هل يحوّل دَمْج التكنولوجيا الأميركية والصينيّة على أرض واحدة بعض الدّول الى رماد؟! | أخبار اليوم

هل يحوّل دَمْج التكنولوجيا الأميركية والصينيّة على أرض واحدة بعض الدّول الى رماد؟!

انطون الفتى | الخميس 15 ديسمبر 2022

حايك: التنافس الاقتصادي القائم بين الطرفَيْن هو الجوهر الذي انتقل الى ميدان التكنولوجيا

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

يتوغّل العالم في حرب باردة جديدة، قد تُصبح ساخنة في ما لو انفجرت عسكرياً في تايوان.

 

المشكلة الكبرى

فالصّراع بين التكنولوجيا الأميركية والصينية يتحوّل تدريجياً الى شكل شبيه بالتصارُع الذي كان قائماً على تقسيم العالم بين المنظومتَيْن الغربيّة والشرقية قبل عقود، وبين العقيدتَيْن القتاليَّتَيْن التي كانت تفرّق في ما بين دول حلف "الناتو" من جهة، ودول حلف "وارسو" من جهة أخرى، حتى وإن كان ذلك يتمّ بأدوات ناعمة اليوم، حتى الساعة طبعاً، إذ إن عصر الخشونة سيبدأ إذا وقعت الحرب العسكرية في تايوان تحديداً.

وانطلاقاً ممّا سبق، ما هو مستقبل مذكرات التعاون التي وقّعتها بعض الدول مع الأميركيين في مجالات تقنيات "الجيل الخامس" و"الجيل السادس"، و(مستقبل) تلك التي وقّعتها تلك الدول نفسها مع شركة "هواوي" الصينية، حول تعاون في مجالات حسّاسة، وعالية التقنية؟

وهل يُمكن دمج التكنولوجيا الأميركية والصينية على أرض واحدة، أي في دولة واحدة، من دون الوصول الى "يوم المشكلة الكبرى"؟

 

أكثر شراسة

وماذا عن مستقبل الصراع التكنولوجي، بعد الإعلان عن أن الصين تعمل على إعداد حزمة دعم بأكثر من 143 مليار دولار، لصناعة أشباه الموصلات لديها، وذلك للمضيّ قُدُماً في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الرقائق لديها، ومواجهة المساعي الأميركية لإبطاء تقدّمها التكنولوجي؟

وهذه خطوة ستجعل التصارُع بين واشنطن وبكين أكثر شراسة، حول صناعة حسّاسة، تأخذ الطابع الجيوسياسي والإيديولوجي، بشكل حادّ للغاية.

 

البيانات الشخصيّة

أوضح الأستاذ الجامعي، والخبير في مجال الاتصالات طوني حايك، أن "الطرف الأميركي يعتمد على مبدأ معيّن، وهو الحفاظ على المعلومات الخاصة والبيانات الشخصيّة. بينما المشكلة الأساسية بالتكنولوجيا التي تقدّمها شركة "هواوي"، تكمن بالنّظام المُعتمَد من جانب الشركة، والذي هو مفتوح على أجهزة موجودة في الصين. وبما أن لا مشكلة إيديولوجيّة لدى بكين باستباحة المعلومات والبيانات الشخصية والخاصة، تمضي الولايات المتحدة الأميركية بالقول إن ما تقدّمه "هواوي" وغيرها من الشركات الصينية يضرّ بالأمن القومي الأميركي".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "كل ما يتعدّى هذه النّقطة ليس أكثر من تبريرات لمشاكل نشبت بينهما لأسباب سياسية واقتصادية في الأساس، ولا علاقة للتكنولوجيا بها. فعلى سبيل المثال، أهمّ هاتف خلوي في العالم هو "آيفون"، والشريحة الرئيسية له مع معظم المواد التي يتشكّل منها تُصنَّع في الصين. ولا مشكلة لدى شركة "آبل" بذلك، انطلاقاً من أنها أول شركة عالمية أسّست سياستها على أساس الحفاظ على البيانات الشخصية وعَدَم خرقها. وهذا أمر لا يتغيّر، وهو مضمون من جانب "آبل"، حتى ولو كانت بضاعتها مصنوعة في الصين. وبالتالي، التنافس الاقتصادي القائم بين الأميركيين والصينيين هو الجوهر، وهو الذي انتقل الى ميدان التكنولوجيا. فإذا استمرّ التقدّم الاقتصادي الصيني بالشكل الحاصل حالياً، وإذا استمرّت بكين بخرق الأسواق العالمية اقتصادياً، وبعالم الاتصالات، فإن الكثير من الشركات الأميركية ستُقفل، أو ستنخفض أسواقها، وتزداد خسائرها".

 

حرب باردة

وأشار حايك الى أن "عالم الاتصالات يقوم على قواعد ومعايير ومقاييس في ما يتعلّق بالـ 4G، والـ 5G، والـ 6G مستقبلاً، أي ان معظم المكوّنات التي تنظّم الشبكة تكون معروفة، ويُمكن لأي كان أن يستعملها ويستفيد منها. وبالتالي، سواء كان الهاتف الخلوي "آيفون" أو "سامسونغ"، أو غيرها من الشركات... فإنه يستخدم الـ 4G، ولا فرق في تلك الحالة حول من هو المشغّل الذي خلفه (4G). فهذا المعيار هو الأساس، وطالما أنه موجود فلا مشكلة تقنية. هذا فضلاً عن أن الصين و"هواوي" عمدا الى إيجاد حلول لمسألة البيانات الشخصية، وهو ما يسمح لأي بلد يُبرم اتّفاقيات معها ("هواوي") بحفظ بياناته الخاصّة".

وردّاً على سؤال حول مستقبل الحرب التكنولوجيّة التي لا تزال باردة بين واشنطن وبكين، أجاب:"منذ سنوات قليلة، بات الصينيّون مستقلّين عن التكنولوجيا الأميركية أكثر من الماضي، سواء في مجال الشرائح الذكية داخل بعض الهواتف والكومبيوترات، أو غيرها من المجالات التكنولوجيّة. وبالتالي، هم يتحرّرون من الأميركيين تكنولوجياً، لينتقلوا الى مرحلة الصّدام التكنولوجي معهم".

وختم:"صحيح أن السباق التكنولوجي يحتدم بين الطرفَيْن، وأن هناك تقدّماً للصين على الولايات المتحدة ببعض المجالات، مقابل تقدّم واشنطن على بكين في مجالات تكنولوجيّة أخرى. ولكن صار لدى التكنولوجيا الصينية أفضليّة ومميّزات بسيطة ومهمّة، على حساب الأميركية، لأول مرّة، منذ سنوات قليلة".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار