اللّيرة تسقط ونحن "نتساقط" معها فشيّعوها الى "مثواها الأخير" قبل أن "تقصف أعمارنا"!... | أخبار اليوم

اللّيرة تسقط ونحن "نتساقط" معها فشيّعوها الى "مثواها الأخير" قبل أن "تقصف أعمارنا"!...

انطون الفتى | الخميس 16 فبراير 2023

منصور: الاستغناء عن اللّيرة لا يمسّ بالسيادة وسيضع حدّاً للانهيار بالتوازي مع خطّة لتحسين الاقتصاد

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

أصبحنا وسط إبادة حقيقيّة، بين سلع مُدَوْلَرَة عملياً من دون إعلان رسمي عن ذلك، وبين أخرى مُدَوْلَرَة باعتراف رسمي، فيما دولار السوق السوداء يعلو واللّيرة اللبنانية تنهار وتسقط، بينما تسقط معها وتنهار شرائح اجتماعيّة لبنانية كاملة بعدد الدقائق والساعات، وبشكل كارثي.

 

بسرعة فائقة

وأمام هذا الواقع، ليس أمامنا سوى الدّعوة الى وقف الضّحك على عقول الناس، لأن الحلّ ما عاد بانتخاب رئيس للجمهورية، ولا بتشكيل حكومة، ولا بمجالس نيابية، ولا ببَدْء تطبيق الإصلاحات، التي وإن كانت مهمّة جدّاً، إلا أن قطاف ثمارها قد لا يبدأ إلا بعد أعوام من تطبيقها.

فما الذي يتوجّب القيام به للحدّ من المجازر المعيشيّة والحياتيّة اليوميّة، وبسرعة فائقة؟

 

 

دمار اقتصادي

شدّدت الاختصاصيّة في الاقتصاد النّقدي والسياسات المالية والأزمات الاقتصادية في الدّول المُدَوْلَرَة، الدكتورة ليال منصور، على أن "مشكلة لبنان ليست بالفساد كفكرة فضفاضة، بل بمرحلة الفساد الذي وصل إليه البلد. ففساد لبنان بلغ مرحلة الحاجة الى الدَّوْلَرَة القصوى، وهو ما يعني أننا وصلنا الى أعلى مرحلة من الفساد التي تقود الى الدّمار الاقتصادي، والإبادة المعيشيّة والحياتيّة للناس".

وأكدت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الحلّ الذي أتحدّث عنه منذ سنوات، والذي بات الجميع يشعر بالحاجة إليه حالياً، يكمُن بالاستغناء عن اللّيرة اللبنانية. فأي حلّ يبحثون به بوجود اللّيرة وسط الظّروف اليوميّة الرّاهنة هو تضييع للوقت، وزيادة للصّعوبات والمشاكل المعيشية والحياتية. كما أن الاستمرار بتشخيص أزمة لبنان وكأنها أزمة اليونان، و(الاستمرار) بتشخيص مشكلة المصارف فيه وكأنها مشكلة المصارف في قبرص، يعني أننا لا نزال بعيدين جدّاً من الحلّ".

 

تأخير الحلول

وأشارت منصور الى أنه "صحيح أن اتّخاذ القرار بالاستغناء عن اللّيرة لن يضعنا بالجنّة في اليوم التالي، ولن يُعيد الودائع للناس، ولكنّه سيحسّن الوضع، إذ سيضع حدّاً للانهيار بالتوازي مع خطّة لتحسين الاقتصاد. وهو قرار يُشبه من يقدّم قطعة أرض لفقير، مع ترك هندسة البناية ومستقبل استخدامها له، ووفق خطّة إصلاح وإنقاذ. وبالتالي، هو قرار لا يمسّ بالسيادة اللبنانية، وكل الذين يقولون إنه غير مُوافق للسيادة يجهلون حقيقة وأهميّة هذا النّوع من القرارات في البلدان ذات الانهيارات الاقتصادية التي تشبه الانهيار اللبناني الحالي. فالدَّوْلَرَة الشاملة تشمل إصلاحات كثيرة أيضاً، ومجالات الخَصْخَصَة التي توفّر السّيولة الماليّة للبنان بالدولار، شهرياً".

وأوضحت:"الدَّوْلَرَة الشاملة تبدأ بالمستوى الذي نحن فيه الآن، أي ان من يساوي راتبه الحالي باللّيرة اللبنانية نسبة 50 دولاراً مثلاً، سيحصل عليه هو نفسه، وبالدولار. ولو بدأنا بتطبيقها قبل عامَيْن، لكانت قيمة راتب الـ 50 دولاراً اليوم، بمستوى الـ 500 دولار ربما آنذاك، وذلك نظراً الى أن الانهيار ما كان عند المستويات الحاليّة. وأما إذا تأخّرنا بَعْد أكثر، وسط الانهيار المتسارع هذا، فقد تُصبح قيمة الرواتب بالدولار بحدود 3 دولارات شهرياً. فكلّما تأخّرنا بالحلول الاقتصادية، كلّما زادت الصّعوبات المعيشية".

 

في المستقبل

وردّاً على سؤال حول إمكانيّة أن يزيد الفقر في لبنان، حتى ولو وقّعنا على برنامج مع "صندوق النّقد الدولي"، وسط الجوّ الحالي، أجابت منصور:"برنامج "صندوق النّقد" لا يحسّن الوضع الاقتصادي. فكيفيّة استعمال القرض والبرنامج هو الذي يجعل البلدان ناجحة أو فاشلة، وليس حصولها على القرض بحدّ ذاته. ومن هذا المُنطَلَق، يتمّ التّشديد على الإصلاحات كعامل مُرافق لأي قرض مُمكن أن يحصل عليه لبنان".

وعن احتمالات العودة الى اللّيرة اللبنانية في وقت لاحق، بعد تصحيح الانهيارات الاقتصادية والمعيشيّة الحاليّة الحادّة، شرحت:"من النّاحية التطبيقية العلمية، لا يمكن العودة الى اللّيرة إلا بعد مرور سنوات طويلة، قد لا تقلّ عن 80 عاماً مثلاً".

وختمت:"من المُستحيل العودة الى اللّيرة مع وجود الجيل اللبناني الذي عاش الانهيار الحالي. ولا بدّ من مدّة زمنيّة طويلة نوعاً ما، قد تمكّن أحفاد الجيل اللبناني الحالي، أو أولاد أحفاده، من العودة الى استعمال اللّيرة بطريقة سليمة مستقبلاً".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار