كنوز قد تكون مدفونة في أعالي جبال لبنان ووديانه فمن يبدأ البحث عنها ومتى؟!... | أخبار اليوم

كنوز قد تكون مدفونة في أعالي جبال لبنان ووديانه فمن يبدأ البحث عنها ومتى؟!...

انطون الفتى | الثلاثاء 17 يناير 2023

هايتايان: غياب في التخطيط حول مَسْح للكشف عن إمكانيّة وجود مثل تلك المعادن في لبنان

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

لا نُنكر أهميّة الثّروة النّفطية على مستوى إمكانيّة تغييرها الواقع اللبناني المُنهار مستقبلاً، في ما لو أُحسِن استخدامها.

ولكن الابتهاج بنفطنا حصراً، وبمعزل عن أن لا حاضنة سياسية جديرة باستثمار المفاعيل الاقتصادية لاتّفاق الترسيم الحدودي البحري الجنوبي، حتى الساعة، (الابتهاج بنفطنا حصراً) يُمعن برمينا في كتب التاريخ، وفي أودية الخروج من الزّمن، في كلّ مرّة ننظر فيها الى التطوّر المستمرّ والمُتلاحِق والمُتسارع في مجالات "التحوُّل الطاقوي" عالمياً، والذي يجعلنا نشعر بالخجل ممّا نحن فيه في لبنان، أي حيث التشاغُل بـ "شحادة" ساعة كهرباء إضافية واحدة، بوسائل باتت بدائية عملياً، وهي رغم ذلك مستحيلة في معظم الأحيان.

 

نفط المستقبل

فمن يسأل عمّا إذا كان يُمكن أن يكون لدينا مخزونات مهمّة من المعادن التي تُصنَّف بأنها نادرة، في الأراضي اللبنانية؟ ومن هو ذاك المستعدّ لتقديم رؤية واضحة حول كيفيّة تأمين فرص البحث والتنقيب عنها، واستخراجها (إذا كانت موجودة)، وتأمين الاستثمارات اللازمة للاستفادة منها، واستعمالها محلياً، أو تصديرها، في ما لو كانت الكميات المتوفّرة منها محلياً تسمح بذلك؟

ومن يهتمّ بتلك النّقطة، بعدما بات العالم ينظر الى تلك المعادن على أنها نفط المستقبل، بنسبة مهمّة، خصوصاً أنها تُستعمل في أمور عدّة من بينها صناعة السيارات، صناعة المصابيح والشاشات المسطّحة، والبطاريات القابلة لإعادة الشحن، الهواتف الخلوية، اللّيزر، الألياف البصرية، ألواح الطاقة الشمسية، وتوربينات طاقة الرياح، والإلكترونيات ذات التكنولوجيا الفائقة، والمعدّات العسكرية... وغيرها من الأمور؟

 

الإمدادات اللازمة

كما من يهتمّ باحتمالات توفُّر مثل تلك الأنواع من المعادن في لبنان، على ضوء أن السياسات والشركات الأجنبيّة الكبرى باتت تضع عينها على الاحتياطيات من تلك المعادن، وهي تبني المستقبل الجيوسياسي والجيواستراتيجي العالمي، من خلال تلك الاحتياطيات التي ستؤثّر على مجال الطاقة عالمياً، وعلى الاقتصاد العالمي مستقبلاً، أكثر فأكثر. وهذا سبب رئيسي للعمل على توسيع سوق تجارة المعادن الأرضية النادرة، وتأمين الإمدادات اللازمة منها على صعيد عالمي، حتى منذ ما قبل اندلاع الحرب الروسيّة على أوكرانيا.

فأين نحن في لبنان من البحث في هذا الملف، ومن معرفة ما إذا كانت توجد مثل تلك المعادن في لبنان، أو لا، ومن وضع الخطط اللازمة في شأنها؟

 

سوء تخطيط

أشارت الخبيرة بشؤون النّفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان الى أن "الاهتمام العالمي يتزايد أكثر فأكثر بكل ما له علاقة بالمعادن الحسّاسة، كالـ Transition Minerals والـ Critical Minerals، وسلسلة المعادن الضرورية لعصر الانتقال العالمي في مجال الطاقة. ولكن المشكلة في لبنان هي بغياب التخطيط حول إجراء أي مسح يتعلّق بالكشف عن إمكانيّة وجود مثل تلك المعادن في الأراضي اللبنانية، وعن الكميات المتوفّرة منها في ما لو كانت موجودة، تمهيداً للاستفادة منها".

وذكّرت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" بأن "غياب التخطيط الصحيح خرب قطاع الطاقة في البلد عموماً، منذ سنوات طويلة. فعلى سبيل المثال، نظّم القانون 462 القواعد التي تتعلّق بقطاع الكهرباء، ولكنّه صدر في عام 2002، فيما لم تُحَلّ المشاكل حتى الساعة. ولا يزال الحديث عنه (القانون) مستمرّاً، ومن دون إشارة واضحة الى ضرورة القيام بإعادة نظر تتعلّق بنقاط عدّة فيه، تبدّلت مع مرور الزّمن، وباتت قديمة. وهذه مشكلة أساسية تتعلّق بسوء التخطيط".

 

ضدّ الإنسانيّة

ودعت هايتايان الى "ضرورة إسناد مهمّة إجراء المَسْح، والدراسات اللازمة المتعلّقة بالمعادن الحسّاسة، الى الجهات والوزارات المختصّة في لبنان، بدلاً من التلهّي بالسّجالات السياسية العقيمة، وبالمشاريع التي تشوّه الطبيعة، مثل الكسّارات وغيرها. وإذا كان مخزون الأراضي اللبنانية من تلك المعادن مهمّاً، فإنه سيُساعدنا على النّجاح لأنه سيوفّر لنا الكثير من المال. هذا مع العلم أن تلك الأنواع من المعادن ليست متوفّرة بكثرة في شكل عام، بل هي أقلّ من الحاجات العالمية المُتصاعِدَة بشكل كبير ومُتسارِع".

وأضافت:"نحن أمام احتمالات محدودة في لبنان، إذا بقينا على ما نحن فيه من سوء تخطيط. فإما نُصبح خارج الزمن والحداثة، وذلك مثل من يمشي الى الخلف، أي الى حيث البحث عن تمويل لشراء الفيول، وللقيام بأعمال صيانة لمحطات بما يوفّر ساعة تغذية كهربائية إضافية من هنا، وأخرى من هناك، وهي أساليب ما عادت موجودة إلا في البلدان المتأخّرة، أو نستفيد من هذا الانهيار التامّ من أجل النّهوض من جديد. وبالتالي، إما نضع النّموذج السليم لتوفير الكهرباء لكل الناس، أو نبقى على تحكّم المولّدات الخاصّة بحياتنا، وعلى الجدالات السياسية حول ملف الطاقة، فنُصبح خارج العالم والتطوُّر".

وختمت:"حاول المجتمع الدولي أن يساعدنا عبر الدعوة الى تحييد ملف الطاقة في لبنان عن المشاكل السياسية، لكونه قاعدة أساسية لنمو الاقتصاد. ولكن حتى تلك الطريقة فشلت، في بلد بات الإنسان فيه يعيش وسط مجازر ضدّ الإنسانية، وهي من مستوى أن يهاجر من بلده، أو يموت فيه من جراء نقص التدفئة بسبب مشاكل الكهرباء وارتفاع أسعار فاتورة المولّدات الخاصّة، كما بسبب نقص الطبابة، والجوع. فهذه كلّها جرائم ضدّ الإنسانية".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار