البابا الذي جُلِد بالانتقادات وتحمَّل بُصاق وإكليل شوك تشويه السُّمعة أنهى قتاله ونام... | أخبار اليوم

البابا الذي جُلِد بالانتقادات وتحمَّل بُصاق وإكليل شوك تشويه السُّمعة أنهى قتاله ونام...

انطون الفتى | الخميس 05 يناير 2023

درسٌ لزعماء العالم الذين يقتلون من أجل الحُكم مهما تكاثرت مشاكلهم الصحيّة

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

ليس سهلاً الحديث عن "بابا روما" بالمُطلَق، فكيف إذا قُمنا بذلك في عالم عنيف وشديد التّعقيد، عالم بلا عوائق وحواجز ليس لأنه عابق بالمحبّة، بل بما ينسجم مع عولمة الظّلم، وثقافة الموت. عالم يحكمه رئيس وسيّد هذا العالم، أي الشرير الذي صولجان ملكه هو العورات، والبطون، والجيوب، والأسلحة.

 

قدّيس

"بابا روما" هو ذاك الذي يمثّل السيّد المسيح في زمننا الحالي وحتى انقضاء الدّهر، و"الكيان الحسّي" الذي يقود البشرية في حرب ضدّ سيّد هذا العالم، وذلك تحت قيادة "الكائن" الغائب عن حواس معظم البشر، وهو المسيح الرب.

و"بابا روما" هو ذاك الذي يُطلَب منه كلّ ما هو فائق القداسة، في عالم يفتقر الى التّطهير التامّ. مع الإشارة الى أن القدّيس هو ذاك الذي يعيش من دون خطيئة بشكل ثابت، ووسط حروب روحية دائمة في كيانه، وهو ذاك الذي يعيش آلام محبّة الأعداء، والصلاة من أجلهم، وليس بالضّرورة أن يقوم بالآيات والأعاجيب الظاهرة أمام الجميع، أو أن تُعلَن قداسته أمام كل الناس.

 

صمت

تودّع الكنيسة البابا الفخري بنيدكتوس السادس عشر، البابا الهادىء، والعاشق للصّمت، وللحياة الداخليّة المقدّسة. وهو البابا الذي ظلمه صمته في عالم لا يحبّ أهله الصّمت، لأنه يفضح ما في خلفيّة ضجيجهم، وضجيج سيّد هذا العالم. فمعظم أهل الأرض يُبغضون الصّامتين، ويستخبثونهم، ويستسهلون طعنهم بخناجر الخيانة، وتشويه السّمعة، وتدمير الصّيت في كثير من الأحيان.

تودّع الكنيسة اليوم البابا الفخري الذي استقال في عام 2013 بسبب شيخوخة الجسد، ولكن من دون أن ينزل عن الصّليب. فصليب شيخوخته أُضيف الى صليب بابويّته. وهو البابا الذي جُلِد ببعض الانتقادات بُعَيْد استقالته، والذي تحمّل بُصاق النّميمة، والذي تكلّل بأشواك خبث بعض الألسُن التي تجهل حقيقة أن ضعف الجسد في إتمام المهام البابوية ليس نزولاً عن الصّليب، بل هو استمرار للمسيرة الفصحيّة بصُحبَة المسيح الرب، وإن كان ذلك بشكل مختلف.

 

درس

تودّع الكنيسة البابا الفخري بنيدكتوس السادس عشر، الشخصيّة التي قدّمت باستقالتها درساً لزعماء دول هذا العالم، سواء كانوا في منطقتنا أو خارجها، الذين يقتلون ويسفكون الدماء من أجل كرسي، أو عرش، ومهما ثارت شعوبهم ضدّهم، ومهما تكاثرت أمراضهم ومشاكلهم الصحيّة. وحتى إن بعضهم لا يتركون تنظيماً إرهابياً أو نظاماً إرهابياً إلا ويتعاملون معه، من أجل الكرسي، والرئاسات، والقصور، والعروش الباردة برودة القبور.

فالبابا بنيدكتوس استقال فيما كان العالم يمرّ بمرحلة عالمية حسّاسة، ترافقت مع "الربيع العربي" في الشرق الأوسط، ومع اشتعال مرحلة حادّة من الإرهاب آنذاك، وصلت الى حدّ الإعدامات العلنية ذبحاً، ونحراً، وحرقاً... مع نشر تلك الأعمال بفيديوهات في وسائل الإعلام العالمية.

 

حرب كبرى

وها ان الكنيسة تودّع البابا الفخري في واحدة من أدقّ المراحل العالمية حالياً، ووسط حرب عالمية تدور على الأراضي الأوكرانية، بموازاة استعادة روح سيّد هذا العالم (أي الشرّير) نشاطه بقوّة، وذلك من خلال تهديده البشرية بالإبادة النووية، وبالأسلحة، والصواريخ، كما (يهدّد البشرية) بما يُشبه "ملائكة من نور" هي في الواقع "ملائكة ظلام"، وهي اتّفاقيات، وشراكات، وعلاقات، وانفتاحات، ومسارات سلام بعيدة كل البُعْد من المسيح، والتي يجب أن نحذر منها كلّها لكونها من أعمال سيّد هذا العالم الذي يجمع أعوانه من الحكام، والملوك، والعروش، والأنظمة... لحرب كبرى لم تبدأ بَعْد.

 

الشرق

تودّع الكنيسة البابا بنيدكتوس، في عالم يحكمه سيّد هذا العالم أي الشرّير، انطلاقاً من الشرق.

فمن الشرق انطلقت البُشرى الخلاصيّة السارّة بالمسيح، وفي الشرق حاول ويحاول سيّد هذا العالم تخريب خلاص البشرية بالمسيح، منذ زمن بعيد، سواء بعقائد تخريبيّة تحرّم الإقرار بألوهيّة المسيح، أو بما يعمّم الحروب، والمصالح، والصّفقات، والإرهاب، والإعدامات، والأموال الهائلة التي تشتري الذّمم، والتي تدفع الى تخلّي الكثيرين عن إيمانهم بالمسيح، ولو بطُرُق غير رسميّة تماماً. وليست مبالغة إذا قُلنا إن شرقنا علّم العالم كلّه، الفساد.

 

الجنس والمال

تودّع الكنيسة البابا الفخري في عالم يحكمه سيّد هذا العالم. عالم يحكمه الجنس، والمال، وحفلات الموائد والولائم، أي العورات، والجيوب، والبطون. الجنس المختوم بالشّذوذ المُبيد للحياة، بدلاً من ذاك الذي يعبّر عن الحبّ، وعن مشاركة الرب في الخلق. هذا الى جانب الجنس العنيف، والمكبوت، والمختوم بالموت والبغض والكراهية والرّغبة بتدمير الآخر، والمُعبَّر عنه إمّا بانفجار جنسي من تعدُّد زواجات أو علاقات، أو بالأسلحة، والصواريخ، والمدافع، والمسيّرات، والمسدّسات، والرّصاص...

 

مات على الصّليب

تودّع الكنيسة البابا الفخري في عالم يحكمه سيّد هذا العالم. عالم يبدأ بأخبار عن تجارب صاروخيّة هنا أو هناك، وينتهي بضربات صاروخيّة هنا أو هناك، تُميت الناس. عالم يصحو وينام على استعراض الأموال الطائلة بمشاريع مُكلِفَة وهائلة هنا أو هناك، وعلى ولائم فاخرة، وحفلات... في أماكن معيّنة، فيما يزداد الفقر والجوع والمرض والحاجات الماسّة الى كل شيء، في أماكن أخرى، وهو ما يزيد من آلام المسيح بشكل هائل، في عالم فاقد للأخلاق الزمنية والروحيّة.

هذا هو روح سيّد هذا العالم. وها ان الكنيسة تودّع البابا بنيدكتوس الذي ينتقل من هذا العالم الى حيث المسيح، الحياة.

البابا بنيدكتوس مات على صليبه، بعدما أنهى قتاله مع سيّد هذا العالم بسلاح صليب المسيح المقدّس. فطوبى لمن ينتقل من عالم العورات، والبطون، والجيوب، حاملاً تحرّره من عقالات تلك الخطايا ومن جميع تراكماتها في يدَيْه، ورافعاً إياه (تحرّره) أمام ذاك الذي سيُشرق عليه نوره الأزلي الى الأبد.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار