درباس: دولة "لبنان الكبير" قائمة بطبيعة نظامها الليبرالي وبحيوية شعبها
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
مؤسفٌ أن بعض اللبنانيين لم يدركوا حتى الساعة، ورغم كل ما وصلنا إليه، أن حقبة "الدولار بـ 1500 ليرة" انتهت الى غير رجعة، وأن نهوض لبنان "المُفتَرَض" مستقبلاً، لن يكون بما يتوافق مع أي "قديم".
الرئيس المسيحي
والمؤسف بالأكثر، هو أن بعض السياسيّين، والتيارات السياسية، والأحزاب... يتحرّكون في الملف الرئاسي، تماماً كما لو كنّا بحاجة الى انتخاب رئيس في عام 1943 ربما، ومن دون الأخذ في الاعتبار أن أحد شروط النّهوض بلبنان، قد يكون القيام بتغيير سياسي كبير.
فهل انتهى زمان الرئيس المسيحي في لبنان، بزوال حقبة اقتصاد "الدولار بـ 1500 ليرة"، التي كانت آخر حقبات محاولة إنقاذ ما تبقّى من دولة "لبنان الكبير"، بحسب بعض المراقبين؟
شرط؟
وهل انتهت أزمنة الرئيس المسيحي للبنان، كشرط من شروط حلّ الأزمة اللبنانية، لا سيّما أن الدول الغربية عموماً تتعاطى مع إيران ومع كل ما يعود إليها في لبنان وغيره، فيما دول الخليج ترفض السلاح الإيراني في لبنان، ولكنّها "تتاجر" مع طهران بدءاً من الخليج، وصولاً الى ما بعده، وهو ما قد يؤدي في يوم من الأيام الى اتّفاق على أن يكون الرئيس اللبناني غير مسيحي، كشرط أساسي، خصوصاً عندما تنضج التسويات الإيرانية - الخليجية مستقبلاً؟
"لبنان الكبير"
رأى الوزير السابق رشيد درباس أن "دولة لبنان الكبير لا تزال موجودة، وهي قائمة بحدودها، وبالنّظام الليبرالي فيها، وهي أمور لن تتغيّر، في الوقت الذي تنبع فيه المشاكل اللبنانية من الأداء السياسي، وليس من صيغة "لبنان الكبير".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "النظام في أي دولة يكون توتاليتارياً دينياً أو عقائدياً، أو ديكتاتورياً، أو ديموقراطياً. وأما نحن في لبنان، فنظامنا ديموقراطي، وهو لن يتغيّر لأن لا أحد سيقبل بذلك. وأقصى تغيير ممكن فيه، هو أن تتبدّل شخصياته السياسية. وبالتالي، دولة "لبنان الكبير" قائمة بطبيعة نظامها الليبرالي، وبحيوية شعبها، الذي لا يقبل أن يُسجَن في أي قالب يحدّه".
الصلاحيات
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان الثمن السياسي لإنهاء الأزمة الحالية في لبنان، هو انتخاب رئيس غير مسيحي، أجاب درباس:"هذا غير وارد على الإطلاق. فلبنان لا ينفع من دون رئيس مسيحي".
وأوضح:"من الأخطاء الشائعة، هي القول إن رئيس الجمهورية في لبنان بات من دون صلاحيات، بينما الشخص الوحيد في الدولة اللبنانية الذي لديه صلاحيات لا يشاركه فيها أحد، هو رئيس الجمهورية. أما كل باقي رجالات الدولة، فلا أحد منهم إلا ولديه من يشاركه في صلاحياته. وحتى رئيس الحكومة نفسه، لا يستطيع أن يعمل إلا من خلال مجلس الوزراء، فيما بعض صلاحيات رئيس الجمهورية صار مجلس الوزراء مجتمعاً شريكاً فيها للرئيس (الجمهورية). هذا فضلاً عن أن رئيس الجمهورية هو مفتاح البلد. فما هو معنى الصلاحيات؟ الصلاحيات هي أن يكون رئيس الجمهورية "المايسترو" الذي يقود الأوركسترا وكل العازفين فيها، بعصا صغيرة يُمسكها بيده، ومن دون أن يعزف ولا حتى على آلة موسيقية واحدة. وهو ذاك الذي إذا كان غائباً، لا يُمكن للأوركسترا أن تُكمل العزف. وهذا هو دور رئيس الجمهورية في لبنان".
إعادة نظر
وحول الجدوى من انتخاب رئيس عاجز عن القيام بأي شيء في ملف انفجار 4 آب 2020، لفت درباس الى أن "ملف انفجار مرفأ بيروت كان يحتاج الى مقاربة مختلفة عن الحالة الشعبوية التي هو فيها حالياً، ومنذ البداية".
وشرح:"حُوِّلَ الملف الى المجلس العدلي بطريقة غريبة من قلّة التبصُّر، بينما كان يمكن الاستعانة بخبرات أجنبية في التحقيق، ومن دون الحديث عن حاجة الى لجنة تحقيق دولية. وبالتالي، كان يُمكن للدولة اللبنانية أن تستعين بخبرات أجنبية، بموازاة المضيّ بتحقيق عادي. وعلى ضوء النتائج، يُنظَر في ما إذا كانت القضية تحتاج الى مجلس عدلي أو لا".
وختم:"بسبب قلّة المهنيّة في التعاطي مع الملف، تحوّل الى صراع نفوذ في غير محلّه. فالعدالة ليست صراع نفوذ، بل هي إعطاء كل صاحب حقّ حقّه. فما يحصل حالياً هو مهزلة تدلّ على أن الجسم القضائي بحاجة الى إعادة نظر جديّة".