كم سيخجل المسيحيّون لو تسنّى لكواكب السماء ونجومها أن تتكلّم!... | أخبار اليوم

كم سيخجل المسيحيّون لو تسنّى لكواكب السماء ونجومها أن تتكلّم!...

انطون الفتى | الثلاثاء 03 يناير 2023

نجم المشرق لم يَكُن نتيجة لالتقاء كوكب مع آخر بل كان من صُنع ملائكة السماء

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

ماذا يبقى من الزّمن الميلادي المقدّس من حيث الجوهر، وبعيداً من الضّجيج الزمني الكثير الذي يرافقه؟

ففي كل عام نتحدّث عن "الشّواذات" الكثيرة التي ترافق إحياء هذا الزّمن، والتي يسقط فيها المسيحيّون، ويزرعون من خلالها فكرة غير صحيحة عن المسيحيّة، في ذهن باقي شعوب الأرض. ونجد أن تلك "الشّواذات" تتكرّر وتزيد في كل عام.

 

إطلالات

في بعض الأمثلة، نخجل من الحديث عمّا يُسمى "إطلالات ميلادية" لبعض المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا دخل لها بميلاد المسيح. كما نخجل من القول إن بعض الأغاني الميلادية لا دخل لها بالمسيح أيضاً.

فما هو مستوى هذا الفنان (أو الفنانة) أو ذاك، الذي يردّد أغنية يُسمّيها "ميلادية"، وهو يقول فيها "رح يخلق يسوع". فلو كانت "مسيحيّة" هذا الفنان "بألف خير"، لكان عرف من خلال "قانون الإيمان" الذي من المُفترض أنه يردّده يومياً، وفي كل مشاركة له في القداس الإلهي، (لكان عرف) أن يسوع المسيح هو "مولود غير مخلوق".

 

"دفيانين"

هذا فضلاً عن أن إظهار ليلة الميلاد بصورة "السّهرانين ببيوتون دفيانين تيوصل يسوع"، هو تسخيف صاعق، ومُناقضة صارخة للحقيقة اللاهوتية التي لا يمكن المساومة عليها أبداً، حتى في الأغاني الميلادية، وليس بالترانيم الطقسيّة فقط.

فالسّهر في المنازل "دفيانين" يسمح باستقبال الأقارب، والأصدقاء، والجيران ربما... في "جَمْعَة حلوة"، وحول مائدة طعام لذيذ، ولكن لا دخل لذلك باستقبال مسيح الرب.

أول من استحقّوا معرفة ميلاد المسيح، كانوا الرّعاة الذين كانوا يبيتون في البرية (لا في البيوت سهرانين ودفيانين)، ويتناوبون السّهر على رعيّتهم في اللّيل. فلهؤلاء ظهر ملاك الرب وأخبرهم بأن "وُلِدَ لكم مخلّص في مدينة داوود، وهو المسيح الرب".

 

انتهاكات

هذه انتهاكات تتردّد في اللاوعي المسيحي العام. وهي "مُعادِيَة" لحقيقة الإنجيل المقدّس، وقد يتطلّب سحبها من التداول إعادة تبشير للمسيحيّين، حتى يتوقّفوا عن الابتهاج بها. فالزّمن الميلادي ليس زمن الأحلام، والآمال، بل هو المسيح الذي سنرافقه الى الصّليب، والقبر، قبل القيامة في اليوم الثالث.

وننطلق ممّا سبق ذكره، الى كوارث التوقّعات والأبراج للعام الجديد، التي تتكرّر في كل عام، والتي تجسّد قمّة الـ antiChrist تحت ستار "عم نتسلّى".

 

نخجل

قد تنجح في التخلُّص من تلك الكوارث بسهولة إذا كنت في منزلك، إذ إنّك تغيّر من شاشة الى أخرى كما يحلو لك. وقد تُفلح (بشيء من صعوبة أكبر) في التملُّص منها (كوارث التوقّعات) خلال حديث اجتماعي، في جلسة معيّنة، إذا سعيت الى نقله (الحديث) منها الى أي شيء آخر، أو إذا تركت تلك الجلسة لبعض الوقت.

ولكن أن تستمع الى جملة من هنا، والى أخرى من هناك، وأنت تهمّ بترك تلك الجلسة بالكامل، أو خلال تواجدك في "طلعة مصعد" مع بعض الناس، فهذا يعني أن السّحر "يغتصب" مجتمعنا، و"لا مين حاسِس".

طبعاً، هناك من يعتقد أنه يهتمّ بعلم قائم بذاته، يتعلّق بالفلك وبحركة الكواكب، وهنا الكارثة بحدّ ذاتها. ولكن مهما تعدّدت التبريرات، نقول إننا نخجل من المجوس الذين أتوا الى أورشليم وبيت لحم بحثاً عن يسوع قبل 2023 عاماً، إذا رأيناهم اليوم.

 

نجم المشرق

فهُم أتوا من عالمهم الوثني مأخوذين بنجم كبير ظهر في الجوّ. وهذا النّجم لم يَكُن نتيجة لالتقاء كوكب مع آخر آنذاك (كما يقول البعض)، بل كان (النّجم) من صُنع ملائكة السماء. فالرب جذب المجوس بما يهمّهم، أي بالفلك، وبنجم في الجوّ، ليُخبرهم بميلاده في الجسد، وليُخبر خليقته كلّها، أي العالم الوثني أيضاً، وليس الشعب العبراني وحده، بأن الخلاص بات قريباً، وهو بالمسيح يسوع.

أما اليوم، فنجد أن مسيحيّي الدّهر الحالي يهرعون الى الكواكب، والنّجوم... ليعرفوا المستقبل، وكأن البشرية "فلتانة"، وكأنهم لم يتعرّفوا الى "الضّابط الكلّ"، وهو المسيح الرب.

 

أموال

مؤسف أيضاً أن بعض المسيحيّين يمارسون تلك الأعمال في قصور ملوك وحكام في المنطقة، أو حول العالم أيضاً، مقابل المال الكثير، وذلك بدلاً من أن يدخلوا القصور لأداء شهادة للمسيح أمام رؤساء هذا العالم.

ومؤسف أيضاً أن بعض المسيحيّين يتورّطون ببثّ أفكار إيجابيّة عن حاكم أو ملك أو مسؤول معيّن، بما يحضّر لمستقبله السياسي، ولبَدْء "زمنه" في الحكم، من خلال تلك الأعمال، ومقابل الأموال الطائلة.

 

المستقبل

نخجل من المجوس الوثنيّين الذين أتوا الى أورشليم، ودخلوا قصر هيرودس بحثاً عن المولود ملك اليهود، وهو مسيح الرب، وليس للحصول على المال منه (هيرودس) مقابل تملُّق سياسي، والقول له إنك أنت الملك. وهم لم تبهرهم فخامة قصره، ولم يتخلّوا عن الطفل الإلهي، ولم يسقطوا في تجربة تقديم الهدايا التي حملوها الى المسيح، له (هيرودس)، وذلك مقابل الحصول على سخاء كثير في مقابل نكران ملوكيّة المسيح.

كما نخجل من المجوس الوثنيّين، الذين سجدوا أمام يسوع من دون أن يتفوّهوا ولا حتى بكلمة واحدة، مع أن الرب كان أخبرهم بآلام مسيحه وصلبه وقيامته، وهو ما برز بوضوح من خلال هدية المرّ التي قدّموها للطفل الإلهي (الى جانب الذّهب، واللُّبان). وهم لم ينزلقوا الى الحديث عن التوقّعات حول مستقبل الطفل، مع أنهم كانوا يعرفونه من الرب نفسه، وذلك لاعترافهم بأن هذا الطفل الإلهي هو المستقبل، أي انه قادر على التحكُّم بكل شيء، وعلى ضبط كل شيء، مهما كان هذا المستقبل قاسياً.

 

الكواكب

وأما المسيحيون اليوم، فينساقون خلف كل روح، ووراء كل من يخبرهم عن المستقبل، وعن صحتهم، وحياتهم، ورزقهم، وبلدانهم، وعن شؤون الكرة الأرضية، واحتمالات الحروب، والحلول... وهم يتصرّفون وكأن المستقبل حالة مُنفصلة عن الرب وعن مسيحه، يحقّ لهم انتظارها لوحدهم، أو التحكُّم بها بأنفسهم، أو بمجهودهم، ومساعيهم.

سينجح أو يفشل او يموت... من سيحصل لهم ذلك في عام 2023، وذلك تماماً كما كان يحصل خلال السنوات السابقة، وكما سيحصل في المستقبل. ولكن كم يكون جميلاً أن ننجح، أو حتى أن نفشل، ونموت ربما، بتسليم كلّي لمشيئة الرب، ومن دون أن نسقط في خطايا تفحُّصها سواء تحت ستار توقّعات، أو اقتراب عطارد من الزّهرة، أو المشتري من زُحَل...

فكواكب السماء نفسها تُذيع مجد الله، وهي تخجل من رؤية من يتحدّثون عن تحرّكاتها وتقلّباتها للتقصّي عن حياتهم، وذلك بدلاً من الاهتمام بتعمّقهم بالحياة نفسها، وهي المسيح الرب.

فكم سنخجل فعلاً، لو تسنّى لكواكب السماء أن تتكلّم...

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار