روسيا رَسَبَت في "الامتحان الأصْعَب" بعد عام من كَسْر الأحادية الأميركية... | أخبار اليوم

روسيا رَسَبَت في "الامتحان الأصْعَب" بعد عام من كَسْر الأحادية الأميركية...

انطون الفتى | الأربعاء 08 فبراير 2023

مصدر: محدودية روسيا واضحة في الأراضي التي تحتلّها داخل أوكرانيا

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

صحيح أن الزلازل التركيّة - السورية كارثة، إلا أنها قادرة على أن تشكّل فرصة سياسية بالنّسبة الى روسيا، تُظهر من خلالها مدى قدرتها على إثبات ما تقوله منذ عام.

 

صراخ

فعلى سبيل المثال، تتحدّث روسيا منذ شباط 2022 عن أنها كسرت وتكسر الأحادية الأميركية، وعن أن عالماً متعدّد الأقطاب "أكثر عدلاً" ينبثق ممّا تصفه "عمليّة خاصّة" تقوم بها في أوكرانيا.

ويؤكّد المسؤولون الروس أن دولاً مثل الصين وإيران... قادرة على أن تشارك في بناء هذه التعدّدية العالمية الجديدة. ولكن ننظر من حولنا اليوم، أي الى سوريا التي هي عملياً ولاية روسيّة في منطقة شرق المتوسّط، والتي تحتاج الى مساعدات إنسانيّة وطبيّة وإغاثيّة هائلة بعد كارثة الزلازل الأخيرة، لنجد الحضور الروسي على هذا المستوى أقلّ من المُتوقَّع، وسط صراخ العديد من الأصوات الروسيّة (وحتى الصينيّة والإيرانيّة والحليفة لمحور روسيا - الصين - إيران)، المُطالِبَة برفع نير العقوبات الأميركية والحصار الأميركي عن دمشق، والتي تتذرّع بالحصار لتبرير عَدَم الانخراط المُنتَظَر من جانب تلك الدول، في مساعدة سوريا.

 

يبدو غريباً

صحيح أن الزلازل هي كوارث طبيعية، وأن خسائرها قد تفوق خسائر الحروب، وأنه لا يُمكن لدولة واحدة على وجه الأرض مهما كانت غنيّة أو صاحبة قدرات هائلة أن تتعامل معها. ولكن المُثير للاهتمام هو أن روسيا، "كاسِرَة" الأحادية الأميركية والهيمنة الغربيّة، تبدو عاجزة عن تأمين ولا حتى 40 أو 50 في المئة من حاجات سوريا، أي الولاية الوحيدة لموسكو في الشرق الأوسط.

والعجز عن تأمين ولو ما يُقارب نصف حاجات ولاية خاصّة (تقريباً) خارج الحدود (الروسيّة)، في حالات الكوارث الطبيعية، يبدو غريباً بعض الشيء على من يدّعي العناوين الكبرى، وتغيير المعادلات، ورسم الخطوط الحمراء والصّفراء والخضراء على مستوى الحروب العالميّة، والسياسات الدولية الكبرى.

 

اكسروا الحصار...

أمر آخر أيضاً، يُظهّره صراخ الأصوات "المُمانِعَة"، وتلك الصّديقة والحليفة لروسيا، وهو على مستوى أنه بما أن موسكو قويّة جدّاً الى درجة أنها أنهَت الأحادية الأميركية، وبَنَت نظاماً عالمياً جديداً بالتعاون مع حلفائها وشركائها في الشرق، فمن يمنعكم أنتم جميعاً من كَسْر الحصار الأميركي، سواء عن الشّعب السوري المنكوب، أو عن سواه؟

فمن المُفتَرَض أنّكم لا تخافون من الولايات المتّحدة الأميركية، وأنّكم لا تحتاجون الى احترام أي آليّة وضعتها واشنطن لإيصال المساعدات، أو لعرقلة وصولها. وبالتالي، لمَ كل هذا الصّراخ؟

 

أميركا

يبقى أن الزلازل السوريّة فضحت حقيقة لغة كَسْر الأحادية، التي يبدو أن لا قاعدة لها سوى مَنْح حلفاء وشركاء موسكو "فيتوات" في مجلس الأمن الدولي مهما فعلوا، وإبرام صفقات الأسلحة معهم، والعمل على فتح أبواب اقتصاداتهم للأوليغارشيّين الروس، ولبعض المصالح والمنافع الشخصيّة المُتبادَلَة.

ولكن كل ما تقدّم لا ينفع عند أوان الجدّ، وعند وقوع الكوارث التي تتطلّب انخراطاً كبيراً لصالح الشعوب. فعلى سبيل المثال، ورغم التباينات السياسية المهمّة من ضمن حلف "الناتو"، و(رغم) بُعْد المسافة بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، انخرطت واشنطن في عمليات الإغاثة على الأراضي التركية منذ يومَيْن بسرعة قياسيّة، وعلى صعيد نشر معدّات تكنولوجيّة عالية التقنية، ترصد ضربات القلب، ومحاولات استنشاق الهواء من تحت الأرض، من أجل الإسراع في انتشال الجرحى، ورفع حظوظهم بالعيش. فيما لا تزال بعض الأصوات الحليفة لروسيا في منطقتنا تلوم الحصار والعقوبات، رغم الانخراط السياسي والعسكري الروسي الاستراتيجي في سوريا، وقرب المسافة الجغرافيّة بين البلدَيْن بالمقارنة مع ما هو الحال بين الولايات المتّحدة وتركيا.

 

إحراج

أشار مصدر واسع الاطلاع الى أن "الإحراج الروسي يبدأ بالسؤال عمّا فعلته روسيا، أو حتى إيران، لمعظم مستشفيات سوريا التي دُمّرت خلال الحرب، بعدما انتهت العمليات العسكرية هناك قبل سنوات؟ وهل ساعدت موسكو أو طهران على وقف هجرة الأطباء من سوريا مثلاً، خلال الأعوام الأخيرة؟".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "محدودية العمل الروسي واضحة أصلاً في الأراضي التي تحتلّها روسيا داخل أوكرانيا. أما بالنّسبة الى سوريا، ورغم توزيع مئات العناصر الروس في المناطق المنكوبة وحولها، إلا أنها (تلك العناصر) لا تُظهر الفاعليّة المُنتَظَرَة منها، ولا حتى على سبيل المساعدة على إيجاد حلول سريعة للنّازحين في ما بين المناطق السورية".

وختم:"الكوارث تحتاج الى خبرات غير تقليديّة، والى كوادر مدنيّة وعسكرية مدرّبة بالشّكل اللازم، وقادرة على العمل خارج حدود بلدانها، والى انخراط قوي وسريع استجابةً للحاجات الكثيرة. وهو ما لا قدرة لروسيا وإيران عليه كما هو الحال مع بلدان أخرى. وهذا كلام نقوله بمعزل عن السياسة، وهو يبدو بوضوح من خلال غياب الزّخم الروسي والإيراني في سوريا، في مرحلة ما بعد الكارثة".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار