البحبوحة والدولارات في 2023 أبْعَد من فخامة ودولة الرئيس في لبنان؟! | أخبار اليوم

البحبوحة والدولارات في 2023 أبْعَد من فخامة ودولة الرئيس في لبنان؟!

انطون الفتى | الجمعة 30 ديسمبر 2022

عجاقة: الغموض الحالي سببه التعقيد في الجوّ الجيوسياسي العالمي

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

قد لا تكون مبالغة إذا قُلنا إن المواطن العالمي لن يستعيد "عافيته" المالية، والشرائية، والمعيشية، والحياتية تماماً، إلا إذا حُلَّت المشاكل الجيوسياسية والجيواستراتيجيّة القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية والغرب ومنظومة دول "العالم الحرّ" من جهة، وبين روسيا والصين، من جهة أخرى، والتي انفجرت أزمة عسكرية في أوكرانيا، في شباط الفائت.

 

النّفط

فالتضخّم العالمي الحاصل على المستوى الاقتصادي هو ذات مُنطلقات جيوسياسية، وقد لا نشهد حلّاً فعلياً له قبل جلوس كافة الأطراف الكبرى حول طاولة اتّفاق دولي، تشمل وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وتقاسُم الثّروات والموارد والخطوط المسموح بها، بدءاً من الأرض وصولاً الى الفضاء.

وأما النّفط الذي "أهلك" الدول كافّة، لا سيّما الأكثر ضعفاً وفقراً منها خلال عام 2022، فتتصارع حول التوقّعات المرتبطة بمستقبله مجموعة من الاحتمالات، من بينها أن مجموعة دول "أوبك بلاس" قد تكون استنفدت معظم أوراقها على مستوى إحداث صدمات أساسية في السوق، خلال العام الفائت، ومن دون أن تترك الكثير لعام 2023، لا سيّما أن الإدارة الأميركية أظهرت نجاحاً في امتصاص الأزمات، وفي التأثير لعَدَم السماح بفلتان كبير في أسعار النّفط، وهو ما يقلّص أرباح دول تلك المجموعة ("أوبك بلاس")، وذلك على وقع الفشل الروسي الواضح بحَسْم الحرب الروسية على أوكرانيا، التي تستنزف الموارد الروسية كافّة، سواء تلك النّاجمة عن النفط، أو عن سواه.

 

المخزون الاستراتيجي

يشير بعض المراقبين الى أن الوحدة ولو "الشكليّة"، التي أظهرتها مجموعة "أوبك بلاس" في 2022، قد لا تستمرّ في 2023، نظراً الى أن دولاً من تلك المجموعة كانت أظهرت رغبتها بزيادة إنتاجها من النّفط منذ عام 2021، وهي نجحت في تأمين استثمارات لقطاعها النفطي على هذا الأساس، وستكون مُلزَمَة على هذا الصّعيد أكثر كلّما مرّت الأسابيع، والأشهر.

هذا فضلاً عن أن إمكانية سعي بعض دول "أوبك بلاس" لمزيد من تخفيض الإنتاج مستقبلاً، رغبةً برفع الأسعار، سيهدّد علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية بشكل قد يصعب العودة عنه، لأنه سيمسّ بمصالح واشنطن، خصوصاً إذا حصل هذا التلاعب بالإنتاج والأسعار في فترات العمل الأميركي على تجديد المخزون النفطي الاستراتيجي للولايات المتحدة.

 

مشاكل

أوضح الأستاذ الجامعي والباحث في علم الاقتصاد، البروفسور جاسم عجاقة، أن "هناك دولاً مُستهلكة للنفط بشكل هائل، كالصين، والولايات المتحدة، والهند، والدول الأوروبيّة. فعلى سبيل المثال، تتشابه الصين وأوروبا من ناحية أن كل ما يستهلكانه من النفط هو مستورد. هذا مع العلم أنه لا يزال لدى الصين بعض الفحم الحجري الذي تستعمله من أجل تسيير عمل معامل الكهرباء لديها".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "أوروبا عالقة بين المطرقة والسندان، على صعيد أنها تابعة لمصادر طاقة موجودة خارج حدودها، وهو ما يجعلها معرّضَة للتقلُّبات الجيوسياسية، فيما لا يمكنها أن تحيّد نفسها عن الأزمات العالمية، وعن الخروج بمواقف أوروبيّة في شأنها. أما الصين، فلديها مشكلة تفشي "كوفيد - 19" فيها من جديد حالياً، الذي سيخفّض الطّلب على استهلاك النفط. ولكن لا بدّ من الانتظار قليلاً على هذا الصعيد، لمعرفة ردّة فعل باقي الدول المُنتجة للنفط، وتحديداً دول "أوبك" و"أوبك بلاس". وهنا ستدخل العوامل الجيوسياسية، لأن روسيا لن تقبل بانخفاض أسعار النّفط كثيراً، لا سيّما بعدما فَقَدَ النفط الروسي الوزن الذي كان يتمتّع به سابقاً على صعيد التأثير في تحديد أسعار النفط العالمية، خصوصاً بعدما تمّ وضع سقف لأسعاره مؤخّراً".

 

التضخُّم

وأكد عجاقة أن "الغموض من ناحية ما يُتوقَّع على مستوى أسعار النفط أو التضخُّم، سببه التعقيد في الجوّ الجيوسياسي العالمي حالياً، نتيجة الحرب في أوكرانيا، وإمكانية أن تتوسّع لتشمل بَدْء الصراع بين الصين وتايوان، وذلك رغم أن لا جهة تُظهر أي رغبة تامّة بالحرب هناك".

وأضاف:"أدّى التضخُّم في عام 2022 الى رفع الفوائد بشكل كبير من أجل محاربته، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو غيرها من الدول. وهذا سيلجمه (التضخّم) في عام 2023، ولكن من دون نتائج كاملة، وذلك لأن أسعار النفط لا تزال مرشّحة للارتفاع خلال العام القادم".

 

أوراق

وردّاً على سؤال حول مستقبل العلاقات الأميركية - الخليجية، على ضوء السلوكيات المُحتمَلَة لدول "مجموعة "أوبك بلاس" النفطية، مستقبلاً، أجاب عجاقة:"يبقى ضرورة الانتباه الى مستقبل محادثات الملف النووي الإيراني، والى أي مدى يمكن أن يكون النّفط بمثابة ورقة تستخدمها دول الخليج في وجه استراتيجيّة واشنطن وأوروبا في ما يتعلّق بالملف الإيراني، نظراً الى تخوّفها (دول الخليج) من امتلاك طهران القنبلة النووية".

وتابع:"حظوظ الولايات المتحدة الأميركية وكندا مرتفعة أكثر من أوروبا على الصّعيد النّفطي، انطلاقاً من قدرتهما على تحقيق اكتفاء ملموس من النّفط الصخري، ومن ذاك الأحفوري على حدّ سواء. ولكن أي عدم استقرار في السوق النفطية سيؤثّر سلبياً على الأوروبيّين حلفاء واشنطن، وهو ما سيُزعج واشنطن طبعاً. قد يشهد العالم ضغوطاً بسبب إنتاج وأسعار النّفط، ولكن من المرجّح أن دولاً مثل قطر لن تعوّم أي اتّجاهات قد تزيد الضّغط في العلاقات مع الأميركيين. والاتفاقيّات التي وقّعتها الدوحة في مجال الغاز خصوصاً، منذ أشهر، تُظهر ذلك. وبالتالي، الاحتمال الأكبر هو أن مصير الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج سيكون مشتركاً، ولا فرصة حقيقية وأكيدة لتصعيد حاسم بينهما بسبب النّفط".

وختم:"نتذكّر في هذا الإطار أيضاً تخفيف واشنطن عقوباتها وضغوطها عن فنزويلا خلال 2022، وهو ما يسمح للنّفط الفنزويلي بالنّزول الى السوق بشكل أكبر. وهذا يساعد وسيساعد أكثر خلال العام القادم. فالولايات المتحدة الأميركية لم تخسر كل أوراقها في هذه اللّعبة".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار