الاتحاد السوفياتي انهار رسمياً في يوم ميلاد المسيح فمتى يُرنّم الروس "المسيح وُلِد فمجّدوه"؟؟؟... | أخبار اليوم

الاتحاد السوفياتي انهار رسمياً في يوم ميلاد المسيح فمتى يُرنّم الروس "المسيح وُلِد فمجّدوه"؟؟؟...

انطون الفتى | الثلاثاء 27 ديسمبر 2022

العودة الى "الثالوث الأقدس" وروح المسيح بدلاً من "الثالوث النووي" وصواريخ "الشيطان"

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

في غَمْرَة الحرب الروسيّة على أوكرانيا، واستعادة العالم للنَّفَس "الهتلري" نفسه، الكامن بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يهدّد الحياة على الكرة الأرضيّة بكاملها، لا في أوكرانيا وحدها، في كلّ مرّة يُظهر فيها جنونه "النووي"، نتذكّر سقوط الإتحاد السوفياتي في تلك الأيام المباركة والمقدّسة بالذّات، وتحديداً في يوم ميلاد المسيح.

 

يوم الميلاد

ففي 25 كانون الأول من عام 1991، قام آخر رئيس سوفياتي وهو ميخائيل غورباتشوف (توفّي في آب الفائت)، بإعلان استقالته في خطاب وجّهه الى الشعب عبر التلفزيون الرسمي السوفياتي. وأشار في الخطاب الى إلغاء مكتب رئيس اتّحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية، والى تسليم كافة سلطاته الدستورية بما فيها السلطة على الأسلحة النووية الروسية، الى الرئيس الروسي بوريس يلتسن (توفّي في عام 2007).

وبعد الانتهاء من إلقاء خطابه، غادر غورباتشوف مبنى الكرملين ليلاً، فأُنزِلَ علم الاتحاد السوفياتي الأحمر عنه (الكرملين)، ليُرفَع علم روسيا ثلاثي الألوان بدلاً منه.

 

حتى الدم

هذا حدث سياسي، وجيوسياسي، وجيواستراتيجي شديد الأهميّة، نال ختمه النّهائي في يوم ميلاد المسيح من عام 1991. وهو نقل الكرة الأرضيّة من زمن الى آخر، وأنهى "الحرب الباردة"، وأضعف إيديولوجيا اتّخذت مجموعة من الأشكال والألوان حول العالم، وتماهَت مع إيديولوجيات أخرى، بطُرُق مختلفة، ولأسباب مختلفة.

ولكنّه بموازاة ذلك، أكبر من حدث عالمي. فهو بداية جديدة أضعفت الشيوعية في العالم. بداية ساهم بجزء شديد الأهميّة فيها البابا القديس يوحنا بولس الثاني، الذي عمل كثيراً وطويلاً لإبادة أمبراطورية الإلحاد في روسيا، والذي حصل على ما جاهد من أجله حتى الدم، في يوم ميلاد المسيح من عام 1991.

 

التقويم

روسيا وُلِدَت من جديد آنذاك، في يوم الميلاد. وميلاد المسيح هو كقيامة المسيح، وتجلّي المسيح... وكل محطة من محطات حياة المسيح على الأرض، التي نستعيدها سنوياً في شكل أعياد، فيما هي أسرار تتكرّر سنوياً، بمفاعيلها التامّة.

فميلاد المسيح ليس أسير 25 كانون الأول، أي التقويم الغريغوري (الغربي بالمفهوم الشعبي)، ولا (أسير) 7 كانون الثاني، أي التقويم اليولياني (الشرقي بالمفهوم الشعبي). وبالتالي، لا مجال أمام أي أرثوذكسي روسيّ لأن يعتبر نفسه غير معنيّ بولادة روسيا الجديدة مع المسيح، في 25 كانون الأول من كل عام، حتى ولو كان هذا الروسي يعيّد ميلاد المسيح في 7 كانون الثاني.

 

أسلحة

روسيا وُلِدَت من جديد في يوم ميلاد المسيح. وهذا هو المهمّ، والأهمّ. فسقطت أمبراطورية الإلحاد وأضاليلها، بيد الله، وبثمار إيمان البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني.

ولكن ها ان روسيا "المُتهتلِرَة"، أي روسيا - بوتين تعود الى الأضاليل السوفياتية، وتسقط من النّعمة، ومن معمودية ما بعد زوال الإتحاد السوفياتي، حتى الذّروة. فروسيا التي نراها اليوم، هي غير تلك التي عرف العالم مرحلة من السلام بعد سقوط الحُكم الشيوعي فيها. وهذا سقوط من النّعمة.

ولكن روسيا تلك، التي تسير قُدُماً في حربها على أوكرانيا، والتي يَعِد رئيسها (بوتين) كييف والعالم بمزيد من الأسلحة، أي بمزيد من إراقة الدّماء، وبتوفير كل ما تحتاجه القوات الروسية من آلة الحرب، هي روسيا التي تأتي بهيئة ملاك من نور، فيما هي تُخفي ما تُخفيه من ظُلُمات.

 

"انحلال أخلاقي"

فقوّاد موسكو لا يتوقّفون عن تأكيد أن الحرب فُرِضَت عليهم، وأنهم يُحاربون لحماية روسيا والعالم من "الانحلال الأخلاقي" الغربي، وللدّفاع عن الأرثوذكسية في روسيا، وذلك بدعم من بطريرك روسيا كيريل.

ولكن هذه الـ "روسيا" تتجاهل أنها تقتل الأرثوذكس (وغيرهم) في أوكرانيا، وأنها غيّرت حياة العديد منهم الى الأبد، بين قبر، ونزوح، وهجرة... و(تتجاهل) أن "الانحلال الأخلاقي" الغربي موجود هو نفسه في روسيا أيضاً، وداخل الكرملين نفسه، وداخل أكثر الدول الدّاعمة لحرب موسكو على كييف بالمباشر، أو بطريقة مستترة، وهو (الانحلال الأخلاقي الغربي) لا يُحارَب بالصواريخ الباليستية، ولا بالقاذفات الاستراتيجيّة، ولا بقصف منشآت الطاقة، ولا بترك ملايين الأوكرانيّين من دون كهرباء ومياه ساخنة.

 

ولادة روحيّة

في أي حال، يبدو أنه كلّما حاول حكام الكرملين الهرب بـ "روسيا" و"بالعالم الروسي" من المسيح، يجدون أن كل شيء يُفلِت من أيديهم، وأنّهم يُضلّون طريق الهرب، في يوم ميلاد المسيح.

فروسيا التي أعلنت الحرب على أوكرانيا، بحثاً عن أرثوذكسيّة سياسية "كرملينيّة" فيها، هي روسيا نفسها التي تنظر اليوم الى أوكرانيا التي عيّدت نسبة لا بأس من أرثوذكسيّيها ميلاد المسيح في 25 كانون الأول، بدلاً من 7 كانون الثاني، لأوّل مرّة. وهذه ولادة جديدة لـ "العالم الروسي"، وفي عُمق أعماقه. وهي ولادة روحيّة قبل أن تكون سياسية. ولادة غير سهلة، وغير عادية، تُلقي اللّحم والدم عن أكتاف ماضيها، بحثاً عن حياة جديدة بعيداً من "الأرثوذكسيّة الدموية" المتجسّدة في الكرملين، وفي بطريركية موسكو مع الأسف، وذلك بحجّة الحفاظ على التاريخ والهوية. ومفاعيل تلك الولادة لأوكرانيا الجديدة ستظهر مع مرور الأيام، والأشهر، والسنوات، وبمعزل عن النتيجة النّهائية للحرب الروسيّة على أوكرانيا، وحتى لو مُسِحَت تلك الأخيرة عن الخريطة في النهاية.

 

من جديد

أوكرانيا وروسيا تولدان من جديد، في يوم ميلاد المسيح، وبعد 31 عاماً من ولادة "العالم الروسي" الجديدة في 25 كانون الأول عام 1991. وبين الأمس واليوم، ما على روسيا سوى الترنيم بصوت بيزنطي مرتفع:"المسيح وُلِد، فمجّدوه... المسيح أتى من السماوات، فاستقبلوه"، وذلك بدلاً من حفلات استعراض أعنف الصواريخ الروسيّة بمباركة من بطريركيّة موسكو، التي نأسف لكونها تبارك "الثالوث النووي" الروسي، وصواريخ "الشيطان" الروسيّة، بدلاً من الإسراع الى إعلان توبة روسيا، وعودتها الى "الثالوث الأقدس"، والى روح المسيح، ولو كلّف ذلك تدفّق الدماء استشهاداً، كمياه الأنهار.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار