لبنانيّون عالقون في تركيا فيما التحضيرات "نار" لإخراج الملايين من لبنان خلال "زلزال العشّاق"!... | أخبار اليوم

لبنانيّون عالقون في تركيا فيما التحضيرات "نار" لإخراج الملايين من لبنان خلال "زلزال العشّاق"!...

انطون الفتى | الجمعة 10 فبراير 2023

حبيقة: يهمّنا الحفاظ على دور لبنان المميّز في المنطقة مهما كانت الظروف صعبة

 

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

"كيف إلون نَفْس"، و"كيف إلون عَيْن". هذا أقلّ ما يُمكن قوله بالحدّ الأدنى، في الوقت الذي نستمع فيه الى إعلانات عن سهرات "عيد العشّاق" (التّسمية التجارية لعيد "سان فالنتاين")، أو غيرها من النّشاطات الفنيّة والسياحيّة (من تزلّج وغيره...)، فيما مصير بعض اللبنانيين لا يزال مجهولاً في تركيا، وبينما آلاف الناس لا تزال تحت الأنقاض في تركيا وسوريا، وحيث يخرج البعض سالمين ليتمنّوا لو أنهم لم يخرجوا، وذلك بعدما فقدوا كلّ أفراد عائلاتهم.

 

ساعات معدودة

"الحقّ مش عا لبنان" طبعاً، ودورة الحياة يجب أن تُكمل. ولكن هناك الكثير من الأسئلة التي ترتبط بتلك النّقطة.

ففي بلدنا العزيز، أتحفنا بعض السياسيّين في مرحلة ما قبل انهيار خريف عام 2019 بضرورة وقف السياحة في الخارج، لأنها تُخرج "الفريش" دولار من لبنان، ولأنها تساهم في زيادة مشاكلنا المالية، لننظر من حولنا ونجد أنه رغم تجاوز دولار السوق السوداء "عقده السادس" (أكثر من 60 ألف ليرة)، إلا أن ملايين الدولارات ستخرج من لبنان بليلة واحدة، وخلال ساعات قليلة، في بلد الدّمار الاقتصادي والمالي الشامل.

صحيح أننا من دُعاة حُبّ الحياة. ولكن ما هذا الحبّ "المُتفجّر" للحياة إذا كان فنّاناً عربياً أو أجنبيّاً واحداً، مع فرقته الموسيقيّة، وطغمة المرافقين له... سيسحبون مبالغ ماليّة طائلة من آلاف أو ملايين الدولارات، "من فمنا" اللبناني، "بالفريش" دولار، خلال ساعات معدودة؟

 

فنادق

وما هو مستوى هذا الشّعب (اللبناني)، الذي يقبل بذلك، بدلاً من أن يحرص على استثمار أمواله في شكل مُستدام؟ وما هو مستوى هذا الشّعب (اللبناني)، الذي يقبل بمبدأ تلك السلوكيات، ومن دون أن يسأل عن مصيره في ما لو ضرب زلزال مدمّر لبنان (لا سمح الله) خلال "ليلة العشّاق"، مثلاً؟

فهل سيبيت هذا الشّعب على الطُّرُق المُتهالِكَة أصلاً إذا بقيَت؟ أو في السيارات مثلاً؟ أو هل من جهة قادرة على أن توفّر الخِيَم لكلّ المتضرّرين في لبنان؟ أو هل سيكون شعبنا "فوق بعضو" في الخِيَم؟

ما هو دور الفنادق والمؤسّسات السياحية، التي يجب أن تُخبرنا بما يُمكنها أن توفّره من أماكن لإيواء اللبنانيين في مثل تلك الحالة، بدلاً من الصّراخ الدائم للتأسُّف "على شباب" المواسم السياحية، ومستقبل "حبّ الحياة" في لبنان. هذا مع العلم أن خسائر بعضها قد لا يتجاوز آلاف الدولارات المحدودة في كل مرة، مقارنةً مع الأعوام السابقة، وهو ما ليس كارثياً كما يحبّ أصحاب بعض تلك المؤسّسات أن يُظهر.

ففي تركيا مثلاً، توفّر بعض الفنادق والمنتجعات السياحية والملاعب... خدمة إيواء أعداد لا بأس بها من الأتراك الذين باتوا بلا منازل، وعلى نفقتها الخاصّة (في بعض الحالات). فماذا عنّا نحن في لبنان، لا سيّما أن خدمة المتضرّرين من الكوارث الطبيعيّة، لا تحتاج فقط الى دول ذات اقتصادات قويّة، بل الى الاستعداد لذلك أوّلاً، من جانب كل صاحب قدرة.

 

حرية شخصيّة

وحتى بالنّسبة الى الفنّانين اللبنانيين الذين يُحيون حفلات في الخارج، لمناسبة "عيد العشّاق"، أو في أزمنة أخرى.

لماذا مُحاسبة اللبناني "المعتّر"، ولومه على سنوات السياحة في الخارج (في الماضي)، ورغم أن قدرته على الإنفاق خارج بلده في ذلك الوقت معروفة ومحدودة، فيما لا أحد يذكر أي شيء عن ملايين الدولارات "الفريش" التي يجنيها الفنّانون اللبنانيون وأعضاء فرقهم الموسيقيّة "العظيمة" في الخارج، والتي لا تخضع لأي ضريبة في لبنان، والتي لا قدرة لبنانية على مراقبة كيفيّة ومصير استثمارها في الخارج (عقارات، منازل، استثمارات...، وغيرها من الأشكال)؟

وماذا عن هذا الهدر الذي يُساهم في إخراج العملات الصّعبة من البلد، بإسم الحرية الشخصية، والاقتصاد الحرّ؟ أم انه لا يجوز تطبيق الشروط القاسية إلا على "المعتّرين" في لبنان الذي "لا يرفعون إسمه بالعالي" في الخارج، والذين لا يستحقّون سوى معاملة الحيوانات ربما (مع احترامنا لجميع الناس، ولكنّنا نستعمل تلك العبارة هنا لتظهير الواقع بقساوته الكاملة)، والتي هي من مستوى أن اعملوا، وادفعوا الضرائب، واصمتوا، وتخلّوا عن أي حقّ لكم بالسّفر والسياحة في الخارج؟

وهل ان "ناس وناس" يحقّ لهم بأن ينشطوا في الخارج، وبأن يستثمروا أموالهم كما يريدون، فيما لا يحقّ لسواهم حتى بالسياحة؟ وما هو هذا الاقتصاد الحرّ، وتلك الحرية الشخصيّة؟

 

حفلات

أشار الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الى أن "لا خطأ في الحفلات والسهرات، لأن لا أحد يجبر الناس على أن ينفقوا أموالهم عليها. ولكن شريحة من اللبنانيين تمتلك المال، ويحقّ لها بأن تسهر و"تغيّر جوّ"، لا سيّما أننا نعيش في نظام حرّ".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "من الأفضل أن يسهروا ويُنفقوا أموالهم في لبنان، على أن يسافروا لحضور الحفلات الموسيقية في باريس مثلاً، أو لندن، أو غيرهما. فهذا يحرّك الدورة الاقتصادية في الداخل، ويشغّل المطاعم، والفنادق، والمؤسّسات السياحية، ومطابخها التي تستعمل منتجات زراعية وصناعية لبنانية، وعمالها، وشركات الإعلانات".

 

الفنّانون

وعن الفنّانين اللبنانين الذين يُحيون حفلات في الخارج ويستثمرون أموالهم هناك، وحتى أولئك الذين تطلبهم بعض الدول الخليجية لحفلات تنظّمها خلال بعض المناسبات مثل ليلة رأس السنة، والذين يغطّي عددهم على عدد الفنانين من جنسيات أخرى، فيما لا يضغطون من أجل تنظيم تلك الحفلات في لبنان لتحريك الدورة الاقتصادية فيه، أجاب حبيقة:"هذا ليس من شؤون الفنّانين، بل يعود الى الحكومات والدول. فالفنّان يغنّي حيث يُطلَب منه، ويجب أن يهتمّ بأعماله، وإطلالته".

وأضاف:"أما بالنّسبة الى ما يجنونه من أموال، فيحقّ لهم بأن يستعملوها حيث يريدون. ولكنّهم يحرّكون الدورة الاقتصادية في لبنان أيضاً، لأنهم يُنفقون جزءاً منها في الداخل اللبناني حتماً، سواء في شراء منازل، أو على مستوى طبيعة حياتهم "المرتاحة". وبالتالي، حفلاتهم خارج لبنان مُفيدة، وهي أفضل من لا شيء".

 

دور لبنان

وأوضح حبيقة:"ملايين الدولارات التي تخرج من لبنان في ليلة واحدة، لصالح فنّان عربي أو أجنبي، يُقابلها ملايين الدولارات الأخرى التي تكون حرّكت الدورة الاقتصادية في لبنان، على مستوى حركة المطاعم، والفنادق، والسياحة الشتوية أو الصيفيّة، والمهرجانات".

وختم:"يهمّنا الحفاظ على دور لبنان السياحي والمميّز في المنطقة، مهما كانت الظروف صعبة. وحتى إن تلك الأخيرة تحتّم القيام بمزيد من الجهود والنشاطات، من أجل حفظ دور لبنان النّاشط".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار