شاركت فيها في لبنان والعالم طوال أكثر من 40 سنة!" وختم بقوله: "نالت الطالبة "جيد جداً" ونحن في صدد طباعة الأطروحة في كتاب لأن الأطروحة مجددة وأصيلة!".

في خضم هذا الواقع وهذه الحالات النموذجية عن عمل المعهد، لا مناص من وضع آلية العمل في المعهد على طاولة المشرحة في رئاسة الجامعة من أجل إنقاذ صورة الجامعة، على الأقل، أمام الجهات المانحة اليوم، للحؤول دون أن تعرّضها لصدمة تنعكس ضرراً على الجامعة وما تتوخاه من دعم دولي ووطني محلي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار