صناعات لبنانية موعودة بالاستثمارات القطرية: التفاؤل مشروط | أخبار اليوم

صناعات لبنانية موعودة بالاستثمارات القطرية: التفاؤل مشروط

| الأحد 05 فبراير 2023

رهان مستقبليّ على تطوير الصناعات المرتبطة بالقطاع النفطي

خضر حسان - المدن
الترويج لتحوُّل لبنان إلى دولة نفطية ربطاً بإعادة إطلاق مسار الاستكشاف في الرقعتين 4 و9، يحمل آمالاً قد تساعد الاقتصاد والقطاعات الإنتاجية، وتحديداً الصناعات اللبنانية، وفي الوقت عينه يحمل ثقلاً قد يطيح بتلك الآمال فيما لو تم تجاهل الفرص التي قد تخلقها الإدارة الرشيدة للملف النفطي، خصوصاً في ظل الوجود القطري على متن التحالف الذي تقوده شركة توتال.

وتنتظر الصناعات اللبنانية تكبير حجم استثماراتها وتوسيع نشاط السوق اللبناني فيما لو قرّرت الدولة إيلاء الأهمية لتشجيع الاستثمارات المرافقة للنشاط النفطي. ويعوِّل القطاع الصناعي على دور قطري خاص يبدأ بالشراكة مع المؤسسات اللبنانية، وصولاً إلى تشجيع المستثمرين الدوليين، مروراً بحثِّ الشركات القطرية والخليجية على دخول السوق اللبناني.

نظرة إيجابية من الصناعيين
تدخل المنتجات النفطية والغازية في الكثير من الصناعات بشكل مباشر وغير مباشر. ولا يزال لبنان متأخراً في هذا المجال نظراً لعدم توفُّر المشتقات النفطية والغازية لديه، واضطراره إلى استيرادها، ما يرفع كلفة تصنيعها. وتالياً، تنحصر قدرة الصناعات اللبنانية على توسيع حركة استثماراتها في هذا المجال.

ومع إعادة تفعيل ملف استكشاف النفط والغاز بعد إتمام ترسيم الحدود البحرية، بات للصناعات الوطنية فرصة أوسع. فالصناعات المرتبطة بالقطاع النفطي "ليست كبيرة حالياً. ونستوردها من الخارج، وبعضها يأتي من السعودية بوصفها المنتج الأكبر للنفط وتمتلك مصانع كبيرة متعلّقة بهذا المجال"، وفق ما يقوله رئيس لجنة الطاقة والبيئة في جميعة الصناعيين، إبراهيم الملاّح في حديث لـ"المدن".
النقص الراهن في الصناعات المعتمدة على النفط، والتي تتقدّمها الصناعات البتروكيماوية، لن يعيق تطوّر تلك الصناعات مستقبلاً. فأمام تلك الصناعات وقت كاف للتطوُّر، برأي الملاّح. وما يشجّع أكثر، هو "إفادة الصناعات الأخرى من الغاز كونه أوفر من الفيول المستخدم حالياً كمصدر لإنتاج الطاقة".
الرهان الأوسع بالنسبة إلى الملاّح هو "دخول المستثمرين إلى لبنان، بتشجيع من القطريين والفرنسيين والإيطاليين. فقطر دولة عربية لها خبرتها في المجال النفطي وتساعد لبنان دائماً. كما أن الفرنسيين والإيطاليين ليسوا بعيدين عن الأجواء اللبنانية والاستثمارات فيه".
ومع ذلك، يعتقد الملاّح أن "تأثير استكشاف النفط والغاز لن يظهر قبل 5 سنوات، لأن كل شيء مرتبط ببدء الاستخراج".

صناعات في مختلف المجالات
يأمل القطاع الصناعي تنشيط وخلق مجالات جديدة متعلّقة بصناعات البلاستيك والمطّاط والدهانات والأصباغ وغيرها. لكن التدقيق أكثر في ما يمكن لاستخراج النفط والغاز تقديمه، يوسِّع مجال الإفادة نحو قطاعات الطب والزراعة والغذاء. فلا يقتصر تطويع المشتقات النفطية والغازية على صناعة معدات طبية وأدوات كالأطراف الصناعية والعدسات اللاصقة، بل يمتد نحو الإيثانول والميثانول والفينون والكومين المستخدمان في تصنيع أدوية الاسبرين والبنسلين، فضلاً عن تصنيع علاجات لأمراض نقص المناعة المكتسب والالتهابات.
وفي الوقت عينه تنتظر الزراعة تطوير صناعات الأسمدة والمبيدات وأنابيب الري وغير ذلك. كما تساعد المنتجات النفطية والغازية في صناعة المواد التي تحفظ الأطعمة وصناعة الملوّنات الغذائية ومواد الشمع. ناهيك عن الصناعات التجميلية.
النظرة العامة للإفادة الصناعية لها وجه خاص يرتبط بالاستثمارات القطرية. وبادرت قطر إلى تبنّي الدعم من خلال تأكيد وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة المهندس سعد بن شريدة الكعبي، أن دخول قطر على خط الاستكشاف في المياه اللبنانية هو "فرصة لدعم التنمية الاقتصادية في لبنان خلال المنعطف الحرج". وهو ما عبّر عنه خلال حفل توقيع الملحَقين التعديليّين لإتفاقيّتي الإستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9، نهاية الشهر المنصرم.
ومع أن الكعبي لم يُفصِّل في كلمته مجالات الدعم، إلاّ أن خبراء النفط يدركون الإمكانيات. فيقول خبير البترول اللبناني المهندس محمود جمّال أن "القطريين لديهم طموحات مستقبلية تتعلّق بالاستثمار في لبنان، ودخولهم مجال النفط والغاز سيحمل معه تداعيات على ما يرتبط بهذا المجال من إنشاءات وصناعات، قد تبدأ من تطوير وبناء محطات توزيع الغاز وتسييله. ويمتد الأمر إلى استثمارات صناعية بالتعاون مع شركات لبنان أو بدفع شركات قطرية لدخول لبنان. وهذا ما يشجّع المستثمرين الأجانب على المبادرة".
جمّال، الذي أشرف على استكشاف وتطوير أكثر من 30 بئراً في دول الخليج، يؤكّد لـ"المدن" أن قطر تملك امكانيات لمساعدة لبنان في المجال الزراعي أيضاً، فلديها تجارب في أكثر من منطقة، ومنها في دولة غامبيا، وتلك التجارب قد تُحمَل إلى لبنان. ففي تلك الدولة الافريقية، استأجرت قطر مساحات زراعية شاسعة واستصلحتها وزرعتها وأدخلت إليها أحدث المعدات والطرق الزراعية". وإن كانت المساحات الزراعية بين افريقيا ولبنان مختلفة، إلاّ أن الإفادة من التجارب تبقى هي الأساس. والشراكة بين المؤسسات القطرية واللبنانية، تخدم القطاعات والاقتصاد العام كثيراً. "فقطر لا عائق لديها أمام إعطاء الأولوية للبنان لمساعدته، وهو أمر قد لا تسارع إليه شركات أجنبية غير عربية".

المسؤولية اللبنانية
تحالف توتال وإيني وقطر للطاقة سيجرّ معه نشاطاً للشركات اللبنانية التي ستقدّم خدمات النقل والأكل واليد العاملة. لكن ذلك مرتبط ببدء الاستكشاف وبعدد الآبار التي ستُحفَر وعدد البلوكات التي ستُستَثمَر. وكلّما ضاقت الدائرة، تقلّص حجم الاستثمارات والإفادة اللبنانية.
ومن جهة أخرى، لا يغفل التحالف، برأي جمَّال، عن "أهمية إصلاح القضاء اللبناني الذي سيعكس الثقة للشركات الأجنبية وعلى رأسها شركات التحالف نفسه. ففي مرحلة الاستكشاف وما بعدها، قد تُخلَق حالات نزاع قضائي، وعلى القضاء أن يكون مرجعاً للفصل فيها. فهل ستثق الشركات بالقضاء اللبناني وهو على هذه الحالة من الانقسام وسط غياب الحوكمة والشفافية في إدارة الملف النفطي من قِبَل الدولة؟". تتراجع المؤشرات الإيجابية لدى جمّال الذي يشير إلى "خيار تضمين العقود للاحتكام إلى القضاء الدولي، وتحديداً محكمة العدل الدولية في حالات النزاع، وهذا أمر يقلّل الثقة الدولية بلبنان".

قد لا تُعَبِّر قطر عن كل ما يمكن تقديمه أو ما تخشاه وما يمكنها تفاديه في لبنان، وكذلك توتال وإيني ومن قد يدخل ميدان الاستثمار في فلكهما، لأن أحداً لا يريد حرق المراحل. وهذا ما يدركه خبراء النفط والصناعيون اللبنانيون، لأن استخراج الغاز من الرقعتين 9 و10 لن يظهر قبل نحو 5 سنوات، وقد يتبعها سنوات إضافية متعلّقة باستكشاف واستخراج النفط. وتلك فترة قد تتبدّل فيها الكثير من الأحوال، فالتفاؤل مشروط بلعبة لبنانية أيضاً.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار