مُحاربة الشّذوذ الجنسي معركة توحّد الروس مع الكاثوليك في الغرب ولكن... "القصّة كبيرة"! | أخبار اليوم

مُحاربة الشّذوذ الجنسي معركة توحّد الروس مع الكاثوليك في الغرب ولكن... "القصّة كبيرة"!

انطون الفتى | الخميس 29 ديسمبر 2022

 

مصدر: روسيا لا تحتاج الى حماية عسكرية صينيّة بل الى عمق اقتصادي لها في الصين

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

صحيح أن الحرب الروسيّة على أوكرانيا نقلت العالم من حقبة الى أخرى خلال عام 2022، وأيقظت بعض الصراعات والخلافات الدولية والإقليمية التي كانت نائمة في مرحلة ما بعد تفكُّك الإتحاد السوفياتي.

وصحيح أن الحرب الروسيّة على أوكرانيا غيّرت في عدد من قواعد العمل بمجالات الاقتصاد، والمال، والطاقة، والتجارة...، إلا أن التغيير الكبير الذي أحدثته كان داخل "العالم الروسي" نفسه، بحسب بعض المراقبين، وهو سيرسم مستقبل آسيا وأوروبا لعقود لاحقة، قد لا تكون قليلة.

 

عمقها

فروسيا، ومن خلال حربها تلك، فقدت المزيد من عمقها الإيديولوجي والاستراتيجي الموجود ليس في أوروبا فقط، بل في أوروبا الشرقية ودول البلطيق تحديداً.

هذا فضلاً عن أن تعييد نسبة لا بأس بها من الأوكرانيّين الأرثوذكس ميلاد السيّد المسيح في 25 كانون الأول (أي بحسب التقويم الغريغوري، المعروف شعبياً بالتقويم الغربي) بدلاً من 7 كانون الثاني (بحسب التقويم اليولياني، المعروف شعبيّاً بالتقويم الشرقي)، وبمباركة من الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية بكاملها، ليس مسألة عادية. وليست مبالغة إذا قُلنا إنه الحدث الأهمّ الذي يعصف بـ "العالم الروسي" في مرحلة ما بعد تفكّك الإتحاد السوفياتي.

 

العالم الإسلامي

بالإضافة الى أن الحرب الروسية على أوكرانيا لم "تطرد" روسيا من قلوب الكثير من الأرثوذكسيّين في أوروبا الشرقية والبلقان، فقط، بل "رمتها" (روسيا) في أحضان العالم الإسلامي أيضاً، بدءاً من ذاك المُحيط بالجغرافيا الروسيّة، مروراً بدول الخليج، وإيران التي باتت "شريك النصّ" في نتائج تلك الحرب، وصولاً الى ما بعدهما.

وهو ما يقوّي الأصوات الإسلامية التي تتحدّث عن "إسلاميّة" روسيا، أكثر من الماضي، وفي شكل يطرح الكثير من التحدّيات المستقبليّة لـ "العالم الروسي".

 

تغيير هويّة

تحتفل مدن العالم بالزّمن الميلادي بأبهى الأضواء، فيما يُعايد الروس الشعب الأوكراني بـ "أنوار" عشرات ومئات الصواريخ الروسيّة التي تسقط على المدن الأوكرانية، فيما باتوا (الروس) عبيداً للمقاتلين الشيشانيّين، وللمُقاتلين المرتزقة من عدد من الدول الإسلامية، وللتعاون العسكري مع إيران، ولبَيْع مصادر الطاقة الروسيّة الى الصين والهند، ولتعميق علاقاتهم مع تركيا ودول الخليج، كواحات التفافيّة أساسية على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، مع ما سيكون لذلك من مفاعيل على تغيير هوية "العالم الروسي" مستقبلاً.

فما سبق ذكره يُظهر الحاجة الى إنهاء الحرب الروسيّة على أوكرانيا، تحقيقاً لمصلحة روسيّة، وقبل أي بحث آخر في شأن من هو الرابح أو الخاسر، لأن استمرار القتال يأكل من "الجلد الروسي" أكثر، وبما سيصعب تعويضه مستقبلاً.

 

استنزاف

أشار مصدر خبير في الشؤون الدولية الى أن "الحرب الروسية على أوكرانيا ضربت أوروبا بكاملها، بمعنى أنها نقلت الصراع الذي كان قائماً خارج القارّة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، الى الداخل الأوروبي بشكل كبير، وهو ما اضطّر أوروبا كلّها الى الاصطفاف العسكري خلف الولايات المتحدة الأميركية. وهذا ما شرّع الأبواب لإعادة تماسُك حلف "الناتو" من جديد، بعدما كاد يتهاوى قبل سنوات".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الحرب في أوكرانيا تستنزف روسيا وأوروبا بشكل كبير. وهو استنزاف سيغيّر حكماً في طبيعة العلاقات الدولية، وفي القدرات الاقتصادية الأوروبيّة. ومن نتائج تلك الحرب، عَدَم تأثُّر الصين بالأزمات العالميّة الناتجة عنها كثيراً، وعودة القوّة الأميركية الى القارة الأوروبيّة".

 

مصلحة

وأوضح المصدر أن "روسيا تبقى روسيا، وأوروبا أيضاً، من مُنطَلَق أن الصراع الحالي لن يغيّر في الأبعاد الثقافية والفكرية والإيديولوجيّة التي لدى كلّ منهما. فعلى سبيل المثال، حرب روسيا على الشّذوذ الجنسي ليس صراعاً سياسياً بين "الناتو" وموسكو في الأساس، بقدر ما هو معركة قِيَم وأخلاق، تلتقي فيها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية مع الكنيسة الكاثوليكية. فحتى الكاثوليك في الغرب، الذين يعيشون وفق تعاليم الكنيسة الكاثوليكية، يرفضون المثليّة الجنسية وزواج المثليّين والسماح لهم بتبنّي الأولاد. وفي هذا الإطار، يبقى العُمق الإيديولوجي الروسي محفوظاً وقوياً في أوروبا والغرب".

وأضاف:"روسيا وأوروبا تضعفان معاً بسبب الحرب الروسيّة على أوكرانيا، من النواحي السياسية، والعسكرية، والاقتصادية. ومن نتائج ذلك، نجاح الولايات المتحدة الأميركية بلَمْلَمَة أوروبا تحت أجنحتها، وبإثبات حاجتها الى القواعد والأسلحة الأميركية، فيما لا تحتاج روسيا الى حماية عسكرية صينيّة كما يبدو، بل الى عمق اقتصادي لها في الصين".

وختم:"الأُطُر التي تجمع روسيا بتركيا، وبإيران ودول الخليج، وبالعالم الإسلامي عموماً، تقوم على المصلحة لا أكثر. ولا تأثير إيديولوجياً فعلياً لها في الداخل الروسي حتى الساعة".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار