الدولار إلى انخفاض جزئي... والعبرة بإجراءات تحدّ من تهريبه | أخبار اليوم

الدولار إلى انخفاض جزئي... والعبرة بإجراءات تحدّ من تهريبه

| الأربعاء 28 ديسمبر 2022

مصرف لبنان يشتري الوقت مجدداً من احتياطاته

 "النهار"- سلوى بعلبكي

في أعنف ردّ يتوقع أن يكون رادعا نسبيا لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، "فَعَلَها" مصرف لبنان بعد طول تساؤل وانتظار، وأعلن عن عودة تدخّله في ضبط سعر الصرف، ممرراً رسالة قوة الى السوق وتجار العملة، من خلال أمرين: الأول، إعلانه عن بيع الدولارات عبر منصة "صيرفة" مقابل ليرات نقدية، من دون حدود أو سقوف، وأيضا من غير شروط لجميع الراغبين، وثانيا، رفعه سعر دولار "صيرفة" الى 38 ألف ليرة، بارتفاع نحو 7 آلاف ليرة دفعة واحدة.

هذا القرار وإن كان يثبت جدية قرار "المركزي"، وثقته بقدرة احتياطاته على لجم الاندفاعة الأخيرة للدولار صعودا والمؤشرات السلبية والخطِرة التي بانت على الوضعين الاقتصادي والإجتماعي، ولكن يبقى السؤال الأكبر: هل باستطاعة مصرف لبنان بقراره هذا اشباع نهم تجار العملة ومهربيها الى الجوار؟ وهل لدى أجهزته الرقابية اضافة الى القوى الامنية القدرة على ضبط تسرب دولاراته التي قيل إنها تفوق المليار دولار جاهزة في خزائنه، ويبتغي من خلالها السيطرة على لعبة "المضاربة" وبناء قاعدة استقرار لأسعار الصرف في خطوة لا يمكن لعاقل وعالم بأسرار المهنة إلا ان يقول إن مصرف لبنان لا يزال يشتري الوقت بما ملكت يداه ريثما يحلّها "حلّال" الانتخابات الرئاسية إنْ حصلت؟

فبعدما تحرك سعر صرف الدولار خلال فترة عيدَي الميلاد ورأس السنة، بوتيرة سريعة وبلغ معدلات تخطت مستوى الـ47 ألف ليرة على نحو أثار القلق في السوق ودفع بعض الصرافين إلى تقليص عمليات بيع الدولار، خشية المزيد من الارتفاع، وبعدما وصل سعر صرف الدولار الى مستوى غير مسبوق بفعل "عمليات المضاربة" وتهريب الدولار خارج الحدود وفق ما جاء في بيان مصرف لبنان، قرر الأخير رفع سعر صرف الدولار على منصة "صيرفة" إلى 38 الف ليرة. وتوازياّ، قرر "المركزي" في بيان "شراء كل الليرات اللبنانية وبيع الدولار على سعر صيرفة، بحيث يمكن للأفراد والمؤسسات، ومن دون حدود بالأرقام، أن يتقدموا من جميع المصارف اللبنانية لتمرير هذه العمليات، على أن يستمر هذا القرار حتى إشعار آخر". وكنتيجة فورية للقرار، بدأت أسعار الدولار في السوق بالتراجع بما لا يقل عن 4000 ليرة، بعدما كان قد تجاوز عتبة الـ47 ألفا أول من أمس الإثنين (عاد وارتفع الى نحو 44 ألف ليرة مساء).

وتؤكد مصادر مطلعة أن لدى مصرف لبنان القدرة على التدخل في السوق بين 500 مليون دولار ومليار دولار، وإذ توقعت أن ينخفض سعر صرف الدولار أقله الى نحو 40 ألف ليرة، ليتقلص الفارق مع سعر "صيرفة"، شددت على ضرورة تنفيذ قرار الحاكم بطريقة تمنع اي استغلال، فيما علم ان مصرف لبنان سيعمم على المصارف اجراءات تنظيمية منعاً لاستغلال القرار، خصوصا أنه سيكون متاحا للجميع ومن دون حدود بعدما كان مصرف لبنان يسمح للأفراد فقط بشراء 400 دولار شهريا كحد أقصى من المصارف. وكان "المركزي" قد ألحق بيانه الاول ببيان آخر أكد فيه تسعير Sayrafa على 38 ألف ليرة، وانه سيقوم ببيع الدولارات على هذا السعر مقابل الليرات اللبنانية للأفراد والمؤسسات من دون سقف لقيمة العمليات. وأوضح أن ليس من شروط متعلقة بتنفيذ هذه العمليات، والتي ستنفذ تلقائيا حينما تتقدم المصارف اللبنانية من مصرف لبنان بالليرات اللبنانية وسيسلمها فورا في مقابل الدولارات. كما ان هذا القرار ساري المفعول حتى إشعار آخر، على أن يمدد مصرف لبنان ساعات العمل بما يتعلق بالعمليات المذكورة حتى الساعة الخامسة مساء من كل يوم عمل وذلك حتى 31 كانون الثاني 2023.

في بيانه كان مصرف لبنان واضحا بتأكيده أن سعر صرف الدولار إرتفع خلال فترة الأعياد والتي امتدت ثلاثة أيام 2000 ليرة في السوق الموازية نتيجة عمليات مضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود. وهنا أشارت المصادر الى أن ثمة تعليمات واضحة للقوى الامنية بالتشدد مع الصرافين، خصوصا في حال تمت عمليات "صيرفة" بمبالغ كبيرة، لا يمكن للأفراد أن يجروها.

واذا كان البعض رأى في القرار ضربة للمودعين الذين لا يزالون يتقاضون دولاراتهم على سعر 8 آلاف ليرة، ذكّرت المصادر بإعلان حاكم مصرف لبنان أن "المركزي" سيبدأ باستخدام سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار اعتبارا من أول شباط، مشددة في الوقت عينه على أن ايجابيات القرار تطغى على سلبياته، إن وُجدت. فالتاجر الذي كان يسعّر السلع وفق سعر السوق الموازية، على اعتبار أنه اشترى دولاراته من هذه السوق، اصبح حاليا قادرا على تأمينها على سعر منصة "صيرفة" 38 ألفا، وتاليا يجب أن تنخفض الاسعار أقله 25%، وكذلك أسعار البنزين والمحروقات والمولدات يجب أن تنخفض بعد القرار. أما بالنسبة الى سعر الكهرباء وفاتورة الخليوي فيمكن أن يتأثرا، لكنهما لا يقاسان بالفاتورة الأكبر للبنانيين، وفق المصادر عينها.
وإذا كان القرار يمكن أن يساهم بثبات سعر الاسواق للمرحلة المقبلة، خصوصا أن مصرف لبنان قادر على أن يتدخل بنحو مليار دولار، بما يعني أنه سيسحب من السوق أكثر من نصف الكتلة النقدية التي تقدر حاليا بنحو 75 ألف مليار ليرة، فإن فتح منصة "صيرفة" للجميع ومن دون تحديد سقف لعمليات شراء الدولار منها، سيساهم وفق المصادر في تخفيف الطلب على الدولار في السوق السوداء، وهو ما انعكس تراجعا فوريا لسعر الصرف في هذه السوق بعد صدور القرار. وفي حين اعتبر معنيون أن القرار لن يساهم في لجم سعر الصرف لفترة طويلة، بدليل أن مصرف لبنان سبق له أن أصدر خلال العامين الماضيين، قرارات وتعاميم ساهمت في انخفاض سعر الصرف، جزمت المصادر أن القرار سيساهم في خفض سعر الصرف، اذا ما ترافق مع اجراءات رسمية لضبط الحدود بشكل جدي.

وعلى رغم الايجابيات التي أكدتها المصادر، إلا ان الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لا يعول على قرار رفع سعر منصة "صيرفة"، إذ برأيه "لا يعدو كونه قرارا مرحليا يمكن أن يضبط السوق لفترة قصيرة على أن يعاود ارتفاعه مجددا".

وقلل حمود أهمية الحديث عن عمليات تهريب دولارات الى سوريا أو حتى اجراء عمليات "صيرفة" كبيرة، مؤكدا أن عمليات الصيرفة قائمة منذ زمن لكل المقيمين على الاراضي اللبنانية، وموضحا أن "احدا لا يمكنه أن يخزن الليرة السورية أو اي عملة أخرى اذا لم يكن عليها طلب".

وإذ لفت الى أنها ليست المرة الاولى التي يلجأ فيها مصرف لبنان الى هذه الآلية لضبط سعر الصرف، رأى حمود أن ليس له لدى "المركزي" خيار آخر الا التدخل، "إذ لا يمكنه التفرج على انفجار سعر الصرف من دون أن يتدخل ولو مرحليا، علما أنه ليس لديه الامكانية للتدخل بمبلغ كبير".

وختم أن ليس للقرار اي انعكاسات ايجابية على اللبناني الذي عانى في سنة 2022، فيما الاخطر عليه ستكون سنة 2023.

الى ذلك، أكدت مصادر أخرى أن "مقاربة ادارة الازمة لا تكون بالقطعة، وتاليا فإن هذه القرارات لن يكون لديها ايجابيات تذكر، فالايجابيات تكون بالاصلاحات البنيوية سواء على الصعيد السياسي أو المالي والنقدي والمصرفي والقطاع العام عموما".

وبعدما كانت دولارات منصة "صيرفة" توظَّف في العيش الكريم لأصحاب الدخل المحدود وفي تمويل فواتير الإستهلاك، رأت المصادر أنه بعد بيان مصرف لبنان ستشهد السوق اللبنانية شحا بالدولار في الأشهر المقبلة "لأن جزءا من دولارات صيرفة سوف يذهب للتخزين لتوظيفه في المضاربة في وقت لاحق وفي الوقت المناسب، وجزءا آخر سوف يعبر الحدود إلى اقتصاد آخر".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار