إعلام "مَيْت" في ظروف غير طبيعية فهل من إمكانيّة لقَلْب الطاولة على الجالسين حولها؟ | أخبار اليوم

إعلام "مَيْت" في ظروف غير طبيعية فهل من إمكانيّة لقَلْب الطاولة على الجالسين حولها؟

انطون الفتى | الأربعاء 25 يناير 2023

شربل: لا يمكننا أن نطلب من الإعلام اللبناني ما هو أكثر من قدرته الواقعية

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

ثلاث سنوات وثلاثة أشهر مرّت من عُمْر الأزمة المالية والاقتصادية الحادّة في لبنان، شهدنا خلالها اعتصامات، وإضرابات، واحتجاجات، ومطالبات لمختلف أنواع القطاعات والنّقابات النّاشطة في البلد، والتي لا تزال تحصل حتى الساعة، وبمعزل عمّا إذا كانت تؤدي الى النتائج المرجوّة منها، أو لا.

 

وسيلة ضغط

ولكن أين قطاع الصحافة والإعلام في لبنان؟ ولماذا يغيب هذا القطاع عن أي احتجاج، أو إضراب، أو وسيلة ضغط، سواء لتحسين أوضاع العاملين فيه، أو من أجل الدّفع باتّجاه تسريع الحلول السياسية والأمنية القادرة على رسم معالم الاقتصاد اللبناني الجديد؟

معلومٌ منذ زمن طويل أن الصّحافة هي سلطة قائمة بحدّ ذاتها. ولكنّها ما عادت كذلك في لبنان، إذ إنها لا تستعمل أي سلاح من أسلحتها القادرة على زيادة الضّغوط على سياسيين وغير سياسيّين، ولا على منظوماتهم من المُحتكرين، والمُخزّنين، والمُهرّبين، و"المُشبّحين"...

 

"زاهد"؟

فعلى سبيل المثال، أين الإعلان عن إضرابات في عالم الصحافة والإعلام تطال نشر تغريدات، وبيانات، وتغطية مؤتمرات، وتصريحات، واستقبالات...، لهذا السياسي أو ذاك، إذا كان يتصرّف وكأن لبنان ملكيّة خاصّة له، أو إذا كان مجرّد "كمالة عدد" في منصبه، وذلك الى أن يتّخذ قراراً بأن يُصبح "رجلاً صالحاً" في السياسة؟

وهل نعيش في زمن إعلامي وصحافي "مُتعفّف" و"زاهد" بالدّنيا الى هذا الحدّ في لبنان، "يخجل" من المطالبات التي من المُفتَرَض أن تكون كثيرة؟ وهل يجوز ذلك فيما ننظر الى ما حولنا عالمياً، لنجد أن القطاعات الإعلامية تُشارك في أيام الاحتجاجات المطلبيّة الكبرى، الى جانب كل القطاعات الاخرى (قطاع النّقل، الطيران، التعليم...) كما كان عليه الحال في فرنسا مثلاً، يوم الخميس الفائت؟

 

مصداقيّة

لا بدّ من عمل كثير على هذا الصّعيد. ولا يجوز أن تكون القطاعات الإعلامية أو الصحافية "ميتة" عن أي احتجاج، أو عن استعمال أي وسيلة ضغط في أوان الأزمات، لأن ذلك يُفقدها مصداقيّتها ودورها، كأدوات قادرة على قيادة التغيير في مجتمعاتها.

كما لا يجوز أن يحصر قطاع الإعلام والصحافة دوره بحريات ومطالب من مستوى استنكار التوقيف أو الاعتداء الذي يتعرّض له بعض الصحافيين والإعلاميين، أو التذكير بأصول استجوابهم، وذلك رغم أن ذلك مهمّ . فنحن نعيش في ظروف غير طبيعية حالياً، وهي تحتاج الى إعلام غير تقليدي، والى صحافة بعيدة من أي رتابة.

 

ظالمة

تعليقاً على الفوارق في السلوكيات المطلبيّة بين قطاع الإعلام اللبناني وذاك الفرنسي أو الأجنبي، رأى رئيس تحرير صحيفة "نداء الوطن" بشارة شربل أن "المقارنة بين وضع الإعلام في لبنان وفرنسا ظالمة، لأن ظروف البلدَيْن مختلفة، وطبيعة الصحافة اللبنانية مختلفة عن طبيعة الفرنسية، فيما الانقسامات العمودية والأفقية الموجودة في المجتمع اللبناني عميقة الى درجة أن لا إمكانية لعمل نقابي حقيقي يوحّد الصحافيين والمؤسّسات الصحافية على أهداف مطلبيّة موحَّدة في لبنان".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "مشاكلنا مختلفة تماماً عن مشاكل المجتمعات المُتماسِكَة، والتي تعيش في كنف دولة مثل فرنسا، حيث تناضل النقابات ضدّ دولة، بينما ليس لدينا نحن دولة لنناضل بوجهها، أو لنقدّم مطالب موحّدة لها".

 

ليس مُحصَّناً

وأشار شربل الى أن "الانقسامات التي تتحكّم بالمجتمع اللبناني، هي نفسها موجودة في النقابات لدينا. هذا فضلاً عن أن هناك مبالغة معيّنة بالأشكال النقابية الموجودة في لبنان، والمحدودة القدرة على التأثير. بالإضافة الى أن التضامن النقابي غير موجود عملياً لدينا، لأن الصحافة اللبنانية مقسومة سياسياً بطريقة جذرية. وبالتالي، من الصّعب أن يتوحّد قطاع الصحافة والإعلام على أمور، حتى ولو كانت مطلبيّة".

وردّاً على سؤال حول إمكانيّة اعتماد أسلوب التعتيم على سياسيّين فاسدين ومؤثّرين في الانهيار اللبناني، عبر الامتناع عن نقل بياناتهم، ومؤتمراتهم، وتغريداتهم...، أجاب:"في النهاية، الإعلام هو جزء من الفساد مع الأسف، لأنه مُختَرَق من الفساد والفاسدين. كما أن مصالح المؤسّسات الإعلامية الكبرى مُتداخِلَة مع المصالح السياسية، وأحياناً مع أصحاب المصالح الكبرى و"المافيا". وهو ما يجعل إمكانية التوحُّد على شيء جوهري وأساسي صعبة. وبالتالي، لا نستطيع أن نطالب الإعلام اللبناني بأكثر ممّا يمكنه أن يفعل، خصوصاً أنه ليس مُحصَّناً من الاختراقات، ومن الارتباط بالمصالح الخاصة، في بلد فيه الكثير من الفساد والمشاكل العميقة".

 

تعتيم

وأوضح شربل:"قطاع الإعلام لا يمتلك التأثير، ولا أدوات الضّغط الشّبيهة بتلك التي لدى النّقابات التي يتعلّق نشاطها بأمور حياتية يومية، مثل البنزين، والطحين، والدواء، وغيرها. كما أن التعتيم على تغريدات أو بيانات السياسيّين ليس طريقة للعقاب بشكل مُفيد، في جوّ إعلامي مقسوم، إذ سيتمكّن المُقاطَعون من قِبَل هذه الوسائل الإعلامية أو تلك من الحصول على منابر أخرى يطلّون عبرها، في وسائل إعلاميّة أخرى".

وختم:"هل من قدرة على النّجاح في مقاطعة السياسيّين المتّهمين من قِبَل القاضي طارق البيطار بالإهمال المقصود في ملف تفجير مرفأ بيروت؟ وهل ان كل وسائل الإعلام ستقبل بمقاطعتهم؟ بالطبع لا، وهذا يُعيدنا الى واقع أنه لا يمكننا أن نطلب من الإعلام اللبناني ما هو أكثر من قدرته الواقعية".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار